آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » العامية تدخل إلى القلوب دون استئذان … الشاعر نزار فرنسيس : الشام عصارة التاريخ بأكمله وحضارة عمرها آلاف السنين

العامية تدخل إلى القلوب دون استئذان … الشاعر نزار فرنسيس : الشام عصارة التاريخ بأكمله وحضارة عمرها آلاف السنين

| إسماعيل مروة

في(مزيارة) على ارتفاع ثمانمئة متر وبحضور ثقافي لبناني متميز بدأ الشاعر نزار فرنسيس إلقاءه بأبيات لدمشق التي أحبها ويحبها، ثم دار في أشعاره المحكية على الروائع التي نحفظها (تعا ننسى) و(الورد سكوت) فاختصر بدمعتين رحلته مع الكبير ملحم بركات التي استمرت ربع قرن، وأعطى لملحم أغنيته التي نعرف «حبو سورية» هناك وعلى هامش حفل توقيع ديوان شعري للشاعر الياس دعبول (الذوبان) أخذ نزار فرنسيس ركناً وبدأ الحديث لـ«الوطن»، وبثّ مشاعره للبلد التي يحبها، نزار فرنسيس وهنري زغيب وإلياس دعبول وحب للشعر والأدب، ونظرة للغد القادم كانت أمسية ما بين قاسيون وذرا لبنان، وسؤال المحبين عن سورية.

الله أكبر يا دمشق كم يليق بك العشق
وكم أنت في الشرق جميلة وكم جميل بك الشرق
ستبقين رغم أنوفهم ستبقين ما بقي الحق
مساجد تعلو مآذنها كنائس بأجراس تدق
رب وصف لم يرق لهم إنما الوصف الأدق
كنائس تعلو مآذنها مساجد بأجراس تدق

• ما مناسبة هذه القصيدة التي تتغنى فيها بدمشق؟

أنا أرى الشام كذلك هي عصارة التاريخ بأكمله، والعروبة بالنسبة لي هي خمس حضارات ونحن نعيش في واحدة منها فيجمعنا تاريخ واحد وجغرافيا واحدة وعادات وتقاليد واحدة وصفات مجتمعية واحدة وكذلك الأغاني والفنون المعمارية والشعبية والدبكات والعتابا، وهي حضارة عمرها آلاف السنين وليست حديثة الولادة ولا تتبع لأي حضارة أخرى فهي وجدت في هذه البقعة في البلاد التي نعيش فيها سواء سورية أم لبنان أم فلسطين وجزء كبير من الأردن ويجب علينا أن نعرف ونلقن تاريخ هذه المنطقة لمن لا يعرفه.

• بدأت بالفصحى وأنت شاعر الأغنية المحلق، ما العلاقة بينك وبين الفصحى شعرياً وما بين العامية؟

العامية برأيي تدخل إلى القلوب من دون استئذان، فيها من الشفافية والصدق الشيء الكثير الذي يزيد على الفصحى إنما الفصحى هي أثبت في البقاء وطول الأمد فهي تحيا أكثر وتعمم أكثر.

كنت إلى جوار الفنان الكبير الراحل ملحم بركات عند وفاته، ما العلاقة التي كانت تربطك بملحم بركات؟

ملحم بركات كان حالة من الفن والإبداع فيها مزيج من الجنون الإبداعي الذي تميز به عن غيره، فلم يكن مطرباً فحسب كان صاحب صوت كامل على السلم الموسيقي وكان صاحب صوت جميل ولديه احتراف في الأداء والغناء، أضف إلى ذلك الإبداع الموسيقي الذي كان لديه، فأضاف للمكتبة الموسيقية العربية أعمالاً خالدة من الموسيقا التي تدرس في كثير من المعاهد الموسيقية العربية ومن أمثلتها أغنية تعى ننسى التي تدرس في معاهد موسيقية في المغرب وفي حلب بسورية، حيث أضاف جملاً موسيقية عفوية وقريبة للغة المحكية في الشعر فأسس مدرسة خاصة به، أضف إلى ذلك الكاريزما العالية التي كان يتمتع بها ملحم بركات فنجوميته كانت محببة إلى قلوب الناس وهو ما قل أن نجده في شخص واحد في آن معاً، فكان ذا شخصية مبدعة في الصوت والتأليف لم تكن موجودة في غيره.

وعلاقتي فيه كانت بدايةً تنطلق من الصداقة حيث لمست ما بداخله من شفافية ووفاء وصدق وتعاطيت مع تلك اللمسة من الجنون على أنها لمسة إبداعية تضيف إلى إبداعه، وفي العقدين الأخيرين من حياته كانت كل أغنياته من كلماتي وتأليفي ولعل أغنية تعى ننسى من أهم ما غنى ملحم بركات فهي تعني لي الكثير وتحتل مكاناً كبيراً في قلبي لأنه كتبت ولحنت بوجود الراحل وتم ذلك خلال فترة وجيزة من الزمن لم تتجاوز العشرين دقيقة.

• من الملاحظ أنك لا تقع في مشكلات مع مغنين أو ملحنين، ما السبب وراء ذلك؟

لأنني أتقن إنتقاء من يشبهني، وأنا لم احترف الشعر الغنائي من أجل التجارة، ورغم تاريخي الشعري الطويل الذي يمتد 35 عاماً لكن لم يحدث أن طلبت من أحدهم أن يؤدي أغنية أنا كتبتها، ولم أبحث مطلقاً عن تحقيق مردود مادي من الشعر الغنائي وإنما من أجل ترك رسالة تكون مرآة حضارية أعبر عن مجتمع أنتمي له.

• تحضر في مناسبات سورية كثيرة وكان حضورك مؤثراً، ماذا يعني لك الارتباط الوجودي السوري اللبناني في الوقت الذي كان فيه كثيرون يبتعدون؟

أنا مؤمن بهذه الحضارة الواحدة وبهذا الانتماء الواحد والأرض الواحدة، أنا تربيت في رأس بعلبك وترعرعت على فكرة ما قبل الاستقلال اللبناني وما قبل الحدود، وأكد لي والدي أننا ننتمي إلى المدن والأرياف السورية حيث كان مركز مدينة حمص أقرب بكثير من مركز المدينة عندنا وكنا نقصدها كثيراً في تأمين احتياجاتنا، وهذا التبادل المجتمعي والمعيشة المشتركة والصداقات التي كانت تمتد من جيل إلى جيل بقيت راسخة في ذهني، وأنا شغوف بها وأحاول أن أحافظ عليها لأنني أتمنى استمرارها لأن توريث الصداقة مهم جداً، ففيها انتماء وتواصل وعيش حقيقي مشترك وليس مجرد كلام.

• ألقيت كلمات غناها وليد توفيق وقد غنى لك؟

أنا احترم هذا الرجل جداً فهو نجم بحق وذكي جداً لأنه استطاع الدخول إلى قلوب الجمهور العربي بسرعة هائلة ولا يزال يحافظ على اسمه وتاريخه الفني واتجه للتعاون معي من أجل الخروج من عباءة الأغاني المصرية التي اشتهر بها حيث تم التشارك في أعمال كثيرة مؤخراً ومنها ((طير صغير)) وهي من ألحانه.

• ما أهم الأغنيات التي ألفتها وترتبط بلبنان وسورية؟

أنا ألفت أغنية ((قلعة أمجاد العرب)) 2006 وكذلك أغنية ((لبنان وسورية رمز الوحدة العربية)) التي غناها الراحل ملحم بركات، أنا أعتبر كل أغنية أكتبها للبنان تعنيني أيضاً كسورية فعندما أكون في سورية على سبيل المثال وأسمع فيروز أشعر وكأني في بلدي لم أغب عن بلدي ولم أبتعد عنها وأتغرب، فعندما تسمع صوت فيروز في الشام وفي أزقتها ومن نوافذها عند الصباح تشعر بالشبه الكبير بين هذه الناس وبيننا تحب ما نحب فأشعر بالانتماء الحقيقي.

• بالفترة الأخيرة شاعت قصائدك في اليوتيوب، هل يزعجك هذا الشيء؟

بالتأكيد لا يزعجني فنحن شئنا أم أبينا نعيش في عصر السوشل ميديا وانتقلنا إلى الانتشار وصفحاتي الشخصية على الإنترنت أستعملها لإرضاء الناس ومن أجل منفعتهم، فمن لا ينفع الناس كمن لم يقدم شيئاً في الدنيا، الأثر الحقيقي هو نفع الناس وإعطاؤهم ما يفيدهم أو محتوى يستمتعون به، وأنا أحرص دائماً بمناداتهم ((يا أشباهي)) فأحب أن يشبهني جمهوري ومن يشبهني يفرحني ويعطيني دفعاً معنوياً ومسؤولية أكبر.

• ما القصيدة التي ألفتها ولم تتوقع لها النجاح الكبير وأحدثت أصداء جميلة؟

أهل الوفا صاروا قلال كتير
وبعدن مع الأيام بيقلو…
جرب شي مرة اختبار صغير
بتعرف حقيقة هالزمن كلو…
كب القمح بتغط العصافير
كب العضم الكلاب بيطلوا…
كب حالك شوف شو بيصير
بيفلوا الكل بالظرف العسير
ووحدن رفاق الصح بيضلوا.

• لو تكلمنا من منظور الشعر، وكما هو معروف فإن الشاعر يستشرف المستقبل، كيف ينظر نزار فرنسيس إلى المستقبل في لبنان وسورية والعالم العربي؟

أنا متفائل وفي حال لم نكن متفائلين علينا أن نبحث عنه لنجده، أعتقد أن الأيام العصيبة انصرمت ودخلنا في مرحلة جديدة وآمل أن نكون صادقين مع أنفسنا ونبني مستقبلاً مشرقاً نهديه للجيل القادم بكل صدق وأمانة، ولا بد أن يكون القادم أفضل وأجمل وعلينا جميعاً أن نتمسك بالأمل، ومن لا يملك هدفاً فلا قيمة لوجوده، ومن ذلك علينا أن نصنع الأفضل دائماً ونبدأ بأنفسنا.

• هل اكتفى نزار فرنسيس بوسائل التواصل عن طباعة أعماله الفصيحة والمحكية؟

صراحةً أنا أعشق رائحة الورق والحبر، وأقدر جداً الطباعة، ولكن ضغوطات الحياة أخذتني إلى أماكن مختلفة وتنوعي الشعري هو ما فرض عليّ الحضور في عدة ميادين معاً، فأكون أحياناً في مناسبات وطنية كبيرة وأحياناً في مسارح عظمى ولديّ جمعية أتبناها وأعتني بها وأقدم المساعدة للبعض، فاستحوذت الأعمال الخيرية في بعض الأحيان على بعض وقتي، فلم يعد التركيز على طباعة الأعمال وجمعها.

• لمن تفتقد اليوم؟

افتقد نزار القديم، وفي بعض الأحيان أحن إلى أيام الشباب

• هلآ أسمعتنا قصيدة حب الآن؟

رح رجع العمر المرق من أولو
وأرسم عيونك وعد ع جبين السهر
قالوا القمر بيموت بالشعر الحلو
رح ضل قلك شعر تيموت القمر

• لمن تشتاق اليوم غير نزار فرنسيس؟

عندما توفي ملحم بركات قلت: سأستيقظ يومياً أفتقد ملحم بركات، كل أيامي القادمة سينقصني ملحم بركات، وما زلت على هذا الحال.

خلصو الليالي والسنين الماضية
والصوت راح وما بقي إلا الصدى
من بعد منك هالمسارح فاضية
سمعت الموسيقا بس مش شايف حدا.

 

سيرياهوم نيوز3 – الوطن

x

‎قد يُعجبك أيضاً

المخرج علي عباسي يعكس «الروح» الأميركية: «المتدرّب» دونالد ترامب… سيرة محتال عظيم

على حسابه على موقع «تروث سوشال»، هاجم دونالد ترامب فيلم «المتدرب» (The Apprentice) الذي عُرض للمرة الأولى في «مهرجان كان السينمائي» الأخير، ووصل إلى الصالات ...