آخر الأخبار
الرئيسية » عالم البحار والمحيطات » تسخين في البحر الأسود: أوروبا تدفع نحو صدام تركي – روسي؟

تسخين في البحر الأسود: أوروبا تدفع نحو صدام تركي – روسي؟

 

محمد نور الدين

 

 

أثارت الهجمات الأوكرانية الثلاث على ناقلتَي نفط روسيتَين، وأخرى تحمل زيت الذرة، روسية أيضاً، في البحر الأسود، خلال أربعة أيام فقط، جدلاً حول مسار الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وأمن منطقة البحر الأسود على وجه التحديد. فالقاسم المشترك بين تلك الهجمات، أنها وقعت داخل المنطقة البحرية الخالصة التابعة لتركيا، على مسافة 30 إلى 90 ميلاً بحريّاً من الساحل التركي؛ وهو ما وضَع أنقرة في حالة ترقُّب لمسار الأحداث، التي يُخشى من أن تمثّل بداية لمرحلة جديدة من الحرب، قد تُجرّ إليها دول أخرى، من مثل تركيا. والجدير ذكره، هنا، أن بعض الأصوات التركية اتّهمت دولاً أوروبية بالوقوف وراء الهجمات، وذلك بغرض توسيع جغرافيا الحرب، وتعطيل الوساطة.

وجاء التعليق الرسمي الأول على العمليات الأوكرانية في البحر الأسود، على لسان وزير الخارجية التركي، حاقان فيدان، في أثناء اجتماع لوزراء خارجية «حلف شمال الأطلسي» في بروكسل، الأربعاء، حينما قال: «جغرافيا الحرب تتوسّع، وهذا أمر مخيف جدّاً». وفي اليوم التالي، استدعت الخارجية التركية كلاً من السفير الأوكراني والقائم بالأعمال الروسي في أنقرة، معربةً لهما عن قلقها من تصاعد الهجمات بين سفن البلدَين في المنطقة الاقتصادية التركية في «الأسود». وقال مساعد وزير الخارجية التركي، برّيس أكنجي، إن استدعاءهما تم لإبلاغهما بأن أنقرة حافظت على أمن هذا البحر نتيجة احترام الأطراف لـ«اتفاقية مونتر».

 

كذلك، نقلت صحيفة «حرييات» عن مصادر ديبلوماسية تركية، قولها إن «قرار السلام يقع على عاتق روسيا وأوكرانيا حصراً، وستواصل تركيا دعمها لعملية السلام». ووفقاً للمصادر، فإن أنقرة «مستعدّة لقيادة أمن البحر الأسود إلى جانب شركاء آخرين»، خصوصاً أنها «لن تسمح بتهديد أمنها وأمن البحر الأسود من جانب أيّ دولة». وأشارت المصادر إلى أن «تركيا، وبفضل حجمها وقدراتها، تلعب دوراً محوريّاً في الدفاع الأوروبي»، وأن صادراتها العسكرية «تتجاوز السبعة مليارات دولارات سنويّاً، ويعمل في قطاع الصناعات العسكرية فيها أكثر من مئة ألف شخص، وهي ثاني أكبر جيش في الناتو». وأضافت أن «دولة بهذه القدرة، لا يمكن استبعادها من مبادرات الاتحاد الأوروبي الدفاعية، إذ إن ذلك لا يخدم أوروبا». وذكّرت بأنه لا يمكن «الأطلسي» أن يتوسّع من دون موافقة تركيا، وبأنه «على الأعضاء الجُدد المساهمة في أمن الحلف»، وأيضاً بأن يدعم هؤلاء دائماً وحدة أراضي أوكرانيا وسلامتها؛ علماً أن تركيا تعارض ضمّ أيّ أراضٍ أوكرانية إلى روسيا، منذ إعلان هذه الأخيرة ضمّ شبه جزيرة القرم إليها، في عام 2014.

 

تهدف أوكرانيا، من وراء هذه الهجمات، إلى تعطيل صادرات النفط الروسي، واستهداف الوساطة التركية

 

في الإطار نفسه، أشار الخبير الأمني التركي، إبراهيم كيليش، إلى أن أوكرانيا كانت تفجّر سفناً روسية عبر زراعة ألغام تحت الماء، مستدركاً بأن «طبيعة الهجمات الأخيرة، عبر المسيَّرات، نقلت الحرب إلى بُعد جديد». ولفت إلى أن «طريق البحر الأسود كان آمناً، رغم زرع بعض الألغام، لكن الهجمات الأخيرة أضرَّت بشدّة بصورته كطريق آمن»، معتبراً أن أوكرانيا تهدف من وراء هذه الهجمات، إلى «تعطيل صادرات النفط الروسي، واستهداف تركيا لمنعها من القيام بدور الوسيط». ورأى كيليش أن حدوث هجوم على بعد 28 ميلاً بحريّاً من الساحل التركي، يشكّل مصدر قلق لبلاده، مبيّناً أن أيّ ردٍّ روسي على الصواريخ الأوكرانية التي استهدفت السفن الروسية، يمكن أن يطال عن طريق الخطأ البرّ التركي، ويُعتبر انتهاكاً للسيادة، مشدداً على ضرورة «وقف التصعيد في هذه النقطة وأن يبقى البحر الأسود بحيرة سلام، وإلّا فإن الحرب ستنتقل إلى حدود تركيا وتخلق مشكلات كثيرة». وحذّر من أنه «في حال انتقلت الحرب إلى البحر الأسود، فإنها ستشكّل تهديداً لتركيا، وربّما خطراً على التجارة العالمية»، مذكّراً بأن لدى تركيا أطول حدود على البحر الأسود، وبأن «التجارة البحرية لجورجيا ورومانيا وأوكرانيا وبلغاريا تمرّ عبر هذا البحر»، في حين أن الضرر الذي يمكن أن يلحق بالتجارة في حال انفلات التصعيد «سيكون مماثلاً للضرر الذي ألحقته ضربات الحوثيين بالتجارة العالمية في البحر الأحمر». وإذ أكد أن تركيا تعمل على منع امتداد الحرب بالطرق السلمية والمفاوضات، فهو نبّه إلى أنه «إذا امتدّت الحرب، فستمنعها تركيا بالقوّة، وتعمل على منع المسيّرات البحرية الأوكرانية من ضرب السفن الروسية».

من جهته، رأى الباحث علي فؤاد غوكتشه أن هجوم أوكرانيا على السفن في البحر الأسود، «يُعتبر تخريباً لمبادرة الوساطة بين روسيا وأوكرانيا ولأمن البحر الأسود»، معتبراً أن هذه الهجمات «ربّما تكون من تدبير أطراف لا ترغب في استئناف محادثات وقف إطلاق النار التي كان من المتوقّع أن تتولّى تركيا الوساطة فيها». وأضاف أن «الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، قد تم تحريضه من جانب معارضي إنهاء الحرب الأوروبيين، وخصوصاً إنكلترا»، وأن «السياسيين في الدول الأوروبية يحاولون استغلال حالة الخوف من روسيا، لتعزيز مكانتهم في مجتمعاتهم (…) هذه الهجمات تفوق قدرة أوكرانيا، والهدف منها جرّ تركيا إلى مستنقع».

 

أما الأستاذ في جامعة «حاجي تبه»، إرديم إيلكر موتلو، فأعرب عن اعتقاده بأن «الهجمات على سفن في المنطقة الاقتصادية التركية من جانب أوكرانيا، تهدف إلى تأليب روسيا وتركيا، بعضهما على بعض»، معتبراً أن على أنقرة أن تقدّم مذكّرة احتجاج إلى كييف، لافتاً إلى أن «حلف شمال الأطلسي ملزم قانونياً بالدفاع عن تركيا، التي لها الحقّ، وفقاً لاتفاقات الأمن الإقليمي، في أن تردّ على هذه الاعتداءات». أيضاً، وجّه الخبير البحري، مصطفى جان، أصابع الاتهام إلى المملكة المتحدة التي قال إنها «تريد تقريب تركيا أكثر من حلف شمال الأطلسي، وكذلك إثارة النقاش من جديد حول اتفاقية مونترو للمرور عبر المضائق»، داعياً بلاده إلى أن تقارب المسألة من زاوية السيادة السياسية والاقتصادية، وأن تحتج لدى الأوكرانيين، وتصدر تحذيراً علنيّاً صارماً. ولفت جان الانتباه إلى أن «الهجمات الأوكرانية من شأنها تحويل البحر الأسود إلى منطقة حرب طائرات من دون طيار، وهو ما سيشلّ حركة التجارة».

 

وفي الاتجاه نفسه، رأى رئيس تحرير صحيفة «ميللييات» الموالية، أوزاي شاندير، أن «الهجمات ليست عادية في نطاق الحرب بين روسيا وأوكرانيا، بل تتعدّى ذلك لتكون ألاعيب مشبوهة في البحر الأسود». وذهب شاندير إلى الحديث عن وجود شبهات في أن يكون هناك دور للدول الغربية في الهجمات هذه، وذلك من أجل إطاحة الرئيس فلودومير زيلينسكي، واستبدال قائد الجيش السابق، فاليري زالوزني به، خصوصاً في ضوء تقارير الفساد في كييف، لافتاً إلى أن العمليات الأخيرة «وقعت في منطقة ليس لزيلينسكي نفوذ عليها». وقال: «الدول الأطلسية تعمل بقوّة لإدخال أميركا إلى البحر الأسود بذرائع الألغام، لكن تركيا، التي يتطلّب الأمر موافقتها، ترى في ذلك انتهاكاً لاتفاقية مونترو». وانتهى شاندير إلى القول إن ما يحدث في البحر الأسود ليس مجرّد صراع بين دولتَين في حالة حرب، بل صراع دولي على النفوذ يحمل اسم «صنع في…».

 

 

أخبار سوريا الوطن١-الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

تحمل 350 ألف لتر من الوقود المهرب”… إيران تحتجز سفينة ترفع علم إسواتيني

  ذكرت وكالة “تسنيم” شبه الرسمية للأنباء، اليوم الأحد، أنّ “إيران احتجزت سفينة ترفع علم إسواتيني تحمل 350 ألف لتر من الوقود المهرب”.     ...