آخر الأخبار
الرئيسية » يومياً ... 100% » مستلزمات العيد لاتزال منخفضة جدا!!

مستلزمات العيد لاتزال منخفضة جدا!!

| علي عبود

 

نميل جدا إلى تصديق الإشاعات والأوهام، والأخطر من ذلك نصدق ماتُروج له الحكومة بأن شغلها الشاغل تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، ولكن الترجمة الفعلية لهذا الكلام إضعاف القدرة الشرائية لملايين الأسر السورية كل بضعة أشهر!

مامن مرة واحدة منذ عام 2011 أقدمت أي حكومة على زيادة الرواتب والأجور، بل مافعلته على أرض الواقع تخفيض وليس “زياد”الرواتب والأجور،والدليل إن مامن أسرة محدودة الدخل ، باستثناء من تلقت حوالة خارجية تمكنت من شراء مستلزمات العيد!

السؤال: لماذا كانت الأسرة حتى عام 2011 قادرة على شراء المستلزمات الكاملة لعيدي رمضان والأضحى، وتعجز عن تأمين بعضها الآن وبمواصفات دون المقبولة؟

وهذه المستلزمات التي كانت في متناول جميع الأسر السورية، باتت عزيزة المنال لابفعل ارتفاع أسعارها، بل بفعل التخفيض المستمر للرواتب والأجور!

نعم، مستلزمات العيد لم ترتفع أسعارها مقارنة بعام 2010 ،بل يمكن الجزم إن بعضها انخفض، فالمشكلة ليست بزيادة الأسعار “الظاهرية” وإنما بتقزيم الرواتب الفعلية!!

لقد “أمطرتنا” الكثير من المواقع الإعلامية وصفحات التواصل الإجتماعي في الأسبوع الأخير بسيول من الأخبار والتقارير والإشاعات عن الإرتفاع الجنوني لأسعار مستلزمات عيد الأضحى، والتي تفوق بكثير قدرة ملايين الأسر السورية..الخ.

وجارتها جميع الجهات الحكومية بتأكيدها أنها تراقب الأسواق والأسعار وتضرب المخالفين بيد من حديد!

المشكلة تبدأ بنشرات التسعير الحكومية التي تصدرها وزارة التجارة الداخلية، فأسعار المواد والسلع التي تتضمنها هذه النشرات، وإن كان بعضها أو أكثرها  أقل من تكاليفها ـ كما يؤكد التجار والمنتجون ـ فإن أسعارها أكبر بما لايقل عن خمسة أضعاف الحد الأدنى للأجور!

حسنا، لو اننا في عام 2010 وليس في عام 2022 ماهي كلفة مستلزمات العيد من ألبسة ولحوم وحلويات ومكسرات..الخ

قرأنا مثلا (تشهد أسواق الحلويات بكل أنواعها ارتفاعاً غير مسبوق في الأسعار ، ماألقى بظلاله الثقيلة على إقبال المواطنين على شراء الحلويات ولاسيما حلويات العيد)..

لن نقارن بين أسعار الحلويات اليوم وأجور ملايين العاملين بأجر لأن المقارنة أساسا غير موضوعية، فصناع الحلويات محكومين بأسعار مستلزمات تصنيعها، ولكننا لنسأل: هل أسعار الحلويات ارتفعت بنسب “مهولة” عما كانت عليه في عام 2010؟

إن سعر كيلو المبرومة العادي اليوم 65 ألف ليرة والفاخر 95 ألف ليرة أي أكثر من الحد الأدنى للأجور، وبالكاد يستطيع من وصل إلى السقف أن يشتري أكثر من 2 كيلو مبرومة عادي بسعر 130 ألف ليرة!

حسنا، لنفترض إن كلف تصنيع المبرومة لم يتغير حسب سعر صرف الليرة، فإننا سنكتشف إن سعر كيلو المبرومة الفاخر يعادل 1190 ليرةعام 2010 وكان حينها وسطي الراتب لايقل عن 10 آلاف ليرة، أي كان بمقدور أي أسرة مكونة من أربعة أفراد إثنان منها يعملان بأجر قادرة على شراء الحلويات الفاخرة بكميات تكفيها مع الأهل والضيوف!

وسعر الشوكولا الفاخر والذي يصل سعر الكيلو منه إلى  50 ألف فكان يعادل 625 ليرة ،وهذا يعني إنه كان  بإمكان أي أسرة شراء حاجة العيد من الشوكولا.

وحتى السكاكر التي يصل سعر كيلو أفخرها اليوم إلى 20 ألف فهو يعادل 250 ل فقط عام 2010!

وبالنسبة للحمة والتي رأى أصحاب الرأى و”المناشير” أن أسعارها تفوق قدرة ملايين الأسر السورية، فقولهم صحيح تماما، ولكن سبب العجز عن شرائها ليس ارتفاع أسعارها، بل هي انخفضت عما كانت عليه عام 2010 !!

لاتستغربوا فسعر كيلو هبرة الغنم الذي بلغ في الأيام الماضية 45 ألف ليرة (11.25) دولارا كان في عام 2010 بحدود 780 ل س (15.6 دولارا)، اي كان بمقدور أي أسرة أن تشتري 3 كيلو من أفخر أنواع اللحوم دون إي إرهاق مادي!

أكثر من ذلك، وسطي دخل الأسرة والتي يعمل منها إثنان بأجر كان يشتري أكثر من 25 كيلو هبرة غنم عام 2010 في حين لايشتري وسطي دخلها حاليا سوى 5.5 كيلو شهريا!!

اما الفروج والذي يبلغ سعر الكيلوغرام  المذبوح منه اليوم 7550 ليرة (1.87دولارا) فقد كان أغلى في عام 2010 حيث كان سعره 125 ليرة (2.5 دولار) ..

وبالنسبة للألبسة والتى رأى الجميع إن سعر القطعة الواحدة منها لاتقل عن 100 ألف ليرة أي بما يعادل الراتب الشهري للكثير من الموظفين، فإنها تعادل مبلغ 1250 ليرة سورية فقط عام 2010 أي كان بإمكان دخل أي أسرة أن يشتري ثيابا جديدة كاملة “مكملة” لأربعة أطفال على الأقل!

وقد أعجبني اختصار المشهد من قبل البعض بقوله على سبيل “التهويل” إن كلفة مستلزمات العيد هذه الأيام لاتقل عن مليون ليرة، وهذا المبلغ يعادل 12500 ليرة فقط عام 2010 أي نصف الدخل الشهري للأسرة ، في حين يعادل حاليا دخل خمسة أشهر على الأقل!!

ماحصل خلال الـ 12 عاما الأخيرة إن دخل الأسرة التي يعمل منها فردان انخفض تدريجيا من 425 دولارا إلى 125 دولارا في حال كانا مسقوفان أي يتقاضيان الحد الأعلى للرواتب.

الخلاصة: لقد أخطأنا على مدى العشرة أعوام الأخيرة بالمطالبة بزيادة الرواتب، فكانت النتيجة دائما تخفيضها لازيادتها، والأصح ان يتبنى التنظيم العمالي شعار: أعيدوا لنا راتب 2010 ، ويسعى لتنفيذه بوسائل الضغط المشروعة وبخاصة تنفيذ المادة /40/ من الدستور التي لاتجيز للحكومة منح أي عامل، أجرا لايؤمن له متطلبات الحياة المعيشية وتغيُرها!

(سيرياهوم نيوز3-العاشر من تموز2022)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

بأي آلاء الحق تكذبون؟ …

  بقلم: د. حسن أحمد حسن غريبٌ أمرُ الردَّاحين الذين من كل حدب وصوب يتقاطرون… يتقاسمون ما أُمْلِيَ عليهم من مصطلحات هجينة مشبوهة ومشوهة ما ...