منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023، أثبتت bbc زيف كل المثل الأخلاقية والصحافية والمهنية والإنسانية التي ترفعها، وتوائمها مع المصلحة الاستعمارية التي تعكسها. ففي الوقت الذي تُنادي فيه الشبكة البريطانية بحرية الرأي والتعبير، تمارس عملية قمع ممنهجة ضدّ صحافييها الذين يؤيدون القضية الفلسطينية. للمرة الثانية على التوالي في غضون أشهر قليلة، أوقفت «bbc عربي» الصحافية سالي نبيل عن عملها الأسبوع الماضي وأحالتها إلى التحقيق الداخلي. ليست المرة الأولى التي تجمّد فيها الشبكة البريطانية عمل الصحافية المصرية التي انضمّت إليها قبل أكثر من عشر سنوات، بل سبق أن أوقفتها في بداية العدوان الإسرائيلي على غزة ثم عادت عن قرارها لاحقاً.
أتت خطوة الشبكة البريطانية الناطقة بالعربية، بعدما نشرت صحيفة «تلغراف» البريطانية الموالية للعدو الإسرائيلي، مقالاً في بداية شهر شباط (فبراير) الحالي ضدّ الصحافية المصرية، موجّهة إليها تهمة «معاداة السامية». التهمة أصبحت بمثابة شمّاعة يلجأ إليها الإعلام الأجنبي لتوقيف الصحافيين العرب الداعمين للقضية الفلسطينية. وسبق أن استندت إليها شبكة «دويتشه فيله» (DW) الألمانية الناطقة بالعربية و«فرانس 24» الفرنسية (الأخبار 6/12/2021) قبل أعوام في عملية تصفية الموظفين الذين يدافعون عن حقوق الفلسطينيين. في هذا السياق، استند مقال «تلغراف» الأخير إلى عملية تجسّس واضحة على صفحة سالي نبيل الشخصية على تطبيق X، معتبراً أنّها «خالفت قوانين الشبكة» بعدما كبست زر إعجاب (لايك) على مواضيع وصفتها بأنها «معاداة للسامية». ولفتت الصحيفة المتصهينة إلى أنّ «سالي أبدت إعجابها بتغريدة في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، تضمّنت ادعاءات لا أساس لها من الصحة، بأنّ أعداداً كبيرة من اليهود من جميع أنحاء العالم يشترون الأراضي في شمال قبرص، بهدف الاستيلاء على الأراضي لمصلحة إسرائيل».
وأضافت الصحيفة في مقالها بأنّ «الصحافية نفسها التي تعمل في bbc في القاهرة، أعجبت بتغريدة تؤيّد كلمات أسيرة إسرائيلية مُفرج عنها أعربت عن «عميق امتنانها» إلى منظمة «حماس» على معاملتها». وتضمّن مقال «تلغراف» صورة شخصية للصحافية المصرية، وذكّرت بتوقيفها عن العمل في بداية العدوان، مضيفةً: «سالي وعدد من زملائها، أبدوا، في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، إعجابهم بتعليق على مقطع فيديو يظهر شاحنات محمّلة بقتلى إسرائيليين ومدنيين مختطفين في 7 تشرين الأول الماضي».
تقدّم نقيب الصحافيين المصريين خالد البلشي بمذكرة إلى مكتب BBC
على الضفة نفسها، أتت خطوة توقيف الصحافية مرة أخرى، بعدما جمّدت الشبكة عملها مع اندلاع عملية «طوفان الأقصى» في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي بحجة «معاداة السامية» و«انتهاك» قوانين الشبكة، وهما اللبنانيتان سناء الخوري وندى عبدالصمد، والمصريون سلمى خطاب، وسالي نبيل، وآية حسام، ومحمود شليب. ولاحقاً، عادت الشبكة عن قرارها ضد موظفيها، مشترطة عليهم عدم إبداء أي موقف داعم للفلسطينيين، بينما رفعت الصحافية ندى عبدالصمد دعوى قضائية ضد BBC، متهمة إياها بعدم الوقوف إلى جانب الصحافيين الذين شُهِّر بهم في مقال «تلغراف» ونشرت صورهم وتغريداتهم على منصة X. على الضفة نفسها، أثار توقيف سالي نبيل للمرة الثانية عن عملها، جدلاً واسعاً في الوسط الإعلامي المصري. فقد تقدّم نقيب الصحافيين المصريين خالد البلشي بمذكرة إلى مكتب BBC في القاهرة بشأن استدعاء عضوة النقابة سالي للتحقيق ووقفها عن العمل على إثر اتهامات بـ«مخالفة قواعد bbc».
من جانبها، أعربت لجنة الحريات في نقابة الصحافيين المصريين عن تضامنها مع سالي، معتبرة أن ما «تعرّضت له يمثّل استهدافاً مباشراً من قبل المؤسسة للصحافيين العرب، ورأت في ذلك انتهاكاً صارخاً لحقّ التعبير وحرية الصحافة» على حد تعبيرها. ولفتت اللجنة إلى أنّ «إجراء إحالة الموظفين للتحقيق ليس الأول من نوعه، ويُظهر وجود ازدواجية معايير في المؤسسة».
سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية