بدأت أول سفينة تحمل مواد غذائية تفريغ أطنان من المساعدات في قطاع غزة المحاصر لتجنب مجاعة في وقت تعاود فيه المفاوضات بغية التوصل إلى هدنة في الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس منذ اكثر من خمسة أشهر.
وأعلن الناطق باسم وزارة الصحة التابعة لحركة حماس أشرف القدرة صباح السبت استشهاد 36 شخصا بينهم أطفال ونساء في ضربة على منزل لجأ إليه نازحون في النصيرات في وسط قطاع غزة. واستشهد نحو 123 شخصا في المجموع منذ مساء الجمعة في أرجاء قطاع غزة وفق المصدر نفسه.
وفيما كانت حركة حماس تطالب بوقف نهائي لإطلاق النار قبل أي اتفاق بشأن إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة، أعلنت الجمعة أنها مستعدة لهدنة مدتها ستة أسابيع تشمل تبادل رهائن بأسرى فلسطينيين.
وقال أحد قياداتها لوكالة فرانس برس إن الحركة مستعدة للإفراج عن 42 رهينة إسرائيليين من النساء والأطفال وكبار السن والمرضى، على “أن تفرج إسرائيل عن 20 الى 30 أسيرا فلسطينيا مقابل كل محتجز إسرائيلي”. وتطالب الحركة بالإفراج عن 30 إلى 50 معتقلا فلسطينيا في مقابل الإفراج عن كل جندي محتجز لديها.
من جهتها، طالبت مصر، السبت، إسرائيل برفع العوائق والقيود أمام وصول المساعدات الإغاثية إلى غزة عبر المنافذ البرية، مرحبة بوصول أول سفينة مساعدات عبر الممر البحري للقطاع.
جاء ذلك في بيان لمتحدث الخارجية أحمد أبو زيد، بشأن موقف مصر إزاء ما أُعلن بشأن وصول أول سفينة مساعدات من خلال الممر البحري إلى قطاع غزة.
وأمس الجمعة، بدأت أعمال تفريغ حمولة سفينة المساعدات “أوبن آرمز” بعد وصولها إلى قبالة شواطئ قطاع غزة قادمة من ميناء لارنكا في قبرص الرومية.
وقال أبو زيد: “مصر تقدر وترحب بكل جهد يستهدف تخفيف المعاناة الإنسانية للفلسطينيين في قطاع غزة”، مقدما الشكر لكن من أسهم في تيسيرها.
وأضاف أن بلاده تواصل بذل كافة الجهود من أجل تعزيز نفاذ المساعدات الملحة للقطاع من خلال معبر رفح، وعبر الإنزال الجوي.
وطالب أبو زيد إسرائيل بإزالة العوائق والقيود التي تضعها أمام عملية دخول المساعدات عبر المنافذ البرية (رفح وكرم أبو سالم جنوب غزة).
وأعلنت الإمارات، في بيان للخارجية أمس الجمعة، وصول أول سفينة مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة تحمل على متنها 200 طن من الإمدادات الغذائية والإغاثية.
وأوضحت وزارة الخارجية أن السفينة جرى تجهيزها بالتعاون بين الإمارات ومؤسسة المطبخ المركزي العالمي “وورلد سنترال كيتشن” وقبرص الرومية، عبر الممر البحري بين الأخيرة وغزة، انطلاقاً من ميناء لارنكا.
وبوتيرة مستمرة، على مدار الأيام الماضية، واصلت مصر والإمارات والأردن ودول عربية وغربية عمليات إسقاط جوي لمساعدات على قطاع غزة.
وتقيد إسرائيل إدخال المساعدات إلى غزة ما أدى إلى شح في إمدادات الغذاء والدواء والوقود وأوجد مجاعة بدأت تحصد أرواح أطفال ومسنين في القطاع الذي يقطنه نحو 2.3 مليون فلسطيني، بينهم حوالي مليوني نازح جراء الحرب، وتحاصره إسرائيل منذ 17 عاما.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حربا مدمرة على غزة خلفت عشرات آلاف الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، بحسب بيانات فلسطينية وأممية ما أدى إلى مثولها أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب “إبادة جماعية”.
كذلك، تشمل المرحلة الأولى “الانسحاب العسكري من كافة المدن والمناطق المأهولة في قطاع غزة وعودة النازحين بدون قيود وتدفق المساعدات بما لا يقل عن 500 شاحنة يوميا”.
من جانبه، أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن الدول الوسيطة تعمل “بلا كلل على سد الفجوات المتبقية” بهدف التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن ووقف إطلاق النار.
وأبدى البيت الأبيض “تفاؤلا حذرا” بإمكان التوصل الى هدنة ولفت المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي الى أن اقتراح حماس الجديد يندرج “ضمن حدود” ما ناقشه المفاوضون خلال الأشهر الأخيرة.
من جهته، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن وفدا سيسافر إلى قطر في إطار المفاوضات من دون تحديد موعد لذلك.
إلى جانب الضربات والمعارك تخشى الأمم المتحدة حصول مجاعة تعم القطاع برمته ولا سيما في الشمال الذي لحق به دمار كبير جراء الحرب ويصعب الوصول إليه.
وتصل المساعدات أساسا من مصر عبر معبر رفح في جنوب غزة، بعد إخضاعها لتفتيش إسرائيلي دقيق، لكنها تظل غير كافية على الإطلاق بالنظر إلى الاحتياجات الهائلة للسكان البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة.
وثمة سباق مع الزمن في محاولة لإيصال مزيد من المساعدات الانسانية مباشرة إلى شمال قطاع غزة من خلال إلقائها من الجو أو من خلال ممر بحري انطلاقا من قبرص.
– أول سفينة –
في هذا السياق، أبحرت من قبرص الثلاثاء سفينة تابعة لمنظمة “أوبن آرمز” غير الحكومية الإسبانية، قاطرة منصة محملة 200 طن من المؤن من منظمة “وورلد كيتشن سنترال” وبلغت رصيفا عائما على شاطئ قطاع غزة وبدأت تفريغ حمولتها عصر الجمعة.
وقالت المنظمة غير الحكومية عبر منصة “اكس”، إن “وورلد كيتشن سنترال تفرغ حوالى 200 طن من الأرز والدقيق والبروتينات وغير ذلك وصلت بحرا في وقت سابق. وفيما تفرغ هذه الحمولة تستعد سفينتنا الثانية للابحار من قبرص مع مئات الأطنان من المواد الغذائية الإضافية”.
وأكدت “أوبن آرمز”، “رغم الظلام والصعوبات لا يتوقف العمل في غزة لتفريغ 200 طن من الأغذية من وورلد سنترال كيتشن (..) نأمل أن يشكل هذا الممر الذي دشناه اليوم طريقا موازيا للطرقات البرية لتخفيف وطأة الجوع والمعاناة”.
وقال النازح أبو عيسى إبراهيم فلفل لوكالة فرانس برس فيما ينتظر على الشاطئ بعد مشاهدة السفينة في البحر، “إن شاء الله سيحضرون الطعام للأطفال… ندعو الله أن يكون الطعام كافيا لأن الناس هنا يتضورون جوعا”.
وشددت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى في الأيام الأخيرة على أن نقل المساعدات بحرا أو جوا لا يمكن أن يحل كليا مكان نقلها برا.
من جهته، قال الجيش الإسرائيلي في بيان إن قواته “انتشرت لتأمين المنطقة”، مؤكدا أن “السفينة خضعت لفحص أمني كامل”. وأضاف أن دخول المساعدات الإنسانية بحرا “لا ينتهك” الحصار الذي تفرضه الدولة العبرية على قطاع غزة منذ عام 2007. وقد احكمت اسرائيل هذا الحصار بعد هجوم حركة حماس داخل أراضيها في السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
اندلعت الحرب إثر هذا الهجوم غير المسبوق الذي أسفر عن مقتل ما لا يقلّ عن 1160 شخصا، معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد أجرته وكالة فرانس برس استنادا إلى بيانات إسرائيلية رسمية. وتؤكد إسرائيل أنّه ما زال في غزة 130 رهينة، يعتقد أنّ 32 منهم لقوا مصرعهم، من بين نحو 250 خطفوا في الهجوم.
ردا على هجوم حماس، توعدت إسرائيل بالقضاء على الحركة، وأطلقت حملة عسكرية خلفت دمارا هائلا و31490 شهيدا على الأقل معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة في غزة الجمعة.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم