الرئيسية » ثقافة وفن » الفن الذي افتقدناه!!

الفن الذي افتقدناه!!

 علي الأحمد:
قد يبدو الأمر هنا، بمثابة حالة حنين مزمنة، نحو ذلك الزمان الموسيقي الذي انقضى ، حين كان هذا الفن مدعاة للفرح والمسرّة، وخير معبر عن النفس البشرية، في اتجاه التسامي والخير والجمال.
لكن، ما الذي استدعى تغيير مساره ومسيره الروحي في عالم الإنسان، وكأنه فقد جذوته الإبداعية مرة واحدة، لصالح المكننة والكمّ والنفعية المريضة، حيث لامكان ومكانة له، في مشهد عبثي، يتسابق فيه الجميع على تكريس اللامعنى وكل ماهو عابر وزائل،هل نحن في حاجة الى ذكر وسوق الأمثلة والشواهد على هذا الواقع المرير؟ نعم قد تبدو بعض الطروحات المعاصرة صحيحة ومقنعة الى حد ما، باعتبار انه من الطبيعي أن يعبّر هذا الفن عن زمنه وبيئته ومزاج إنسانه المعاصر، لكن أي تعبير إن لم يكن ضمن أنساق ومسارات التجديد والحداثة التي تحمي المنجز القديم، وإعادة اكتشاف المخبوء فيه الذي طالته يد النسيان والإهمال. بغية الاستفادة الممكنة من روحيته ومزاجه الخاص في عمليات التأليف والممارسة برؤية معاصرة منفتحة على اللغة الموسيقية التعبيرية والجمالية.
لكن مع كل أسف، نرى العكس في هذه الطروحات التي تتبنى لغة تغريبية، والقفز عن هذا المنجز والتاريخ الابداعي لفنٍ لطالما كان كما أسلفنا خير معبر عن قضايا الوطن والإنسان الجوهرية، وهذا يطرح بدوره أسئلة من واقع المشهد الموسيقي المعاصر الذي يمتلئ ويفيض بالأدعياء ممن أدركتهم مهنة الفن بمحض الصدف لأسباب معلومة، مما انسحب على القيمة والجودة الفنية المنشودة، لصالح نتاجات كابوسية تورث المرء أمراض لاحصر لها، خاصة مع تسيّد البُعد الحسي المريض أغلب هذه النتاجات المفبركة التي تصرف وتبذر عليها الملايين، من أجل أن ننعم ونتذوق تلك الوجبات الفنية المسمومة المركبة والمصنعة في مختبرات العولمة التي تنشر لونها الموسيقي المتأمرك على الجميع بفعل سطوتها الاقتصادية والاعلامية المرعبة، هذا مايحدث في أغلب موسيقات الشعوب، التي وجد بعض الموسيقيين فيها الفرصة سانحة للتطرف الموسيقي الأرعن عبر صعود وتبني هذه اللغة التجارية الاستهلاكية في سبيل حلم هو أقرب الى الوهم نحو الوصول الى العالمية عبر ماتوفره بعض المنصات الانتاجية والاعلامية من فرص لهؤلاء فرسان التقليد والتصاغر في حضرة الآخر، مهما كانت الأثمان، ونسي هؤلاء أو تناسوا أن هذه الفرص الخلبية مجرد فقاعات وسط محيط وطوفان استهلاكي جارف لا انحسار له، والاعلام العالمي متخم الى حد الانفجار بهذه العينات الفنية المريضة، فماذا يفعل العالم بكل هذه النفايات الفنية وأطنانها التي تتزايد يوميا، وأذن وذائقة المتلقي لم تعد تحتمل كل هذا الضجيج والزعيق الأرعن، الذي بات سمة غالبة في هذا المشهد الكارثي، والذي يفقد معه هذا المتلقي كل حواسه وتُسلب ذائقته الجمالية، لصالح هذا الفن المعلب المبستر الذي يموت أغلبه لحظة ولادته، لأنه فن نما خارج بيئته الوطنية وتربتها الأصيلة التي وحدها انتجت عبر التاريخ الفن الراقي الأصيل والجليل على مر العصور، ألم يقل ” لونجينوس” بأن الجليل في الفن يبهج الناس جميعا وفي كل العصور؟

سيرياهوم نيوز 6 – الثورة

x

‎قد يُعجبك أيضاً

التعامل مع الزمن جاء بنسخة جديدة في أعمال الدراما لموسم 2024 … سامر البرقاوي : الفكرة اللونية واحدة من التقنيات التي حاولت استخدامها لتخرج المشهد من سياقه الزمني

هلا شكنتنا   يشير السرد الزمني إلى ترتيب الأحداث في القصة بالترتيب الذي حدثت به، وهو نوع من البنية السردية التي تتبع خطاً زمنياً، حيث ...