آخر الأخبار
الرئيسية » إدارة وأبحاث ومبادرات » تجربة “الكرسي”..!!

تجربة “الكرسي”..!!

| لجين  عصام سليمان

 

مع اقتراب فترة انتهاء ولايتي لرئاسة اتحاد الطلبة العرب، بدأت الاتصالات تتوالى للاستفسار عن شروط الترشّح، من قبل الطلبة الراغبين بالأمر.منعتني تلك الاتصالات من محاولات التجاهل التي كنت أقوم بها أو حتى الكلام الذي كنت أردده بنفسي لمواساتها بأنّ تلك الكرسي فانية. فكل ما وصلني اتصال هاتفي يسألني عن شروط الترشح، يخطر ببالي أن أقول للسائل “يا ابني ولاك.. أنا الي خدمتك طيلة عام كامل، هلق صار بدك تترشح مكاني”. للوهلة الاولى شعرت أن أولئك المواطنين لا يستحقّون المساعدة ولا المساندة، فعند أول فرصة طمعوا بالكرسي وخطّطوا للاستيلاء عليها، أنا التي كنت ألبي طلباتهم طيلة عام كامل كي أحصل على دعمهم عند الحزّات، ولكن يبدو أن ذلك المواطن سيء بالفطرة، ولا يهمه أن يدعم من ساعده، بل أكثر ما يهمه أن يصل إلى منصب رفيع ذي مكانة عالية عبر كرسيّ جميل.

كنت أداوي نفسي بين الحين والآخر بفكرة “لو دامت لغيرك ما وصلتلك” ولكن تلك الفكرة بحد ذاتها ليست أكثر من مواساة تافهة أمام تلك المكانة العالية.

 

وفي الوقت الذي كنت أعمل به على إيجاد منفذ قانوني يتيح لي الترشح لولاية جديدة، كنت أدرك أن الطرق مغلقة تماما، على اعتبار أن العملية ديمقراطية، تلك الديمقراطية التي طالما أحبتتها في السابق إلا أن “البلّ” قد وصل لكرسيّ اليوم مما جعلني أكره هذا المفهوم والذي هو  حلم لمعظم شعوبنا العربية.

 

ولكن وبكل الأحوال الحمدلله أنني لم أخرج بتهمة فساد، فعلى الرغم من امتعاضي من “ابني” المواطن، إلا أنّ السلطة العليا كافأتني بشهادة تقدير على تطوعي لهذا المنصب. وبالفعل أصبحت أشعر فجأة  أني قريبة من السلطات العليا أكثر من ذاك المواطن. نعم فقد يشعر المسؤول (حتى ولو كان في طور الإقالة) بأنّ المواطن هو خصم بطريقة ما مما يدفعه إلى تقديم الولاء لمن هم أعلى مرتبة، مما يعطيه الرغبة في الحصول على كرسي آخر حتى ولو كان أقل  أهمية من سابقه. ولهذا بدأت أنظر في عيون الجميع لأرى إذا كانت هيبتي قد وهُنَت بعد أن غادرت منصبي وأصبحت بلا سند.

اليوم فقط أدركت مأزق المسؤول، بالفعل يبقى الكلام نظريا لحين الحصول على منصب، ليظهر بعدها أنّ تلك العملية الديمقراطية صعبة، ولم أدرك حجم صعوبتها إلى أن قمت بالدور ذاته، فهي توحي بأن الزمن يدور ويلف، ويلف ويدور كي يصبح كلا منا مكان الآخر، فها أنا التي كنت ألبي الطلبات العام الماضي متباهية بنفسي ، أو بالأحرى بكرسيي، سأطلب هذا العام من “ابني المواطن” ما كان يطلبه مني، ولكن ماذا لو كنت ألبي تلك الطلبات إيمانا مني بحق طالبها؟!… بالطبع لكان شعوري اليوم مختلفا، لا بل كنت سأشعر بأني قمت بواجبي وعلي المغادرة لأتيح الفرصة للآخر. لكنه الكرسي كالوسواس الخناس، لا يتركني وشأني والنتيجة  أني أصبحت اليوم ضد العملية الديمقراطية  لأنها ستأخذ مني ما أحببت ولكني بالتأكيد سأكون معها في الغد لأنها ستعيد اعتباري وستاخذ من غيري ما أحَب.

(سيرياهوم نيوز3-صفحة الكاتبة10-7-2022)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

عودة خدمة الإنترنت إلى دير الزور والحسكة بعد إصلاح عطل في كابل ضوئي

أعادت الشركة السورية للاتصالات خدمات الإنترنت فجر اليوم إلى ‏محافظتي دير الزور والحسكة، بعد إصلاح العطل الذي وقع ‏ظهر أمس على أحد الكوابل الضوئية الرئيسية المغذية ...