غزة | لا تناسب مفردتا «مجزرة أو جريمة»، السلوك الانتقامي الإسرائيلي، الذي أخذ منحًى أكثر عدوانية وكثافة، ابتداءً من مساء الأحد، عندما استيقظ أهالي قطاع غزة على وقْع قصف عشرات المنازل على رؤوس ساكنيها. ففي حيّ السلاطين، في شمال غزة، أغارت طائرات الاحتلال على أربعة منازل، آخرها واحد يعود إلى عائلة القطناني، قُصف على رؤوس 11 شخصاً، قضوا جميعهم تحت أنقاضه. أمّا في حيّ تل الزعتر، شرق مخيّم جباليا، فقد قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية مربّعاً سكنيّاً كاملاً، بهدف قتل عائلة الشهيد إبراهيم حمدان، فيما تسبّب القصف باستشهاد الأم وابنها وحفيدَيْها، واثنين من جيرانها.
وفي شهادته، يقول محمد أحمد، وهو أحد الجيران الذي تعرّض منزله لتدمير شبه كلّي: «في تمام الساعة الرابعة فجراً، استيقظنا على الحجارة وهي تنهال على رؤوسنا، استشهدت ابنة عمي، وابن ابنة عمي، وأُصبنا جميعاً بجروح متفاوتة». ويتابع أحمد، في حديثه إلى «الأخبار»: «جميع أهالي الحيّ دُمّرت منازلهم، وجميع السكّان أصيبوا بجروح، لقد انهارت المنازل علينا».
على أن كل ما سبق، ليس سوى الوجه «الطيّب» للسلوك الإسرائيلي، إذ شرعت قوات الاحتلال بتنفيذ عمليّات تطهير وإبادة جماعيَّين؛ ففي مخيّم جباليا للاجئين الفلسطينيين، وهو أكثر مخيّمات القطاع كثافة سكانية، حيث لجأ عشرات الآلاف من المواطنين الذين أخلوا منازلهم من أحياء بيت حانون والقرية البدوية، قصفت طائرات الاحتلال منزلاً يقع في نقطة مركز المخيّم المعروفة بـ»الترنس»، والتي تعجّ بآلاف المواطنين، ما تسبّب باستشهاد 50 شخصاً على الفور، وإصابة المئات بجروح متفاوتة. وفي حيّ الرمال، وسط مدينة غزة، بعث جيش العدو برسائل إلى السكّان، طالبهم فيها بإخلاء منازلهم والتوجّه إلى منطقة تل الهواء، جنوب القطاع. وفي غضون ذلك، أطلق وابلاً من الصواريخ على جموع المواطنين، ما تسبّب باستشهاد وإصابة العشرات. أمّا في معسكر الشاطئ للاجئين، والذي يعجّ بمئات الآلاف من السكّان والوافدين، فقد دَمّرت قوات الاحتلال مسجد السوسي الذي يتوسّط مئات المنازل المزدحمة بالسكّان، ما تسبّب باستشهاد وإصابة العشرات.
شرعت الطائرات الحربية في تنفيذ تكتيك «الحزام الناري»
كذلك، شرعت الطائرات الحربية في تنفيذ تكتيك «الحزام الناري»، وهو تكتيك قصف جوي استُخدم للمرّة الأولى في معركة «سيف القدس» عام 2021، ويقوم على تنفيذ العشرات من الغارات التي تُستخدم فيها قنابل كبيرة جدّاً، تحملها طائرات «إف-16»، في اتّجاه منطقة جغرافية محصورة ومحدّدة، ما يتسبّب بإبادتها من على وجه الأرض. وابتداءً من ظهر الأحد، نفّذ الاحتلال هذا التكتيك بكثافة، وذلك ردّاً على قصف المقاومة مستوطنات ومدن العمق بمئات الصواريخ، والذي استهدف تعطيل سياسة ضرب منازل المدنيين. وتعرّضت أحياء من مثل العامودي والأميركية (شمال)، والشجاعية والتفاح (شرق)، لعدوان جوّي مكثّف، فيما تَواصل القصف في منطقة العامودي، طوال ساعة كاملة، بمعدّل انفجارَين في كلّ دقيقة.
وتزامن هذا السلوك الانتقامي، مع إعلان وزير الأمن الإسرائيلي، يؤاف غالانت، فرضَ حصار كامل على القطاع، إذ قال: «أمرت بقطع الكهرباء والمياه والطعام والمحروقات عن القطاع، هؤلاء حيوانات بشرية ونحن نتصرّف بناءً على ذلك». وبحسب تقرير نشره الإعلام الحكومي، فقد دمَّر الاحتلال، حتى الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم أمس، 72 مبنًى بشكل كامل، و7 مساجد، بينما تعرّضت نحو 5350 وحدة لأضرار بليغة، وتجاوزت أعداد الشهداء 560، وأعداد المصابين 2900.
سيرياهوم نيوز3 – الأخبار