آخر الأخبار
الرئيسية » مجتمع » تطبيقات البث المباشر تستغل السوريّات: فرصة عمل لإجراء مكالمات مشبوهة!

تطبيقات البث المباشر تستغل السوريّات: فرصة عمل لإجراء مكالمات مشبوهة!

تزداد الأوضاع الاقتصادية في سوريا سوءاً يوماً بعد يوم، وتزداد معها معاناة الناس في تأمين ما يعينهم على تلبية متطلبات حياتهم، ولعلّ أكثر من تأثر هم فئة الشباب الذين صاروا يعانون من ارتفاع نسبة البطالة، وضآلة المردود المالي إن كانوا يعملون، بسبب تدهور سعر صرف الليرة، الأمر الذي جعلهم يلجؤون إلى الانترنت للكسب عبره.

وباتت الطريقة الأكثر سرعةً في كسب المال، والأكثر انتشاراً في سوريا بين الشابات خصوصاً، هي العمل “كمذيعات” على تطبيقات البث المباشر، ما يطرح علامات استفهام كثيرة حول المحتوى الذي يُقدَّم، وطرق تحويل الأموال، وكيفية استقطاب مستخدمي هذه البرامج.

ما هي تطبيقات البث المباشر؟

تعود ملكية تطبيقات البث المباشر إلى شركات آسيوية متعددة أغلبها صينية، وتعتمد على مشاركة صاحب الحساب أوقاته بشكل حي مع المتابعين، وقد بدأت هذه التطبيقات العمل عام 2016، لكن شعبيتها ازدادت بعد الحجر الصحي العالمي الذي تسبب به فيروس كورونا عام 2020، بسبب بحث الناس عن أشياء جديدة، تشاهدها خلال فترة الجلوس في المنزل.

الإحصائيات الأخيرة من داخل الشركا أشارت إلى أن عدد المستخدمين في الصين لوحدها، بلغ حوالى 309 مليون مستخدم، وأن نسبة حسابات الإناث تجاوزت 73%، كما أن أكثرية المت المالكة،شاهدين هم من الذكور، وتوقعت أن تصل نسبة الأرباح عام 2028 إلى أكثر من 233 مليار دولار.

ويوجد عبر الإنترنت ما يزيد عن 20 تطبيقاً للتواصل المباشر، أغلبها ينتهي بكلمة لايف، مثل “mi live”، و”be live”، و”meme live”، ولكن أشهرها في سوريا هما “bigo live” و”likee”، اللذان يحققان انتشاراً متزايداً بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة.

آلية عمل تطبيقات البث المباشر

تقدم تطبيقات البث المباشر أموالاً للمستخدمين، مقابل تحقيق عدد من النقاط التي يتم جمعها من مستخدمين آخرين يُعرفون باسم “الداعمين”، الذين يقومون بشراء “الهدايا”، وهي عبارة عن رموز، كل رمز يساوي عدداً معيناً من النقاط التي يقدمها الداعم للمستخدم، بناءً على تفاعله مع الفيديو، وكلما زادت الهدايا زاد عدد النقاط، بالتالي زاد الدخل.

لا يستفيد المستخدم مالياً، إلا بعد تحقيق “تارغيت” معين من الهدايا متدرجة الأسعار، “فالدرع” مثلاً يُستبدل بحوالى 300 ألف ليرة سورية أي ما يعادل 60 دولاراً، وحتى يستطيع المشاهد إرسال تلك الهدايا، يجب أن تكون في خزينة حسابه “جواهر”، يجب شراؤها بأموال حقيقية من خلال بطاقة ائتمان.

لا يعمل الأشخاص في سوريا على هذه التطبيقات بمفردهم، بل عبر شركة لبنانية لها وكلاء في المحافظات، حيث أنه يتم دفع الأموال بواسطة شركة حوالات معروفة، أما في اللاذقية وطرطوس يتم الدفع “كاش”.

وتسمي هذه المجموعات أنفسها “بالوكالات”، رغم أنها غير مرخصة، ولا يوجد لها سجل تجاري، ولا تدفع ضرائب.

ورغم تواجدهن علناً، وإعلاناتهن المستمرة على مواقع التواصل الاجتماعي، رفضت أربعة “مشرفات” في هذه الوكالات بشكل قاطع الحديث مع الميادين نت عن عملهن وماهيته.

الخبرة غير مهمة.. كوني “أنيقة وحديثك ناعم”

تقضي المهندسة الميكانيكية نغم (اسم مستعار)، ساعاتٍ طويلة في منزلها بريف اللاذقية، وهي تعطي دروساً خصوصية لبعض أبناء قريتها، ممن يدرسون في المرحلة الابتدائية.

تغلق الباب مودّعةً الطالب الرابع لهذا اليوم، وتقول للميادين نت: “تخرجت منذ عام، ولم أستطع الحصول على فرصة عمل، ولم يتبقى لي سوى خيار تدريس الطلاب في منزلي، كي أحصل على مصروفي الشخصي”.

لم تكن ترغب خريجة جامعة تشرين في هذا العمل، لكنها أدركت أنه الأنسب، و”الأأمن على الإطلاق”، بعد أن مرّت بتجربة تطبيقات البث المباشر، التي وصفتها “بالمُريعة”.

تتساءل نغم: “أتدركين معنى أن تكوني غير آمنة في بيتك حتى؟”.  وتتابع: “بعد تخرجي بفترة، وأثناء تصفحي إحدى المجموعات الخاصة بالنساء، قرأت منشوراً إعلانياً من حساب يضع صورة وهمية، ويحمل اسم “جوري جوري”، يطلب فتيات للعمل من المنزل، من دون خبرة، المهم فقط أن تكوني أنيقة وحديثك ناعم وأن يتوفر لديك الإنترنت والإضاءة الجيدة، وبراتب أربعمئة 400 ألف ليرة سورية شهرياً، أي ما يعادل 80 دولاراً، وهو ما لم أكن أحلم به حتى”.

سارعت الشابة العشرينية إلى التعليق على المنشور للحصول على تفاصيل أكثر حول ماهية العمل، لكن الإجابة الموحدة على تساؤلات الجميع كانت: “راسلوني على الخاص”، ليتبين فيما بعد أن الأمور “سهلة للغاية”، فالمهمة تتلخص بحسب نغم “بفتح بث مباشر على برنامج بيغو لايف، بمعدل ثلاثين ساعة شهرياً، أفعل فيها ما يحلو لي، مثلاً، الغناء، أو وضع المكياج، أو الجلي، على أن أتفاعل مع الجمهور، وألفت انتباههم كي أحصل على الهدايا”.

تؤكد نغم أنها حصلت على ضمانات من الوكيلة بحظر وإغلاق حساب أي شخص يقوم بتجاوز الحدود معها، وأن ما عليها فقط هو إخبارها، لكن ما حدث كان عكس ذلك تماماً وتشرح: “فحصت الوكالة شكلي وجودة الإنترنت والإضاءة عندي، ثم بدأتُ العمل، فكنت أفتح البث وأنا أطبخ أو أعد القهوة، إلى أن جاء اليوم الثالث وقدم لي أحد المتابعين العرب هدية، ثم طلب مني التواصل على الخاص، فوافقت بتشجيعٍ من المشرفة، لكن الذي حدث أنه طلب مني أشياء أخجل من ذكرها، وعندما نقلت ذلك للمشرفة، كانت ردة فعلها عادية لا بل حتى متحمسة بعض الشيء، وقالت لي إن الأمر عادي، ولن يعرف أحد بذلك، ثم إنه سيزيد من مكاسبي”.

وبدون أن تنتظر ولو للحظة واحدة، قامت نغم بحذف التطبيق، وحظر المشرفة، والخروج من جميع المجموعات المتعلقة، مع شعورها بالغضب والأسف في آنٍ معاً، وتختم: “غاضبة جداً من نفسي، ومن هؤلاء لأنهم استغلوني، كما أنني لن أسامح الفتيات اللواتي كنّ قبلي في المجموعة ولم يحذرنني أبداً، مع أنني أأسف عليهن بالوقت نفسه، فهنّ ضحايا أيضاً لكن اخترن الاستمرارية، هذه البرامج والوكالات تتقدم بسرعة وتزدهر أرباحها، ولا أعتقد أن أحداً يستطيع الوقوف بوجههم أو منعهم”.

“مذيعات” عملهنّ إجراء مكالمات فيديو خاصة!

“هل تودين أن تصبحي مذيعة حقّاً؟”،  بهذا السؤال، بادرت زميلة هبة (اسم مستعار) الحديث إليها، بعد الانتهاء من حضور إحدى المحاضرات في كلية الإعلام بجامعة دمشق.

“ومن منّا لا يتمنى الحصول على هذه الفرصة؟!”، تقول الشابة العشرينية للميادين نت، وتتابع: “لقد ظننت في بادئ الأمر، أن العمل أشبه ما يكون بصناعة المحتوى عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فحمّلت تطبيق البيغو لايف، وأجريت مقابلة عمل تلخصت في بث لمدة دقيقتين، تحدثت فيه عن أشياء لا على التعيين، وبعد ساعة اتصلت بي زميلتي لتخبرني بقبولي كمذيعة”.

تمّت إضافة هبة إلى عدة مجموعات على الواتساب والمسنجر، تضم الفتيات المقبولات لشرح ما يتوجب عليهن فعله، وخلال هذا الوقت كانت تتصفح بعض البثوث، فوجدت “فتيات يغطين وجوههن، ويظهرن باقي جسمهن بطريقة ملفتة، كما رأت بعض اللواتي وضعن إضاءات خافتة، مع تلميحات غير لائقة”، لكنها لم تجدها أسباباً كافية لتتراجع، فهي بحاجة ماسة للمال، وكل فرد في النهاية مسؤول عن تصرفاته، وفق تعبيرها.

ولم يكد يشارف شهر العمل الأول على الانتهاء، حتى حدث ما لم يكن في حسبان ابنة ريف دمشق، وتشرح: “قمت بالدور المطلوب مني، ودعوت فتيات أخريات لاستخدام التطبيق والترويج لمحتواي، لكني فشلت في إغلاق التارغيت والحصول على الحد الأدنى من النقاط، مع هذا كنت آمل أن تساعدني الوكيلة، فهم وعدوني بالدعم، لكن ما حصل أنهم طلبوا مني مسايرة المستخدمين، وإجراء مكالمات فيديو خاصة، مع من طلبوا مني ذلك”.

تعتبر هبة أنها نجت بأعجوبة من الغرق في “مستنقع كبير” بحسب وصفها، ولا تزال ترتجف عندما يراودها احتمال أن تعرف عائلتها بما اختبرته، وتختم قائلة: “لا تزال العديد من الفتيات اللواتي أعرفهن يعملن كمذيعات في هذا التطبيق، لا بل سمعت أن أعدادهن تزيد بشكل متسارع، قد يبدو ما سأقوله مثالياً للغاية، أنا أعرف أن الحاجة صعبة، لكنني أؤمن حقاً أن العيش بفقر مع كرامة، أفضل بكثير من العيش ببحبوحة من دونها”.

فنانون سوريون يدعون متابعيهم إلى الانضمام

يروّج الكثير من مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي السوريين، إلى حساباتهم على برامج البث المباشر، ويطلبون من متابعيهم على انستاغرام وفيسبوك، “اللحاق بهم” إلى هذه التطبيقات.

ولم يقتصر الأمر على هؤلاء، بل انضم إليهم العديد من الممثلين المعروفين، مثل ليليا الأطرش، يزن السيد، رنا الأبيض وجيهان عبد العظيم.

ورغم الانتقادات الشديدة من متابعيهم، بسبب عدم وجود ضوابط على هذه البرامج، ومحتوى البث فيها، يشارك الممثلون السوريون، بتحديات مع “مذيعين” آخرين، ومن يربح يشترط على الخاسر أوامر إذا لم ينفذها، قد يخسر محفظته بالكامل.

فتنقسم الشاشة إلى قسمين، يظهر فيها كل مستخدم محاولاً تشجيع وإثارة حماس متابعيه، لإرسال أكبر كم من الهدايا، من دون تقديم أي محتوى فني، بل غالباً ما يكون الممثل جالساً بملابس المنزل، يرد على التعليقات، ويطلب الهدايا من المتابعين.

وكان الممثل يزن السيد، قد صرّح لأحد البرامج التلفزيونية أنه تقاضى خلال شهر فقط، حوالى 200 مليون ليرة سورية، أي ما يعادل 33 ألف دولار، من برنامج “بيغو لايف”.

استخدام هذه البرامج ليس جريمة

من الناحية القانونية، لا يعدّ استخدام مثل هذه البرامج جريمة، بسبب عدم وجود نصّ واضح في القانون السوري بهذا الخصوص، بحسب المحامية رولا رجب، التي تقول للميادين نت: “لا يمكننا الادّعاء إلا إذا حدث ابتزاز بشكل مباشر مع أدلة، أي أنه إذا لم يتم تهديد الفتيات بنشر صور أو مقاطع فيديو لهن، لا يمكننا فعل شيء”.

تطالب المحامية رجب، بإجراء تعديلات على القانون السوري، وإضافة مواد تجرّم “الدعارة الالكترونية” لحماية المجتمع وتتابع: “الأمر يجري علناً، هذه البرامج ليست مخفية، والذين يعملون بها كثر، ونعرف أن الأموال تدفع بكميات كبيرة جداً، لكن طالما أنها تُحوَّل بطريقة نظامية، فلا يوجد جرم”.

 

سيرياهوم نيوز-الميادين1

x

‎قد يُعجبك أيضاً

كيف اجعل زوجي يترك مراسلة البنات..؟؟؟

        1 الخيانة الزوجية أمر مؤلم، ولكن طالما تتمسكين بهذا الزوج فعليك التحلي بالعقل، فحاولي ألا تواجهيه بقسوة أو انفعال، بل تحدثي ...