يومًا بعد يومٍ تزداد عزلة دولة الاحتلال بسبب العدوان الهمجيّ والبربريّ الذي تشنّه منذ نصف عامٍ ضدّ قطاع غزّة، واللافت أنّ دولاً غربيّةً كانت حتى الأمس القريب من أقرب أصدقاء الكيان باتت “تنحرِف” عن مسار التأييد الأعمى لإسرائيل، وفي هذا السياق، كتب ثلاثة قضاة سابقين في المحكمة العليا البريطانية، من بينهم رئيسة سابقة للمحكمة، رسالة إلى حكومة المملكة المتحدة قالوا فيها إنها ملزمة بموجب القانون الدولي بفرض حظر على الأسلحة على إسرائيل بسبب ما وصفوه بـ “الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي” خلال حربها المستمرة ضد حركة حماس في غزة.
كما أصر القضاة الثلاثة، إلى جانب تسعة قضاة سابقين آخرين، ونحو 600 من كبار المتخصصين القانونيين والأكاديميين في مجال القانون، على أنّ الحكومة البريطانية ملزمة بمراجعة الاتفاقية التجارية القائمة بين المملكة المتحدة وإسرائيل، وتعليق خريطة الطريق 2030 للعلاقات الثنائية بين بريطانيا وإسرائيل، وفرض عقوبات على الشخصيات الإسرائيلية “التي أدلت بتصريحات تحرض على الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين”.
وفي رسالتهم استند القضاة ومستشارو الملك السابقون والمحامون والأكاديميون القانونيون ومحامو المرافعة في تأكيدهم على أنّ المملكة المتحدة ملزمة قانونًا باتخاذ إجراء ضد إسرائيل إلى حد كبير إلى الحكم الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في شهر يناير والذي ينص على أنّه من المعقول أنْ تكون الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد حماس في غزة تقع ضمن نطاق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية.
وقالت الحكومة البريطانية آنذاك إنّ لديها مخاوف كبيرة بشأن حكم محكمة العدل الدولية، ورفضت فكرة أنْ تكون إسرائيل تنفذ جريمة إبادة جماعية، قائلة إنّ “قرار جنوب أفريقيا رفع الدعوى كان خاطئًا واستفزازيًا”.
وجاء أيضًا في الرسالة أنّ “الأمر باتخاذ تدابير مؤقتة” الصادر عن محكمة العدل الدولية يجعل من أهمية اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية في الحرب المستمرة في غزة واضحة، مشيرين إلى مسؤوليات المملكة المتحدة بموجب الاتفاقية المتمثلة في “منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها”.
وكتب القضاة السابقون والاختصاصيون القانونيون “إنّ توفير المساعدة العسكرية والمواد لإسرائيل قد يجعل المملكة المتحدة متواطئة في الإبادة الجماعية، فضلاً عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي”.
كما طالبت الرسالة بأنْ تقوم بريطانيا بتعليق الخطوات المخطط لها لتعزيز “الشراكة الإستراتيجية” مع إسرائيل والمفاوضات لتوسيع وتعميق التجارة والاستثمار، بدعوى أنّ التزامات بريطانيا بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية تتطلب منها “استخدام جميع الوسائل المتاحة بشكل معقول” لمنع الإبادة الجماعية.
وجاء في الرسالة أنّ “الوضع الحالي في قطاع غزة كارثي، وقد رأت محكمة العدل الدولية أنّ هناك خطرًا معقولاً بارتكاب إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة”.
وفي حين أثنت الرسالة على الحكومة لدعوتها لوقف إطلاق النار وزيادة المساعدات الإنسانية، إلا أنها قالت إن المبيعات المستمرة للأسلحة وتعليق التمويل للأونروا “تقل بشكل كبير عن التزامات حكومتكم بموجب القانون الدولي”.
يُشار إلى أنّه قبل عدة أيام، نشرت صحيفة (الأوبزرفر) البريطانية تسجيلات مسربة للنائبة المحافظة أليسيا كيرنز، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم، تقول فيها إنّ مستشاريها القانونيين أبلغوا الحكومة البريطانية بأنّ إسرائيل انتهكت القانون الإنساني الدولي في غزة، ولكن لم يتم نشر ذلك للجمهور.
وأفاد التقرير أنّ كيرنز قالت خلال حفل استقبال مسائي في 13 أذار (مارس) إنّ “وزارة الخارجية تلقت مشورة قانونية رسمية بأنّ إسرائيل انتهكت القانون الانساني الدولي لكن الحكومة لم تعلن عن ذلك، لم يقولوا ذلك، ولم يوقفوا صادرات الأسلحة”، طبقًا لأقوالها.
وذكرت الصحيفة أنّ مثل هذه النصيحة ستتطلب من الحكومة البريطانية وقف مبيعات الأسلحة لإسرائيل ومنع المملكة المتحدة من تبادل المعلومات الاستخبارية مع تل أبيب.
يُشار ختامًا إلى أنّ بريطانيا تُوفِّر كمية صغيرة جدًا من إجمالي مشتريات الأسلحة لإسرائيل، حيث تظهر البيانات أنّ 69 بالمائة منها تأتي من شركات أمريكية، و30 بالمائة من ألمانيا، و0.9 من إيطاليا، بينما تشكل جميع الدول الأخرى مجتمعة 0.1 بالمائة من واردات دولة الاحتلال الدفاعيّة.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم