آخر الأخبار
الرئيسية » تربية وتعليم وإعلام » بعد فاجعة استشهاد عائلة مراسلها في غزة: «الجزيرة» باقية في الميدان… حتى النهاية

بعد فاجعة استشهاد عائلة مراسلها في غزة: «الجزيرة» باقية في الميدان… حتى النهاية

زكية الديراني

 

 

شعرت إسرائيل بأنّها تخسر معركة السيطرة على السّردية، فكثّفت من استهداف الصحافيين وعوائلهم. مراسل «الجزيرة» في غزة وائل الدحدوح، فقد أول من أمس زوجته وولديه وحفيده في قصف على النصيرات في القطاع، فيما وجّه وزير الخارجية الأميركي رسالة إلى الشبكة القطرية بخفض لهجتها تجاه الكيان العبري

نفّذت إسرائيل تهديدها مرة جديدة. بعد يومين على رسالة وجّهها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لرئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، طالباً منه «تخفيف حدّة خطاب قناة «الجزيرة» حول الحرب على غزة، لأنها مليئة بالتحريض ضد إسرائيل»، استهدف الطيران الإسرائيلي ليل أول من أمس عائلة مراسلها وائل الدحدوح (1970). تحوّل الصحافي الفلسطيني من ناقل للخبر إلى الخبر بحدّ ذاته. بعدما استهدف العدو أفراداً من عائلته في النصيرات في غزة، لملم أشلاءهم مباشرة على الهواء. بصوتٍ مجروح لكن محتفظاً بعزّته، ذرف الصحافي دموعه على عائلته، قائلاً «بينتقموا منّا بالأولاد. معلِش»! عبارة سرعان ما استعارها الناشطون على السوشال ميديا وجعلوها شعاراً ورمزاً للصمود والمقاومة ومواصلة المعركة. منذ اليوم الأول لعملية «طوفان الأقصى»، رابط هذا الصحافي الذي اعتقله الإسرائيليون سابقاً مدة سبع سنوات، في الميدان، كاشفاً أكاذيب العدو وزيف سرديّته مراراً، ولم يستسلم للتهديدات التي تلقّاها منه. في الأيام الماضية، ارتفعت وتيرة الاستهداف الإسرائيلي للصحافيين، وخصوصاً فريق قناة «الجزيرة» التي استعادت زخمها مع «طوفان الأقصى» وانخرطت في المعركة الإعلامية إلى جانب المقاومة بكل تقنيّاتها وتجهيزاتها وفريقها، فعادت لتكسب نبض الشعوب العربية التي كانت قد انفضّت عنها مع بدء «الربيع العربي» المزعوم. نتيجة لذلك، طلب الكيان العبري من القطريين إقفال مكتب «الجزيرة» في القدس من دون استجابة إدارة القناة له، ناهيك بالانتهاكات الجسديّة والنفسية التي يتعرّض لها المراسلون في فلسطين يومياً من قبل العدو الإسرائيل.

منذ الساعات الأولى لاستشهاد عائلة الدحدوح، سيطر الصمت على مكاتب «الجزيرة» في الدوحة، واستعاد العاملون في الشبكة اللحظات الأولى لاغتيال الصحافية شيرين أبو عاقلة (1971 ـــــ 2022) خلال تغطيتها لاقتحام الجيش الإسرائيلي لمخيم جنين. علماً أنّ لجنة التحقيق الدولية المستقلّة التابعة للأمم المتحدة أصدرت أول من أمس تقريرها بشأن مقتل أبو عاقلة، مقرًّة أنّ «القوات الإسرائيلية استخدمت القوة المميتة من دون مبرر»، في استهدافها لأبو عاقلة. ودعت إلى محاسبة قتلة مراسلة «الجزيرة» التي اشتهرت بتواجدها في كلّ الساحات، شاهدةً على الفظاعات الصهيونية. وقد أصدرت الشبكة القطرية أمس بياناً ترحّب به بقرار لجنة التحقيق الدولية. تلفت المعلومات لنا إلى أنّه لا يبدو أنّ الشبكة ستنصاع للطلب الأميركي بخصوص خفض حدّة لهجة «الجزيرة» تجاه الإسرائيليين. إذ يلفت بعض العاملين في الشبكة لنا إنّهم لم يتبلّغوا أيّ تعليمات تتعلّق بتغيير سياسة القناة تجاه تغطيتها للحدث الفلسطيني. وتُضيف المصادر أنّه في حال كان هناك أيّ قرار لتغيير في السياسة التحريرية للمحطة، فإنّ ذلك قد سقط مع استهداف عائلة الدحدوح. وتُشير المعلومات إلى أنّ المحطة القطرية التي خسرت جزءاً كبيراً تجاوز الـ 40 في المئة من جمهورها العربي بسبب أدائها وسياستها إزاء ساحات «الربيع العربي» قبل 13 عاماً، قد استعادت شريحةً كبيرة من مشاهديها خلال تغطيتها الحرب الأخيرة على غزة.

بدا ذلك واضحاً عبر التظاهرات التي عمّت الدول العربية أخيراً تنديداً بالجرائم الإسرائيلية بحقّ أهل غزة، وكان لـ«الجزيرة» دورٌ فعّال في تحريك الرأي العام العربي عبر فتح الهواء المباشر طوال النهار، وخصوصاً أنّ القنوات العربية، سقطت في تغطيتها الإعلامية للملف الفلسطيني. وخير مثال على ذلك فشل قناة «العربية» السعودية في جذب المشاهد العربي بسبب انحيازها للإسرائيليين. كلّنا يتذكّر مراسل «العربية» أحمد حرب الذي كان يتحدث على الهواء عن الوضع في شرق خان يونس، قائلاً «إنّ 11 شهيداً سقطوا نتيجة العدوان الإسرائيلي»، قبل أن يستدرك قائلاً: «أعتذر، سقطت 11 ضحية وعشرات الإصابات»!

على الضفة نفسها، تلفت مصادر لنا إلى أنّ «الجزيرة» جنّدت ميزانية ضخمة من تقنيات متطوّرة لنقل الخبر الفلسطيني مباشرة على الهواء، إلى جانب فريق عمل ميداني يتمتع بخبرة واسعة في نقل الخبر واختيار الرسالة المؤثرة والمعلومة الدقيقة. وتوضح المصادر أنه منذ اليوم الأوّل لعملية «طوفان الأقصى» بدا واضحاً الفرق الكبير في نسبة مشاهدة «الجزيرة» على صفحاتها على السوشال ميديا، مقارنةً بباقي الشاشات. وهذا الأمر جعلها متمايزة عن زميلاتها، ما زاد الضغط على العدو الإسرائيلي. وتُضيف المصادر أنّ صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية شكّكت في عددها الصادر قبل يومين، بالرواية الإسرائيلية التي حمّلت «حماس» مسؤولية قصف «مستشفى المعمداني» في غزة. واستندت الصحيفة في تحليلها إلى الفيديو الذي بثّته «الجزيرة»، ويُظهر أنّ الصاروخ أطلقه العدو الإسرائيلي، ما أدّى إلى مجزرةٍ راح ضحيّتها مئات المدنيين!

في المقابل، ترى المعلومات أنّ «الجزيرة» تحوّلت إلى شاهد عيان على ما يجري في غزة. يحمل مراسلو القناة دماءهم على أكفّهم، وخصوصاً أنّ العدو الإسرائيلي ذو تاريخ حافل في استهداف الصحافيين، فكيف بالأحرى الآن وقد شعر بأنّه خسر السيطرة على السردية التي يروّج لها لكسب الرأي العام الغربي. حتى إنّ الصحافيين، وخصوصاً مراسلي «الجزيرة»، يمرّون اليوم في ظروف صعبة يعيشونها للمرة الأولى في حياتهم، إذ يتلقّون تهديدات مباشرة من قبل العدو. ويشدّد المصدر على أن فريق عمل «الجزيرة» في غزة (المراسلة هبة عكيلة، وزميلها هشام زقوت، ومدير المكتب وائل الدحدوح والفريق الفلسطيني)، يمرّون بظروفٍ استثنائية، و«هم اليوم لا يعملون بعقلية الصحافي الذي ينقل الخبر، بل بعقلية المقاتل على مختلف الجبهات».

طلب أنتوني بلينكن «تخفيف حدّة خطاب «الجزيرة» حول الحرب على غزة، لأنها مليئة بالتحريض ضد إسرائيل»

في السياق نفسه، كان فريق قناة «الجزيرة» في بيروت ضمن مرمى القذائف الإسرائيلية أيضاً. في 13 تشرين الأول (أكتوبر) الحالي، استهدف العدو فريق «الجزيرة» في منطقة علما الشعب في جنوب لبنان، ما أدى إلى إصابة مراسلتها كارمن جوخدار والمصور إيلي براخيا. كما استشهد المصوّر اللبناني في وكالة «رويترز» عصام عبدالله وأُصيبت المصوّرة الفوتوغرافية لدى وكالة «فرانس برس» كريسيتيا عاصي. لم يكن استهداف فريق «الجزيرة» في لبنان هو الأوّل، بل سبقه قبل يومٍ من الحادثة، إطلاق صاروخ على سيارة الإعلاميين الذين نجوا بأعجوبة، وفق تصريح مدير مكتب «الجزيرة» في بيروت مازن إبراهيم سابق لنا.

من جانبها، تقول مراسلة «الجزيرة» في بيروت كارمن بوخدار في اتصال سريعٍ معنا، بأن الشظايا التي أصابت جسدها في 13 تشرين الأول مصدرها عدوٌّ واحد، وهو الذي أطلق النار على عائلة الدحدوح وقتل زميلتها شيرين برصاصة في رأسها. وتختتم الصحافية التي لا تزال تتلقّى علاجها في المستشفى جرّاء الإصابة التي تعرّضت لها، أنها «للمرّة الأولى، نرى هذه الوحشية بقتل الصحافيين وعائلاتهم. كلّنا ننقل الصورة والصوت، وصوتنا مؤثّر وندرك ذلك بعد كلّ رسالة نقدّمها».

أهل السلطة الرابعة في قلب بنك الأهداف

يقع الصحافيون في قلب بنك الأهداف الإسرائيلية، خصوصاً في الحرب الوحشية المستمرّة على قطاع غزّة منذ السابع من تشرين الأوّل (أكتوبر) الحالي. مع كلّ عدوان جديد يشنّه الاحتلال، يكون إسكات الصوت وحجب الصورة جزءاً أساسياً من المعركة. بالأمس القريب، اغتال الصهاينة مراسلة «الجزيرة» في فلسطين، شيرين أبو عاقلة (1971 ــ 2022)، بالرصاص الحيّ أثناء تغطيتها غارة عسكرية على جنين في الضفة الغربية. وفي 13 من الشهر الحالي، استهدفت إسرائيل مجموعة من الصحافيين في جنوب لبنان، ما أدّى إلى استشهاد المصوّر الصحافي في وكالة «رويترز»، عصام عبدالله، وإصابة خمسة آخرين من مؤسسات إعلامية مختلفة

ومع استمرار «طوفان الأقصى»، لا يزال عدّاد الشهداء من أهل السلطة الرابعة وعائلاتهم آخذاً في الازدياد. أمس الخميس، استُشهدت الصحافية الفلسطينية، دعاء شرف، مع طفلها جراء سلسلة غارات إسرائيلية على غزة، ليرتفع عدد الصحافيين الشهداء منذ عشرين يوماً حتى كتابة هذه السطور إلى 24 صحافياً. جاء ذلك بعد ساعات قليلة من فقدان مدير مكتب «الجزيرة» في غزّة، وائل الدحدوح، لأفراد من عائلته، من بينهم زوجته وابنه وابنته وحفيده، إثر غارة إسرائيلية على المنزل الذي نزحوا إليه جنوب القطاع بعدما ادعى الاحتلال أنّها منطقة آمنة.

ومن بين الصحافيين الشهداء، نذكر: المصوّر إبراهيم لافي من مؤسسة «عين ميديا»، والصحافي محمد جرغون من وكالة «سمارت ميديا»، والصحافية سلام ميمة، والمذيع في قناة «الأقصى» حسام مبارك، والصحافي عبد الهادي حبيب من تلفزيون «الأونروا» التعليمي، والمصوّر رشدي السراج (الصورة) من «عين ميديا».

 

سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية

x

‎قد يُعجبك أيضاً

قانون اتحاد الصحفيين… ندوة حوارية‏ في دار البعث

دعا المشاركون في الندوة الحوارية التي أقامها فرع دمشق لاتحاد الصحفيين على ‏مدرج دار البعث تحت عنوان “ماذا يريد الصحفيون من قانون اتحاد الصحفيين” إلى تعديل ...