سامر البوظة:
بعد مخاض عسير, تمكنت المملكة المتحدة أخيراً من إتمام عملية خروجها من الاتحاد الأوروبي مطلع العام الجاري, لكن التكلفة كانت عالية خاصة لجهة الخلافات الكبيرة والانقسامات العميقة التي خلفها “بريكست”, سواء في الداخل البريطاني أم على مستوى الحكومة التي تواجه ضغوطاً متزايدة وانتقادات كبيرة لأدائها في إدارة ومعالجة قضايا البلاد, خاصة في ظل أزمة انتشار فيروس كورونا وما رافقها من إجراءات احترازية وإقفال أدى إلى توقف الحركة الاقتصادية وارتفاع أعداد البطالة, ناهيك عن الأزمة الدستورية التي بدأت تواجهها المملكة المتحدة بعد تعالي الأصوات في اسكتلندا وايرلندا الشمالية الرافضة لسياسات الحكومة البريطانية وأدائها و لـ “بريكست”, والتي تطالب بالانفصال عن المملكة والانضمام للاتحاد الأوروبي, الأمر الذي يهدد وحدتها ويضعها أمام ضغوط كبيرة.
إذاً ملفات عديدة وشائكة وأزمات تواجهها الحكومة البريطانية بعد فشلها في إدارة العديد من قضايا البلاد داخلياً وخارجياً, وهو ما دفع العديد من النخب السياسية البريطانية إلى المطالبة بالإسراع بإجراء إصلاحات جوهرية, قبل أن تتحول البلاد إلى “دولة فاشلة”, خاصة بعد أن فقد الكثير من البريطانيين الثقة في إدارة البلاد وفي النخب السياسية, وهو ما حذر منه رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، غوردن براون، في مقال له نشرته صحيفة “ديلي تلغراف” البريطانية.
وقال براون: أعتقد أن الخيار الآن يقع بين دولة خاضعة لإصلاحات ودولة فاشلة، مضيفاً أن التململ الأعمق فعلياً موجود في اسكتلندا إلى حد أنه يهدد بنهاية المملكة المتحدة.
وذكر بالعبارات الشائعة التي تعكس عدم رضا البريطانيين عن أداء حكوماتهم على غرار “من يكترث بذلك في لندن؟”، في إشارة إلى النخب في العاصمة البريطانية التي يتهمها براون ضمنياً بالانقطاع عن هموم المواطنين, ودعا رئيس الوزراء البريطاني الأسبق إلى توخي الوضوح في تحديد غايات المملكة المتحدة والسعي إلى تجديد نفس الإدارة.
ويتزامن موقف براون هذا مع تهديد رئيسة حكومة اسكتلندا، أمس الأحد، بإجراء استفتاء الاستقلال عن التاج البريطاني بعد أشهر، في حال فاز حزبها القومي في الانتخابات الإقليمية المقبلة، وفي ظل تفشي وباء كورونا وتداعياته الاقتصادية الكارثية.
وفي حال حقق الحزب الوطني الاسكتلندي فوزاً كبيراً في الانتخابات المحلية المقررة في أيار المقبل فإن ذلك سيزيد الضغوط على لندن للقبول بتنظيم استفتاء.
وكانت آخر استطلاعات الرأي كشفت أن أغلبية الناخبين في اسكتلندا وايرلندا الشمالية يريدون إجراء استفتاء حول الانفصال عن بريطانيا, في حين كان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أكد أكثر من مرة معارضته إجراء استفتاء على استقلال اسكتلندا عن بريطانيا, معتبراً أن مثل هذا الأمر يجب ألا يحدث إلا بعد مرور جيل كامل.
(سيرياهوم نيوز-الثورة)