| د.فائز الصايغ
في خطاب غير تقليدي مغلق وبطبيعة الحال مرتجل خرج الرئيس الفرنسي ماكرون عن الدارج والمعتاد وانتهج نهج المكاشفه خصوصا انه دخل حديثا في دورته الثانيه رئيساً واصبح اقل تقييدا وتعقيداً وحذرا وربما اكثر جرأه في مخاطبة النخبه الحاضره في اجتماع مغلق والتي يبدو انها من بقايا قدوة المجتمع الفرنسي ومن بقايا خلاصات وقيم ومبادئ وشعارات الثوره الفرنسيه ….
– من ابرز ما تسرّب الى وسائل الاعلام اعترافه ببدء انحسار الهيمنه الغربيه وان الهيمنه اياها بدات تقترب من نهايتها واظنه نسي في تلك اللحظه تصريحات رامسفيلد وزير الدفاع الامريكي ابان الغزو الامريكي للعراق وتردد المنظومة الاوروبيه في تاييد قرار الغزو او المشاركه فيه حين وصف القاره الاوروبيه بالقاره العجوز بما تعنيه العجوز في دلالاتها العسكريه والسياسيه والاجتماعيه والحيويه ايضاً وهو القرار التعسفي المرتجل الذي اراده الرئيس بوش الإبن تدشيناً لجهله السياسي وعربدة العنف واثباتاً لوجود رجل ورث عن ابيه بعض المواصفات ولكنه اخرَجها على قاعدة من ليس معنا فهو ضدنا وهي نظرية الافق المحدود ونفاذ منطق الحوار الذي لاتجيده دولة متخمه بالمال والسلاح وبيوت الصفيح في آن …
– عوده الى الرئيس ماكرون في خطابه الذي يشبه النقد الذاتي في زمن التطلعات الكبرى ..حين قال :لقد اعتدنا منذ القرن الثامن عشر وحتى اليوم على نمط الهيمنه الغربيه مستندين في ذلك الى ما اسماه عصر التنوير اي عصر الثوره الفرنسيه وما زلنا لكننا اليوم في وقت ينقلب فيه النظام العالمي بطريقه جديده ، وهذا والقول للسيد ماكرون يعتبر تحولاً في النظام الدولي واعادة تنظيم استراتيجي …
– وفي السياق انتقد ماكرون سياسة الولايات المتحده الامريكيه ووصفها بالخاطئة التي سببت زعزعة الهيمنه الغربيه بشده….
– طال النقد الذاتي للرئاسه الفرنسيه التصرفات الامريكيه التي اسهمت في اضعاف او اهتزاز او انحسار الهيمنه الاوروبيه والتي عزاها الى اخطاء السياسه الامريكيه والتي اعتبرها الكثير من المتابعين انها اخطاء متعمده تهدف الى انهاك القاره وتشتيت رؤاها وخلق تناقضات بين دولها كما بين فرنسا والمانيا لكي تتسيّد امريكا على العالم كله بما في ذلك القاره العجوز وهذا ماحصل منذ سقوط الاتحاد السوفييتي وغزو العراق وتوسيع الهيمنه الامريكيه على حساب الاوروبيه من خلال السيطره على منابع النفط ومصادر الطاقه واحتكار العوائد …
– وفي سياق اخر وفي كلمه له امام مؤتمر باريس لرجال الاعمال في وقت سابق قال: لايمكن ان ندفع لامريكا اربعة اضعاف ثمناً للغاز عمّا كنا ندفع للروس واذا ما دفعنا اليوم فهذا لن يدوم طويلاً…
– التصدّع السياسي والاقتصادي الذي اصاب اوروبا يصيب العالم كله ،واحسب ان الدول التي ترغب بانحسار الهيمنه الغربيه تملك فرصتها التاريخيه لترتيب اوضاعها بحيث تستفيد من هذه الزعزعة وتستثمر فيها لتحقق بعض الاستقلال او التمرّد على الهيمنه اياً كان مصدرها والاسهام في الدور الروسي الصيني الاوراسي لتكريس سياسة تعدد الاقطاب والشراكة النديّه في المصالح على مستوى العالم ..
فهل يدرك العرب هذه الحقيقه ويبادروا الى اعلان موقف واضح من ابرز واهم التحولات الجاريه على الساحه العالميه بما ينسجم مع مصالحهم وصناعة مستقبلهم وصيانته ؟؟ ربما نعم ..وغالبا لا …
(سيرياهوم نيوز3-صفحة الكاتب 10-11-2022)