الدكتور خيام الزعبي
اليوم تتبدل المعطيات وتتغير من حولنا، فيما لا يزال المعلم متشبثاً بدوره يجاهد ليبني جيلاً متسلحا بالعلم، ويأتي عيد المعلم هذا العام حاملاً معه معاني ودلالات جديدة لأن المعلم السوري تحدى الكثير من الصعوبات ليواصل تأدية رسالته النبيلة واستمر بعمله دون انقطاع مثل أي مقاتل على الجبهة يواجه الأعداء في سبيل أن تبقى سورية صامدة، فهو يدرك أن بناء الوطن وانتصاره على الأعداء لن يكون إلا من خلال المؤسسات التعليمية والصروح العلمية الشامخة.
في هذا السياق تولي جامعة الفرات هذه المناسبة اهتماماً خاصاً، لما تُمثله من معنى كبيراً لنا، حين تأخذنا إلى مآثر المعلم، وتضحياته وإخلاصه لرسالته، وللأمانة التي اؤتمن عليها، فما هذه الألوف المؤلفة من أبنائنا إلا غراس تعهدها المعلم بماء علمه فأثمرت وفاضت علماً ومعرفة, فهو الأخ، والأب، والصديق، والراعي للأجيال على مر العصور.
إن جامعتنا كانت على الدوام حجر الأساس في بناء الأجيال والحفاظ على ثقافتنا وهويتنا ولا يمكن لأحد أن ينكر الدور الذي قامت به خلال سنوات الحرب الإرهابية على سورية، فقد قطعت شوطاً كبيراً في مجال التعليم، ولأن الحياة لا تقبل الضعفاء، ولا تحترم الكسالى، فإنّ جامعة الفرات آمنت بهذه الروح وطبّقتها فأخذت مكانتها البارزة ، وانتصرت على المعيقات ، فأصبحت نموذجاً يحتذى به دائماً.
بالمقابل أكد رئيس جامعة الفرات تكراراً أن استمرار العملية التعليمية في جامعة الفرات بكل كلياتها هو بمثابة رسالة للجميع بأن السوريين هم صنّاع الحياة على مر التاريخ، ولا تستطيع أي قوة أن توقفهم عن ممارسة حياتهم الطبيعية وبناء جيل متمرس وواع وقادر أن يبني مستقبل هذا الوطن لأن التعليم هو العماد الذي سنرتكز عليه للاستقرار وإعادة البناء والإعمار في المرحلة القادمة.
ما نراه اليوم من الإسراع في عملية بناء وترميم جامعة الفرات في فروعها المختلفة وتوفير الكادر التدريسي والتنسيق مع الجامعات الأخرى للنهوض بالواقع التعليمي تستهدف فى المقام الأول إعادة هذه الجامعة المهمة إلى سابق عهدها باعتبارها مكاناً للتعليم وللتربية أيضا، كما تدل دلالة واضحة على أن الجامعة تعمل بشكل مستمر في تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لتطوير العملية التعليمية في سورية ، فجامعة الفرات تحاول اليوم أن تتطور وأن تقود الآفاق الطموحة من خلال جهد رئيس الجامعة وأعضاء هيئة التدريس والإداريين وخدمات الحرم الجامعي، الذين يبذلون الجهد من أجل رفعة الجامعة وتقدم مسيرتها الأكاديمية.
وبعيداً عن الأوضاع المادية والاجتماعية الصعبة التي تعيشها الأسرة التربوية بشكل عام, والمعلم والمعلمة بشكل خاص، يبقى الرهان على المعلم الإنسان الذي يعطي بشرف، ويقدم ما لديه من علم ومعرفة بكل محبة وتقدير لوطنه ولأبناء شعبه الذي هو جزء منهم.
اليوم نسعى لأن تكون جامعة الفرات في الصف الأول بين الجامعات المرموقة، على الرغم من شحّ الإمكانات وقلّة الموارد، وما حقّقته الجامعة في التّصنيفات من تقدّم يزيدنا قوّة، ويعزز من طموحاتنا، وستبقى سياستنا راسخة في استحداث البرامج الجديدة، وتطوير الخطط ومراجعتها بما ينسجم مع المستجدات العالمية.
إنّ هذا كلّه يتطلّب منا العمل يداً بيد، بروح الفريق الواحد، بعيداً عن أنانية النّفس ، وعلينا أن نسمو بروح المحبة والتعاون لنرتقي بأرواحنا، ووطننا، وجامعتنا إلى أعلى الرّتب والمقامات، “فكلكم راعٍ وكلّكم مسؤول عن رعيته”.
هذه تهنئة خالصة لزملائي المعلمين صناع شرف الكلمة والحرف، لهم أجمل التبريكات والأماني وأن يديم فيهم قوة الصبر والإيمان ليتواصلوا مع مهنتهم العريقة والنبيلة من أجل سورية التي تكن لهم الاحترام والتقدير.
وفي الختام… يظل الأمل معلقاً على أعتاق معلمينا الذين ما زال يجمعهم حب سورية، يتطلعون صوب المستقبل وهم يخططون له، هم الآن يزرعون الأمل الجديد في نفوس الطلبة، إنهم معلمين يجري في عروقهم حب سورية وكرامتها والدفاع عنها، هذا هو الولاء الوطني وهذه هي محبة الأوطان التي يجب أن تسود، ومن هنا فالمعلم هو سلاح الدولة لمواجهة الأفكار المنحرفة والجهل والتخلف ووسيلته للإرتقاء بالمجتمع علمياً وخلقياً والمعلم هو المصنع الحقيقي لقادة المستقبل.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم