آنا عزيز الخضر:
لأفلام الشباب السورية القصيرة خصوصية إبداعية وتميز الى حد أنها شكلت ظاهرة ثقافية هامة جدا في المشهد الفني السوري، يضاف إليها الحضور اللافت في المهرجانات العربية والعالمية، وأينما حلت، تحصد الجوائز وسط منافسات قوية على مستوى العالم، وفي مهرجانات لها مكانتها الخاصة، فمن النادر ان يحضر احد تلك الافﻻم، اﻻ وينال جائزة ما، وقد انتزعت جوائزها دوما بجدارة، رغم الظروف الصعبة التي عاشها السوريون ،ورغم الامكانيات الانتاجية البسيطة، فهي تتحول إلى تحف فنية مصنوعة بحب كبير للوطن وللفن …كان آخرها فيلم (يوم عادي جدا )اخراج انس الزواهري ،انتاج المؤسسة العامة للسينما – صندوق المنح الانتاجية، وقد نال الفيلم الجائزة الذهبية في مهرجان الاسكندرية للافﻻم القصيرة بحضور نخبة من الافﻻم العالمية المتميزة ..حول الفيلم وعوالمه والجائزة وماذا تعني للفن السوري كما للواقع ،تحدث المخرج أنس الزواهري قائﻻ:
هذه الجائزة الذهبية الثانية للفيلم، وهي مهمة جداً بالنسبة لي كمخرج شاب صاعد، فهي تعطيني المزيد من الثقة بالنفس للعمل والاجتهاد أكثر. وبهذه المناسبة أحب أن أشكر المؤسسة العامة للسينما ودعمها الدائم للشباب ولسينما الشباب، كما أتوجه بالشكر لجميع من عمل بالفيلم لأنهم آمنوا بالمشروع وأعطوا الكثير، ليخرج الفيلم إلى النور ، و أشكر طاقم وفريق ومنظمي مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير على هذه الجائزة المتميزة جدا والمهمة جدا..واقول في هذا السياق انها
مهمة للفن والواقع السوري في هذه الفترة من الوقت، فهي كما اعطتني الثقة بنفسي فإنها تعطي الثقة لباقي الشباب للعمل والاجتهاد على انفسهم وتقديم ماعندهم، لانهم يملكلون الكثير في جعبتهم، وينتظرون الفرصة المناسبة لإظهارها . وغير ذلك هذا دليل على ان الفن السوري، يستطيع ان يصل إلى جمهور اكبر واوسع، ويثبت نفسه وجدارته وامكاناته الخﻻقة،
فإن الفن او الفنان يجب ان ينزل إلى الشارع ورصده ومراقبة ناسه المهمشين وأوجاعهم ،ومن ثم ينقل همومهم ومعاناتهم وطرحها بواسطة فنه بصدق، وذلك إما بالسينما او بواسطة فن اخر.
ﻻن الفن يمكنه ان يحرك الماء الراكد ،ويصنع التغيير الإيجابي فيه…
أما الفيلم
يوم اعتيادي، في مدينة دمشق بالنسبة لسائق تكسي” أبو فراس”، والذي يعاني من ضغوطات مختلفة، يصعد معه زبائن من مختلف الأعمار والطبقات الاجتماعية، ومع كل زبون يصعد معه، يحاول السائق كسب تعاطفه عن طريق قص قصة مؤلمة عن نفسه، لكسب المزيد من المال منه، وفي كل مرة تختلف ردات فعل زبائنه حسب خلفياتهم الاجتماعية والثقافية، إلى أن تسبب هذه الطريقة للسائق صدمة قوية في نهاية يومه.
يتناول قصة سائق تاكسي في مدينة دمشق خلال يوم واحد من عمله، وسائق التاكسي كغيره من سكان هذه المدينة، يعاني من ضغوط مختلفة مادية ومعنوية معظمها خلفتها الحرب، وبالتالي يضطر السائق لابتكار أسلوب معين في عمله لكسب مزيد من المال وزيادة دخله، والأسلوب هو استعطاف زبائنه من خلال قص بعض الحكايات المؤلمة التي يسمعها من زبائنه عادةً، لكنه يَدعي أنها حصلت معه، وكل شخص يصعد معه يتعامل مع هذه الحيلة التي ابتكرها السائق على حسب خلفيته الاجتماعية والثقافية، فمنهم من يتأثر ويترك له القليل من المال زيادة على الأجر ومنهم لا.
راودتني فكرة الفيلم من عدة تجارب شخصية ومشاهدات يومية حصلت معي، وبالتالي القصص الخمس التي وردت في الفيلم هي قصص سمعتها من السائقين لم أبتكر منها شيئا بمعنى أنها حقيقية.
المشكلة الأصعب في صناعة هذا الفيلم، ضمن الميزانية البسيطة المقدمة له، هي ابتكار طريقة تصوير مناسبة له، والذي يتم بأكمله داخل السيارة وهي تسير في شوارع المدينة، وبعد التشاور مع مدير التصوير “ميار النوري” اتفقنا أن نذهب إلى خيار غير معقد وبسيط وغير مكلف مادياً، وهو أسلوب الـ”الهاندي كميرا” ليضيف حيوية أكبر على الأجواء داخل السيارة، ويعطي إحساس السينما التسجيلية، (أسلوب مباشرة وغير مصطنع)فتحمل “ميار” العبء بكل رحابة صدر وأنجز عمله على أكمل وجه.
جاء يوم التصوير، اجتمعت مع الممثلين، وبشكل مفاجئ قلت لهم، انسوا جميع الحوارات في النص لا أريدها، عليكم إرتجال حواراتكم الخاصة، ضمن الشخصيات التي تلعبونها مع الالتزام بالخطوط الرئيسية للقصة، الجميع تشجع وتبنى الفكرة، اجتمعت مع مدير التصوير، قلت له أترى هذا الديكوباج، لا أريد الالتزام به، وأنت عليك اتباع إحساسك في التصوير، تشجع أيضاً، وصورنا المشاهد عدة مرات من زاويا مختلفة، لننهي تصوير الفيلم خلال يوم ونصف فقط.
سيرياهوم نيوز 6 – الثورة