آخر الأخبار
الرئيسية » الأخبار المحلية » دلائلُ الشبهاتِ في حراكِ السويداء

دلائلُ الشبهاتِ في حراكِ السويداء

 

كتب:د. المختار

لمن مازالَ ينظرُ إلى ما يُسمّى “الحراكَ” في محافظةِ السويداءِ على أنّه بريءٌ وبنيّةٍ طيبةٍ، وأنَّ دوافعَ القائمين عليه هي الظروفُ المعيشيةُ الضاغطةُ، والأزمةُ الاقتصاديةُ. لهؤلاءِ نقدّمُ بعضَ الأدلةِ على عدمِ براءةِ هذا الحراكِ، ونقرعُ جرسُ الإنذارِ مجدداً.

أولاً: – استهدافُ مقرِّ التسويات.

مقرُّ التسويةِ في محافظةِ السويداءِ كعمومِ مقراتِ التسويةِ في المحافظاتِ السوريةِ افتُتحت بقرارٍ من السيدِ رئيسِ الجمهوريةِ، بهدفِ معالجةِ مشكلةِ المتورطين من الشبابِ السوري، والفارين والمتخلفين عن الخدمةِ.

حيث يدخلُ الشابُ إلى المركزِ مداناً بتهمةٍ معينةٍ ويخرجُ بريئاً ومعه صكُّ البراءةِ وثيقةٌ قانونيةٌ موقعةٌ ومختومةٌ ومعتمدةٌ لدى كلِّ الجهاتِ القضائيةِ والأمنيةِ والحكوميةِ السوريةِ، تثبتُ أنَّ صاحبَ هذه الوثيقةِ تمَّت تسويةُ وضعِه ولم يعد مطلوباً لأي جهةٍ في الدولة.

والهدفُ أن يعودَ هؤلاء الشبابُ إلى حياتِهم الاجتماعيةِ والأسريةِ، وليعودَ لينامَ في بيتِه وسطَ أسرتِه بعد أن كانَ فاراً أو ملاحقاً، ويعودَ إلى عملِه بالقطاعِ الخاصِ أو في المؤسساتِ الحكوميةِ، وهذا ينطبقُ على عشراتِ الآلافِ من الشبابِ السوري.

وهذا المركزُ مثلُ بقيةِ المراكزِ في المحافظاتِ الأخرى يضمُّ لجنةً مؤلفةً من مندوبين عن الجهاتِ الأمنيةِ كافةً، والشرطةِ المدنيةِ كضابطةٍ عدليةٍ، ومعهم قاضٍ يوقّعُ وثيقةَ البراءةِ للشابِ المراجعِ ليأخذَها بيدِه قبلَ أن يغادرَ المركز.

والسؤالُ المهمُّ من له مصلحةٌ بمهاجمةِ هذا المركزِ ويريدُ إغلاقَه، ومن المتضررِ من تسويةِ وضعِ شبابِ محافظةِ السويداءِ المطلوبين والفارين، ومن دفعَ هؤلاءِ لمهاجمةِ هذا المركزِ بهدفِ إثارةِ الفوضى وإغلاقِ المركزِ…؟

علماً أنّه لم يسبق أن تعرّضَ للهجومِ أيُّ مركزٍ من مراكزِ التسويةِ في جميعِ المحافظاتِ السوريةِ حتى المراكز التي افتُتحت على تخوم المناطقِ الساخنةِ.

ثانياً: – لماذا الإصرارُ على استهدافِ مقراتِ حزبِ البعثِ في السويداءِ، واستخدامِ العنفِ من قبلِ الخارجينِ عن الدولةِ والقانونِ ضدَّ مقراتِ الشُعبِ والفرقِ الحزبيةِ ونهبِ وسرقةِ محتوياتِها، دونَ أن يتمَّ تسجيلُ حادثةِ تصدي أو صدام واحدةٍ من قبلِ رجالِ الأمنِ والشرطةِ ضدَّ مثيري أعمالِ العنفِ والمأجورين.

وهذا كان التزاماً بقرارِ سيّدِ الوطنِ بعدمِ مواجهتِهم لتعريةِ أهدافِهم أمام المجتمعِ المحلي، كونُ تلك المقراتِ الحزبيةِ هي مراكزٌ فكريةٌ بحتةٌ وليس لها أيُّ صفةٍ أمنيةٍ أو طبيعةٍ عسكريةٍ، فما الهدفُ من مهاجمتِها وتخريبِها وسرقتِها…؟
وقد تحدّثنا في مقالٍ سابقٍ عن أسبابِ ذلك الاستهدافِ ودوافعِه، لتأتيَ أحداثُ اليومِ لتؤكّدَ صوابيّةِ ما تحدّثنا عنه.

ثالثاً: – استخدامُ هؤلاء الخارجين عن القانونِ للغةِ الإساءةِ والتخوينِ لرموزِ الدولةِ، ولكلِّ من لا يقفُ معهم بساحةِ السيرِ المسماةِ زوراً “ساحةَ الكرامة”.

ويبقى السؤالُ ماذا جنى هؤلاءِ من كلِّ ذلك، غيرَ توريطِ الناسِ بالفوضى، وبعضُهم كان مغلوباً على أمرِه، وتهديدِ كلِّ من يريدُ التراجعَ وتهديدِ وترويعِ أسرتِه، فكيف يكونُ أحدُ أهدافِ الحراكِ الحريةَ ويمارسون القمعَ والتهديدَ على من يمارسُ حريتَه ويغادرُ الحراك…؟

أسبابُ الهجومِ:

وهذا يوصلُنا إلى الأسبابِ الحقيقيةِ للهجومِ وهي إغلاقُ مركزِ التسويةِ الذي افتُتحَ بتوجيهاتٍ من السيدِ رئيسِ الجمهورية، استكمالاً لمراسيمِ العفوِ المتتاليةِ، بهدفِ إفساحِ المجالِ أمام من ضلّوا الطريقَ للعودةِ إلى جادةِ الصوابِ والعودةِ إلى حياتِهم الطبيعيةِ مع أسرِهم، ولتقلعَ عجلةُ الحياةِ والإنتاجِ في المجتمعِ السوري مجدداً.

أهدافُ الهجومِ:

أهدافُ الهجومِ ليست خافيةً علينا، فهناك من لم ترق له فكرةُ افتتاحِ تلك المراكزِ من دعاةِ الفوضى والتخريبِ كونَها تشكّلُ خطراً على حراكِهم المشبوهِ وتسحبُ البساطَ من تحت أهدافِهم التخريبيةِ، وتعيدُ المجتمعَ السوري إلى استقرارِه.

فقرر المشغل الخارجي الهجومَ على مركزِ التسويةِ في محافظةِ السويداءِ لحرمانِ شبابِ السويداءِ من فرصةِ تسويةِ أوضاعِهم ولإبقائِهم تائهين ضائعين ومطلوبين وهدفاً للملاحقةِ، وليقوموا بابتزازِهم ومحاولةِ استمالتِهم تحت عنوانِ أنّهم مطلوبون للأجهزةِ الأمنيةِ” وانضمامِهم لما يُسمّى الحراكَ يُؤمَّنُ لهم الغطاء ويحميهم ، وبذلك يزيدون أعداد المتظاهرين.

ولا يفوتُنا أن نسجّلَ أنَّ بعضَهم رفضوا الهجومَ وحاولوا منعَ حصولِه، إلا أنَّ “قادتَهم” أصرّوا على ذلك بتعليماتٍ من المشغّلِ الخارجي، فكان ما كان من الهجومِ بالأمسِ على مركزِ التسويةِ الذي يضمُّ القاضي وأعضاءَ الضابطةِ العدليةِ من ممثلي الأجهزةِ الأمنيةِ والشرطةِ المدنية.

وعلى الرغمِ من الاستفزازِ الكبيرِ لعناصرِ الأمنِ والشرطةِ إلا أنّهم تحلّوا بدرجةٍ عاليةٍ من الانضباطِ والكفاءةِ،
وضبطِ النفسِ، واكتفوا بإطلاقِ النارِ في الهواءِ، وهذا بحدِّ ذاتِه يُبطلُ روايةَ المغرضين التي تقولُ إنَّ الأمنَ يقتلُ المدنيين.
وسقطَ أحدُ المتظاهرين قتيلاً برصاصةٍ جاءت من الخلفِ كما جاء في تقريرِ الطبيبِ الشرعي “المرفقِ صورة عنه”.
وهذا كان هدفَ من خطّطَ للهجومِ، وهو الوصولُ إلى هذه الحالةِ واستثمارُها في مشهدٍ يعيدُنا إلى بدايةِ الحربِ على سورية في الشهرِ الرابعِ من العام 2011م، عندما قامَ بعضُ المأجورين بإطلاقِ النارِ على المتظاهرين في درعا البلد من أمام منزلِ الشيخِ محمد عبد العزيز أبا زيد لكي يتمَّ اتهامُ أجهزةِ الأمنِ بقتلِ المتظاهرين المدنيين السلميين، غيرَ أنَّ الكاميراتِ التي كانت موضوعةً لتصويرِ المظاهرةِ وثَّقَت عن غيرِ قصدٍ مصدرَ إطلاقِ النارِ، والمتظاهرين الذين أصيبوا نتيجتَه، ليرى الجميعُ حقيقةَ الموقف.

لقد علّقَ أحدُ زعماءِ الدينِ في السويداءِ على الحادثةِ بإطلاقِ تسميةِ شهيدِ الواجبِ على المواطنِ الذي توفّى في حادثةِ إطلاقِ النارِ لتكبيرِ الحالةِ، وليجعلَ منه حالةً رمزيةً تلتفُ حولَها رموزُ الفوضى وليوجّهوا الاتهامَ إلى أجهزةِ الدولةِ.

وحاولوا استثمارَ جنازتِه، لكنَّ أهلَ الفقيدِ كان لهم رأيٌ آخرُ فتعاملوا بمسؤوليةٍ ووعي ورفضوا الانجرارَ وراءَ مشروعِ الفتنةِ والتخريبِ، ورفضوا السماحَ لأحدٍ باستغلالِ دماءِ المرحومِ لإثارةِ الفتنة.

وهنا نسجّلُ موقفاً وطنياً مميزاً لمشايخِ العقلِ سماحة الشيخِ يوسف جربوع صاحبِ العقلِ الراجحِ والواعي، وسماحة الشيخِ حمود الحناوي من خلالِ كلمتِهم للأهالي في موقفِ العزاءِ بوجوبِ الحذرِ من الفتنةِ ومثيريها.

ونسجلُ موقفاً متقدماً لشيخِ العقلِ الشيخِ حمود الحناوي وإن جاءَ متأخراً بعد محاولاتِ بعضِهم استمالتِه باتجاهِ التحريضِ على الفوضى والتخريبِ، لكنَّ كلمتَه غلبَت عليها لغةُ العقلِ والتهدئةِ، ونأملُ أن يستمرَ بذلك، فهناك من يريد تصيّد أيّ كلمة تحريضٍ منه ويبني عليها.

مضَت الحادثةُ ودُفنَ الفقيدُ فماذا بعد…؟
لا أحدَ من الذين ادّعوا محبتَهم للفقيدِ سيعوّضُ أبناءَه عن فقدِ أبيهم، والمسؤوليةُ كاملةٌ يتحملُها مثيرو الشغبِ الذين هاجموا المركزَ.

ومايؤكدُ صحة مانقوله، ومانراهنُ عليه من وعي أهل المحافظة، أنَّه حصلَ بالأمس حشد وتجييش غير مسبوق عبر منصاتهم الإعلامية المغرضة لحث الناس على الحضور للتظاهر الجمعة 1.3.2024.تحت مسمى جمعة شهيد الواجب..!
والملفت والمطمئن بوعي أهل السويداء أن عدد المتظاهرين كان أقل عدداً من كل أيام الجمعة السابقة…! حوالي 250 شخص.

لذلك نقول إلى متى يا شرفاءَ السويداء…؟
انتبهوا فبقعةُ الزيتِ آخذةٌ بالاتساعِ، وكرةُ الثلجِ تكبرُ يوماً بعد يومٍ، ومن أمرَ بهذا الهجومِ لن يقفَ عندَه، فالمشغّلُ الخارجي أصدرَ أوامرَه باستهدافِ مقراتِ الدولةِ ورموزِها في المحافظةِ تباعاً، والمطالبةِ بإخراجِهم من المحافظةِ تمهيداً للفوضى والفراغِ، ولخطوةٍ أخطرَ وأبعدَ بكثيرٍ، فانتبهوا على أولادِكم، وحافظوا على السلمِ الأهلي قبل فواتِ الأوانِ، وقبلَ أن يتسلّلَ الغرباءُ وتدّبَ الفوضى وتضيعَ الحقيقةُ: مَن الجاني ومَن المجني عليه، ويصبحُ صدامُ الجميعِ مع الجميعِ حالةً حتمية.

 

 

 

(سيرياهوم نيوز2-الكاتب)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

سورية تعرب عن تضامنها التام مع إيران وتمنياتها بالسلامة للرئيس رئيسي وللمسؤولين الذين كانوا معه

أعربت سورية عن تضامنها التام مع إيران وتمنياتها بالسلامة للرئيس إبراهيم رئيسي وللمسؤولين الإيرانيين الذين كانوا معه على متن الطائرة التي اختفت مساء اليوم في محافظة ...