آخر الأخبار
الرئيسية » مجتمع » بين الضرورة والترف.. حين يتحوّل العرس إلى عبء مادي

بين الضرورة والترف.. حين يتحوّل العرس إلى عبء مادي

باتت مناسبات مثل الخطوبة والزفاف في اللاذقية تثير تساؤلات جدّية، في ظل الأزمات الاقتصادية والمعيشية المتلاحقة:
هل ما زال الزواج ضرورة اجتماعية ودينية كما في السابق، أم أصبح ترفاً استهلاكياً يُثقل كاهل الشباب؟
وهل تساهم العادات والتقاليد في تسهيل الزواج، أم تُعقّده وتجعله حلماً بعيد المنال؟

في القرى والبلدات الريفية من اللاذقية، كان الزواج مناسبة اجتماعية جامعة تعبّر عن روح التعاون والتكافل. يقول العم أبو سمير، من ريف اللاذقية: “العرس كان لكل القرية، مو بس للعريس. نعد الطعام كلٌّ حسب إمكانياته المادية… كان العرس مناسبة فرح تجمع أهالي القرية كباراً وصغاراً، والكل مدعو، فالفرح فرح القرية.”
ومن أبرز العادات في تلك المرحلة ما عُرف بـ”النقطة”، حيث يُقدّم الحضور مبالغ نقدية تُسجّل وتُرد لاحقاً، كنوع من الدعم الجماعي.
تقول أم سهيل (66 عامًا) حتى بأيامنا، الأعراس كانت بسيطة. نزيّن البيت، نجمع الأقارب، ولم تكن هناك تكاليف إضافية (لا داعي لها)… كل شيء كان ضمن إمكانيات الأسرة.”

تكاليف الأعراس فوق الطاقة

مع تغيّر الزمن، تغيّرت العادات والتقاليد. فأصبحت الأعراس في المدينة، بل وحتى في بعض القرى، تتطلب ميزانيات عالية، يصفها البعض بأنها استثمارات أكثر منها مناسبات إنسانية.
يقول علاء (30 عاماً) : من أجل أن أقيم حفل عرس بسيطاً، على الأقل أحتاج 50 مليوناً ما بين صالة، تصوير، بدلة، ذهب وكل هذه الأمور باتت مكلفة .
وتؤكد ميساء (26 عامًا) :حتى بالضيعة، صار في ضغط من المجتمع. إذا ما في صالة، وما في ديكور، يعتبروه عرساً غير لائق.
يؤكد الباحث الاجتماعي فادي كرمو أن الزواج لا يزال ضرورة دينية واجتماعية ونفسية، لكن المظاهر والبذخ أخرجته عن مساره الطبيعي.
ويقول في حديثه لـ (الحرية) تحوّلت الأعراس من مناسبات إنسانية إلى استعراضات طبقية. ارتفاع التكاليف، غياب الدعم، وضغط المجتمع… كلها عوامل دفعت الشباب لتأجيل الزواج أو الهروب منه.
ويشدد كرمو على أهمية إحياء قيم التكافل، مثل “النقطة”، إضافة إلى دور الدولة في تقديم دعم مادي مباشر أو قروض زواج ميسّرة لتشجيع الشباب على الإقدام على هذه الخطوة.

مقارنة بين الريف والمدينة

رغم أن بعض القرى ما زالت تلتزم نسبياً بعادات التبسيط والتكافل، إلا أنها تأثرت بثقافة المدينة تدريجياً.أما في المناطق المدنية، فتسود ثقافة المظاهر، ما يفرض على العائلة مجاراة التقليد الاجتماعي مهما كانت الظروف المادية.
الزواج حاجة ومسؤولية… لا مظاهر اجتماعية
الزواج في جوهره حاجة وحق طبيعي لكل شاب وفتاة، لكنه أصبح في بعض الأحيان مشروعاً استهلاكياً يُقاس بحجم الحفل وعدد الضيوف.
تقول الشابة رنا (31 عامًا):”أريد أن أتزوج، لكن لا أريد أن أقيم عرساً بـ30 مليون ليرة! أريد منزلاً دافئاً وحياة مستقرة، وانتهى الموضوع.”
ويضيف أمجد: “أنا لا أستطيع الزواج لعدم قدرتي على تأمين أجار المنزل، فكيف أستطيع تأمين مصاريف الخطبة والزواج؟!
دعوة لإعادة التوازن: من التكاليف إلى التكافل، والعودة إلى جذور الزواج كاستقرار وبناء أسرة، بالإضافة لتبسيط مراسم الزواج والتخلي عن ثقافة المقارنة.
و تشجيع المبادرات المجتمعية التي تكرّس الزواج الميسّر والدعوة الى التكافل الاجتماعي .بالإضافة لتفعيل دور الدولة من خلال تقديم قروض زواج ميسّرة، وحملات توعية تروج لقيم الزواج البسيط. فالفرح لا يُقاس بحجم الصالة ولا بثمن فستان العروس، بل برغبة شريكين في بناء حياة كريمة على أسس المحبة والتفاهم.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية
x

‎قد يُعجبك أيضاً

خطوات ملخّصة من كتاب “أسرار تربية الأبناء وبناء الثقة” تقي اولادكم من الأمراض النفسية اذا اخذتم بها

      برنامج بناء العلاقة مع الأبناء :   ١- عشرون دقيقة يومياً حوار مع الأبناء باعتبارهم أصدقاء ( بدون نصح ولا حديث عن ...