حسين صقر:
كم من الفرص يضيعها الشخص على نفسه نتيجة الخوف من المواقف الاجتماعية، وكم من المرات يغيّب نفسه وهو حاضر، وكم مرة يرغب بالكلام والتعبير عن نفسه أو إبداء رأيه، وكان الخجل له بالمرصاد يصطاده كفريسة سهلة، ويوقعه بفخ التردد.
وغالباً مايترافق الخجل مع الخوف ويتقاطع معه بعدة نقاط عضوية ونفسية، حتى أنهما يتماهيان بنفس الأعراض إلى حد ما، لأن الخائف لايكون قادراً على التقاط أنفاسه، وترتعد فرائصه، ويخفق قلبه وقد يتصبب منه العرق وقد يشعر بالدوخة والدوار.
والخجل قد تكون أسبابه وراثية وبيئية وتربوية وقد تكون أيضاً عضوية ولها علاقة ببنية المخ، وقد تكون نتيجة الشكل العام للشخص، فمن لايعجب بنفسه ولا تملأ شخصيته عينيه، قد يكون معرضاً لذلك، لكن مهما تعددت الأسباب لايوجد هناك أي مرض نفسي ليس له علاج، فكيف إذا كان يختلط فيه السبب العضوي.
وفي هذا السياق يؤكد الاختصاصي النفسي جريس مخول في حديث للثورة: أن الشخص الخجول يصعب عليه التعامل مع أشخاص غير معتادين أو غرباء، كما يتجنب حضور الحفلات أو اللقاءات الاجتماعية، كما تصل به الصعوبة لأن يحرم نفسه من الذهاب إلى العمل أو المدرسة، أو بدء محادثات مع الآخرين، سواء من خلال التواصل البصري الحي أو المباشر ، أو عبر التقنيات، وقد يصل به الحال الامتناع عن دخول غرف الانتظار والقاعات العامة، أو ربما إعادة المنتجات إلى المتجر، وتناول الطعام أمام الآخرين، أو المشاركة في الأفراح والأتراح.
وأضاف مخول أن ماسبق يؤدي بشكل طبيعي إلى تراجع الثقة بالنفس، وصعوبة التيقن من الأمور، والحساسية الشديدة للنقد، وضعف المهارات الاجتماعية، والانعزال وصعوبة تكوين العلاقات الاجتماعية، وضعف الإنجازات الأكاديمية والوظيفية، ثم الإدمان و الإفراط في تناول الكحول، وقد يؤدي الأمر بالمصاب إلى الانتحار أو المحاولة في ذلك.
وأوضح أن أسباب الخجل قد تعود إلى تفاعل معقد بين العوامل البيولوجية والبيئية، كالخصائص الوراثية، وبِنية الدماغ، حيث تؤدي منطقة في الدماغ يُطلق عليها اللوزة دوراً في التحكم في الاستجابة للخوف، وقد يكون لدى الأشخاص ذوي اللوزة مفرطة النشاط استجابة عالية للخوف، ما يسبب زيادة القلق في المواقف الاجتماعية.
كما قد يكون اضطراب القلق الاجتماعي سلوكاً مكتسباً، فالبعض قد يُصاب بقلق بالغ بعد موقف اجتماعي غير سار أو محرج، منوهاً بأن الأعراض المرافقة للخجل كثيرة أبرزها احمرار الوجنتين، وتسارُع ضربات القلب، و الارتجاف، والتعرُّق، اضطراب المعدة أو الغثيان، والشعور بأن عقلك قد فرغ تماماً، وتوتر العضلات.
وقال مخول: رغم ذلك يمكن اتخاذ خطوات لتقليل تأثير الأعراض كالحصول على المساعدة مبكراً، من خلال تعزيز ثقة الشخص بنفسه وعدم الإشارة لأخطائه، وجعله يحتفظ بدفتر يوميات يمكنه من الاحتفاظ بسجلات لحياته، كما من الممكن أن يساعده اختصاصي الصحة العقلية على تحديد أسباب التوتر والظروف التي تساعدك على الشعور بالتحسن، ثم تعيين أولويات حياته من خلال مساعدته على إدارة وقته وطاقته بعناية،حيث يمكن لمزود الرعاية الصحية، أن يضع له برنامجاً علاجيا أو مجموعة دعم لمساعدته، وهناك بعض الأدوية عن طريق طبيب نفسي، لتقليل إفراط إفرازات اللوزة.
سيرياهوم نيوز 6 – الثورة