في الوقت الذي تخوض فيه واشنطن والربيبة الحبيبة، إسرائيل، والدول التي تدور في فلك واشنطن، جهودًا جبارّةً لمنع إيران من امتلاك أسلحة نوويّةٍ، ما زالت دولة الاحتلال حتى اليوم تتستّر على الأسلحة غير التقليديّة التي تمتلكها، كما أنّها ترفض الانضمام لاتفاقية حظر الأسلحة النوويّة، طبعًا بمساعدةٍ من الولايات المُتحدّة الأمريكيّة.
الضبابيّة الإسرائيليّة في هذه القضية مردّها الاتفاق الذي كان قد تمّ التوقيع عليه بين واشنطن وتل أبيب حول هذا الموضوع قبل سنواتٍ طويلةٍ، والذي ما زال ساري المفعول، وبموجبه لا تنفي أوْ تؤكِّد دولة الاحتلال حيازتها للأسلحة النوويّة، كما أنّه بموجب أمرٍ رئاسيٍّ في واشنطن يُحظَر على الموظفين الرسميين الأمريكيين التأكيد على أنّ الكيان يملك أسلحةً غيرُ تقليديّةٍ.
وبحسب محلل الشؤون الاستخباراتيّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، يوسي ميلمان، فإنّه في الأسبوع الماضي نُشر مقالٌ في صحيفة (واشنطن بوست)، أعدّه كبار الباحثين والمختّصين، والذي كشف النقاب عن أنّ الإدارات الأمريكيّة في العقود الأخيرة لم تقُمْ فقط بالدفاع عن السياسة النوويّة، بشكلٍ سريٍّ، بل أيضًا بشكلٍ عمليٍّ وفعّالٍ.
وأضاف المقال أنّه “بالنظر إلى المخاطر المتزايدة من انتشار الأسلحة النوويّة، فإنّ الاستمرار في استخدام الرقابة الذاتيّة على ترسانة الأسلحة النوويّة الإسرائيليّة، ليس فقط غريبًا ومحيّرًا، إنّما يُسبب الأضرار”، بحسب الصحيفة الأمريكيّة.
المُحلِّل ميلمان أكّد أنّ المقال بالصحيفة الأمريكيّة لا يُطالِب بفرض الرقابة الدوليّة على البرنامج النوويّ الإيرانيّ، وطبعًا لا يُطالب بنزع إسرائيل من هذه الأسلحة، ولكن ما يحمله في الخفايا هو أنّه يضع يافطة تحذير أمام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والمؤسسة الأمنيّة ولجنة الطاقة الذريّة بالكيان، وبموجب هذا التحذير فإنّ من شأن إسرائيل أنْ تفقِد الحصانة التي تمتعت بها على مدار ستين عامًا مضت، على حدّ تعبيره.
وكان مُحلل الشؤون الأمنيّة في صحيفة (هآرتس)، أمير أورن، نشر على موقع الصحيفة دراسة أمريكيّة جديدة، قام بإعدادها معهد في واشنطن، والتي أكّدت على أنّ الدولة العبريّة تمتلك 115 رأسًا نوويًا مُتفجرًا.
وجاء أيضًا في الدراسة الأمريكيّة أنّ إسرائيل قامت بتصميم سلاحٍ نوويٍّ متطورٍ، يحمل رؤوسًا متفجرة صغيرة وقنابل هيدروجينية. علاوة على ذلك، قالت الدراسة إنّه منذ أنْ بدأ تشغيل مفاعل ديمونا النوويّ تمكّنت إسرائيل من إنتاج 660 كيلوغرام من مادّة البلوتونيوم، واستخدمتها لإنتاج الصواريخ الذريّة الموجودة لديها. وتابعت الصحيفة الإسرائيليّة قائلةً إنّ المعهد الذي يرأسه ديفيد أولبرايت، يعمل على تحليل مهنيّ، ولا يتخّذ موقفًا معاديًا من الدولة العبريّة، مُوضحًا في الوقت عينه أنّ الدراسة الجديدة هي جزء من عدّة دراسات يقوم المعهد بإعدادها عن مشاريع مدنيّة وعسكريّة في إسرائيل.
وتابع المُحلل الإسرائيليّ قائلاً إنّه بحسب تقديرات المعهد الأمريكيّ فإنّه منذ تشغيل مفاعل ديمونا في شهر كانون الأوّل (ديسمبر) من العام 1963، فقد جمعت إسرائيل بين 400 حتى 915 كيلوغرام من المواد الانشطاريّة.
ووفقًا لمدير المعهد فإنّ العدد أقّل من المعدّل، ذلك أنّه في سنوات التسعين من القرن الماضي قال له أحد الرؤساء السابقين للوكالة الذريّة الإسرائيليّة، إنّ إنتاج مادّة البلوتونيوم من مفاعل ديمونا كانت أصعب من المعتاد التفكير فيه.
وبالإضافة إلى التسلّح الجويّ الملقى على الطائرات، فإنّ الدراسة الأمريكيّة تشير إلى أنّه بحوزة إسرائيل صواريخ أرض-أرض، صواريخ بحر-أرض وصواريخ انشطاريّة تحمل رؤوسًا نوويّةً، إذ أنّ كلّ صاروخ يحمل خمس كيلوغرامات من مادّة البلوتونيوم. وبحسب الإنتاج الكليّ للمادّة، يُمكن لإسرائيل استخدام 90 حتى 290 وسيلة قتاليّة.
ولفت المُحلل إلى أنّ معاهد أبحاث أخرى تُقدّر أنّ إسرائيل تمتلك ما بين 80 حتى 200 رأسًا نوويًا. ولفت مُعّد الدراسة إلى أنّه من الممكن أنّ الدولة العبريّة وصلت إلى وضع لم تكن معنية فيه بإنتاج المزيد من البلوتونيوم، وقال في هذا السياق إنّ العديدين قاموا بتقديم تقديرات أعلى بكثير بشأن قدرات إسرائيل في إنتاج أسلحة نوويّة، على حدّ تعبيره.
علاوة على ذلك، جاء في الدراسة، اعتمادًا على دراساتٍ سابقةٍ، أنّ إسرائيل قامت بتطوير صواريخ وطائرات بقدرتها حمل الرؤوس النوويّة.
وساق مُعّد الدراسة قائلاً، بحسب الصحيفة العبريّة، إنّه لا يستبعد بالمرّة إمكانية أنّه أصبح لدى الدولة العبريّة القدرة على إطلاق صواريخ نوويّة من الغواصات الموجودة بحوزتها، وهي الغواصات التي حصلت عليها من ألمانيا. ووفقًا لتقديراته فإنّ الأسلحة النووية المتوفرّة لدى إسرائيل قادرة على حمل 3 – 5 كيلوغرامات من البلوتونيوم.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ المعلومات التي كشف عنها التقنيّ النوويّ الإسرائيليّ السابق، مردخاي فعنونو، كانت مصدرًا من المصادر التي اعتمدت عليها الدراسة الأمريكيّة الجديدة.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم