آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » ترامب بين السلام والحرب .. لعبة التناقض السياسي

ترامب بين السلام والحرب .. لعبة التناقض السياسي

 

عدنان كامل الشمالي

 

في خطوة أثارت دهشة المراقبين والمهتمين بالشأن الأمريكي، أعلن الرئيس دونالد ترامب في الخامس والعشرين من آب الجاري عزمه إعادة تسمية وزارة الدفاع الأمريكية بوزارة الحرب.

يبدو هذا التصريح متناقضًا مع وعوده السابقة خلال حملته الانتخابية، التي ركزت على الحد من الحروب وتعزيز السلام، بما في ذلك سعيه الواضح لإنهاء النزاعات المستمرة وتعزيز الاستقرار العالمي.

خلال الحملة الانتخابية، لم يخفِ ترامب طموحه في أن يُنظر إليه كرمز للسلام وربما يسعى لنيل جائزة نوبل للسلام، لكنه في الوقت ذاته يقدم رسالة مغايرة تمامًا من خلال اقتراحه الأخير، إذ يشير إلى التركيز على القوة العسكرية والهجوم بدل الدفاع والدبلوماسية، ما يسلط الضوء على صعوبة تفسير رسالته السياسية ويطرح تساؤلات حول مدى جديته في تحقيق وعوده السابقة.

العودة إلى الاسم التاريخي وزارة الحرب ليست مجرد تغيير شكلي؛ فهي تعكس فلسفة تقول إن القوة العسكرية الصريحة هي الطريقة الأنجع لتحقيق السلام، وهو مفهوم استخدمه القادة على مر التاريخ لتبرير التدخلات العسكرية باسم الأمن والاستقرار. من هذا المنظور، يبدو أن ترامب يسعى للجمع بين صورتين متناقضتين: السلام على الورق والقوة على أرض الواقع، محاولة لتمثيل نموذج القيادة التي تجمع بين الهيبة والصلابة العسكرية.

ومع سعيه لتعزيز صورته كقائد قوي، فإن تصريحاته الأخيرة تتناقض مع وعوده الانتخابية، ما يفتح الباب لانتقادات واسعة من الداخل والخارج. داخليًا، قد يشعر الناخبون بالارتباك تجاه رؤية رئيس يعلن عن السلام ويروج في الوقت نفسه لأسماء تحيل مباشرة إلى الحرب والهجوم. دوليًا، قد تُفسَّر هذه الخطوة على أنها رغبة أمريكية في توسيع نطاق تدخلاتها العسكرية، ما يثير القلق والتحفظ لدى الشركاء والدول الأخرى، ويضع صانعي القرار أمام معضلة قراءة السياسة الأمريكية بين الشعارات المثالية والواقع العسكري الصارم.

التناقض بين الأقوال والأفعال يعكس استراتيجية سياسية مزدوجة: تعزيز القوة والهجوم كوسيلة لإثبات الهيبة الأمريكية، وفي الوقت نفسه استخدام شعارات السلام لأغراض الدعاية السياسية ورفع الصورة أمام الرأي العام الدولي. إنها لعبة دقيقة تحمل رسائل متناقضة تتطلب من المراقبين والمحللين تفكيكها بعناية لفهم نوايا القيادة الأمريكية واتجاهاتها المستقبلية.

في النهاية، يبقى السؤال قائمًا: هل السلام الذي يروّج له ترامب قائم على القوة المهيمنة، أم مجرد شعار سياسي لتجميل صورة الولايات المتحدة في الداخل والخارج؟ التناقض بين أقواله ووعوده وأفعاله الأخيرة يعكس صراعًا مستمرًا بين الرغبة في الصورة المثالية والضرورة العملية للقوة، وهو ما يجعل قراءة سياساته الخارجية وتحليل خطواته المقبلة مهمة شديدة التعقيد والدقة، وتستدعي متابعة دقيقة لكل تصريح وكل خطوة في هذا المسار السياسي المثير للجدل.

(أخبار سوريا الوطن-1)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الترابط بين الضغوط لنزع سلاح المقاومة ومشروع «إسرائيل الكبرى»…

    حسن حردان   يبدو من الواضح لأيّ مراقب للتطورات في المنطقة، التزامن أو الترابط بين الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة الأميركية لأجل تجريد ...