| د. بسام الخالد
شئت أم أبيت .. فأنت معرض للسرقة والسطو.. ضيف ثقيل يدخل بيتك كل يوم.. ولص ذكي يقتحم غرفة نومك دون استئذان.. وبمجرد أن يصبحا داخل البيت تألف وجودهما بلا حول ولا قوة وتصبح في كثير من الأحيان أسير فلسفة التطفل واللصوصية لدرجة أنك قد تصنع لهؤلاء المتطفلين القهوة وترجو هم إطالة أمد الجلسة إلى وقت متأخر من الليل!!
أنت الآن في القرية الكونية المفتوحة، أمامك جهاز تلفزيون و” ريموت كنترول” تضغط الأزرار فتعرض لك شاشات العالم كل أسرارها.. تنتقل من زر إلى آخر ومن محطة إلى أخرى.. كوارث.. فيضانات.. هزات أرضية.. انتفاضات.. ثورات.. اغتيالات.. حروب أهلية.. مذابح جماعية.. فقر ومجاعات.. تقسيم أوطان.. و.. أمريكا وتلفزيون الواقع!
تثبّت المحطة وتبدأ بالفرجة على ” تلفزيون الواقع” كما يسميه مبتكره “جول دو مول” الذي صنع البرنامج الأشهر في العالم Big Brother (الأخ الأكبر) والذي حصد مليارات الدولارات من الأرباح عبر العالم ولسان حاله يقول: لقد ابتكرنا صنفاً جديداً وبرهنّا بوضوح كيف أن الناس العاديين قد يكونون شخصيات مهمة، وأن جارك البسيط الذي قد لا تلقي له بالاً، يمكنه أن يدهشك .. إنه النمط الأمريكي الذي يستغل كل التفاصيل، مهما كانت تافهة، لتعميمها ونشرها على الملأ.
اعترضْ ما شئت على ما تشاهد فهذا حقك، لكن بث برامج تلفزيون الواقع مستمر على مدار الـ 24 ساعة، وإذا ( لم يكن ما تريد.. فأرِد ما يكون)!!
لقد زحفت الثقافة الأمريكية على عالمنا العربي من فيضان العولمة.. وللأسف استطاعت أن تفرض سلطتها وقدرتها الجبارة على إغواء المشاهدين بـ “التفاهة” والإيحاء لهم بأنها تفعل العكس، فهذه فلسفتها ووظيفتها الأولى التي يعترف بها ضمناً صانعوها.
لكن الخطر يكمن ليس في هذه البرامج الخفيفة التافهة التي تقلدها محطاتنا العربية تقليداً مشوها، بل يكمن الخطر في أن المشاهد العربي لـ (تلفزيون الواقع) يجلس طوال النهار وهو مسترخ على أريكته ليشاهد هذه البرامج التافهة التي أدمن عليها، في زمن باتت فيه التفاهة جزءاً من الحياة العربية!
(سيرياهوم نيوز4-خاص)