أصدرت الشاعرة ثناء أحمد مجموعتها الشعرية الرابعة “أحلام نائمة” بعد مجموعاتها الثلاث المتتالية وهي: “اللون الأحمر” و”صقيع ساخن” و”في حضرة الغياب”. وتتميز مثل إصداراتها السابقة بجمالية الصور والصفات الموحية بالمعنى المراد، ضمن مسارها الأدبي بتبني قصيدة النثر.
وابتداء من العنوان الحامل دلالات تنبئ بعتبات النصوص نستشفّ صور هذه الأحلام المؤجلة والضائعة في مهب الريح، لتبقى نائمة بين طيات المجموعة.
وقد اتسمت مجموعة “أحلام نائمة” بالتنويع بين تشكيل مفردات القصيدة، إذ اتخذ بعضها طابع الومضة المحمّلة بطاقات شعورية كثيفة، تصوّر حالة واقعية إنسانية تختزل التغييرات العاطفية والزمنية، وتبوح بشكل غير مباشر بالشر الموجود رغم كل المحاولات بالابتعاد عن الأشرار والخيبات، داعية إلى مواجهة الحدث بعيداً عن تجميله موظفة وسيطاً هو الترجمة، في قصيدة “فنّ الترجمة”:
كيف نقنع العصافير المسالمة أن فحيح الأفاعي
لا يصمّ الآذان عن زقزقتها؟؟
بينهما شرخ فيه تموجات
فيه خيبات
ونحن في زمن
حواراته تستعين بالجمر
ترتل آيات العاصفة
لا وقت كاف
لإتقان فنّ الترجمة
وفي قصيدة “لستُ غاضبة” التي اتخذت طابع القصيدة الومضة أيضاً تعبّر عن حالتها النفسية موظّفة اللون والنغم للتعبير عن حالة القلق:
لستُ غاضبة
لكن بنفسج المداد
يتمتم عند شرياني
ابتهالات تشهق
لها الدورة الدموية
والقلب من حبر الشرود
يتكئ بمهابة على نغم القلق
كما اتكأت على الأساطير في تصوير غضب الأنثى مستحضرة ملحمة جلجامش فعنوّنت بها القصيدة:
جلجامش
ها قد أضعت عشب الخلود
في محطات الغرور
مات أنكيدو
وحلت عليك لعنة عشتار
بعد اليوم
لا غفران لا غفران
ويبقى الحب بلسم الروح والملاذ الخفيّ، فتخاطب الحبيب بلغة مباشرة مقاربة بين الموجودات والحالة الشعورية في قصيدة “أحتاجك” المؤلفة من مقاطع عدة:
عند شرفة هذا القهر
بعيداً عن ذعر الخيانات
أحتاجك… كم أحتاج
ويبدو أسلوبها أوضح في قصيدة “فلسفة الريح” التي ارتبطت بذكرى يوم فاصل:
على مشجب المرحلة
علقتُ أيار…
وذاك الخيط الفاصل للماضي
لن أبتره
لن أبتره أبداً
وتقحم الشاعر نفسه في دائرة الخيبات فلا يجد سبيلاً إلى باللجوء إلى القصيدة، في قصيدة يقول شاعر:
كلما تعبتُ من قضم أظافري ومن خشونة
الصمت
أرحل للقصيدة
هي وعدتني… هي وعدتني
أن تنتشلني
من صراخ العائلة
وعبث الخطا
ومواسم النار
أرحل إليها
هي وعدتني أن تحررني
من حديد شبابيك وطني المائلة
أرحل إليها…
وفي قصائد أخرى استخدمت العناوين المباشرة بأسلوب الأمر مثل “دعك، لا تقترب، ارحل أو صفق للفعلة”، وفي أخرى استخدمت التضمين بالعناوين مثل “ما أحلى الرجوع إليه”، ويبقى العنوان الأجمل المختزل رومانسية اللحظة “المطر”.
مؤثرات خاصة وعامة
وفي حديثها مع “البعث” أوضحت ثناء أحمد أن هذه المجموعة “أحلام نائمة” تعبّر عن خلاصة انعكاسات، تجمع بين ثناياها مشاعر وجدانية وعاطفية ووطنية ممزوجة بإحساس إنساني، إذ تنوعت النصوص التي أخذت شكل القصيدة النثرية من حيث الطول، فبعضها مال نحو القصر إلى حدّ الومضة الشعرية والقسم الأعظم كان له امتداد، وهذا يتبع للحالة أو الموقف أو الحدث. متابعة: فكتاباتي وفق تصنيفي الخاص هي نتاج إرهاصات ومؤثرات خاصة وعامة دفعتني لأنقل هذه المشاعر من النفس إلى الورق مستعينة باللغة الرمزية والانزياحات والوصف بالصور كسبيل للمقاربة. وأعتقد أنني بهذه المجموعة كنت أكثر نضجاً لأنه لابد لمخزوننا الثقافي المعرفي والذي أعمل على رفده باستمرار من أن يؤثر على المستوى الفكري والأسلوبي بشكل إيجابي.
أما عن مشروعاتها القادمة فتنتظر مجموعتها القصصية بعنوان “شرارات مفيدة” بعد مجموعاتها الشعرية، إضافة إلى انتقالها من قصيدة النثر إلى الشعر العمودي في المجموعة القادمة بعنوان “أمواج العاطفة”.
( سيرياهوم نيوز ٤-البعث )