| يوسف فارس
غزة | نفّذت «سرايا القدس»، الذراع العسكرية لحركة «الجهاد الإسلامي»، أمس، مناورة بالذخيرة الحية، شاركت فيها مختلف تخصّصات قوات النخبة، وتخلّلتها تدريبات على عدد من التكتيكات التي أخذت في مجملها الطابع الهجومي. ومع ساعات الصباح الأولى، ضجّت محافظة شمال غزة بأصوات انفجارات ورمايات نارية كثيفة، ورشقات متتالية من الصواريخ التي تسبّبت بتفعيل صفارات الإنذار في مستوطنات «الغلاف». من موقع «حطين» العسكري، شمالي مدينة بيت لاهيا، أطلقت «السرايا» أكثر من سبعة صواريخ، إيذاناً ببدء المناورة الهجومية التي جاءت بالتزامن مع الذكرى الـ36 لانطلاقة الحركة، وتضمّنت إغارة افتراضية على أربعة مواقع عسكرية هي «زيكيم» و«إيرز» و«دوغيت» و«موقع الإرسال 16». ويوضح مصدر عسكري في «السرايا»، في حديث إلى «الأخبار»، أن «المناورة تَوّجت فترة كبيرة من التدريب المتقن على هذا النوع من المواجهة»، لافتاً إلى أن «المقاتلين نفّذوا تمريناً عملياً على اقتحام تلك المواقع، في بيئات افتراضية شبيهة بالبنية الواقعية لها»، مبيّناً أن «الهدف من ذلك هو تعزيز الأداء العسكري، ورفع كفاءة المقاتلين في السيطرة على المواقع العسكرية ومراكز القيادة والسيطرة لدى الاحتلال في أي معركة مقبلة». ويضيف المصدر أن فعاليات التدريب التي لم يُسمح للصحافيين بتغطيتها، بالنظر إلى حساسية الإجراءات العسكرية التي نُفّذت خلالها، والاستخدام المكثّف للعبوات والصواريخ والأعيرة النارية الحيّة أثناءها، «نُفّذت بأعلى مستويات الزخم والدقة والضراوة، وحاكت أسلوب الصدمة الذي يحرم القوات المعادية من هامش الوقت، الذي يؤهّلها لتنفيذ خطوات مضادّة لتلافي وقوع قتلى أو أسرى».
وإلى جانب المضامين المهنية العسكرية، فقد استبطنت المناورة جملة من الرسائل المعنوية، إذ حملت مجموعات مقاتلي النخبة اسم «سرية الشهداء القادة» الذين قضوا خلال معركة «ثأر الأحرار» في أيار الماضي (حمل كلّ تشكيل اسم واحد من الشهداء خليل البهتيني وطارق عز الدين وجهاد غنام وإياد الحسني وعلي غالي وأحمد أبو دقة)، في ما أرادت «السرايا» من خلاله القول إن «خسارة الشهداء القادة لم تهزّ إيمان المقاتلين بالمقاومة، وسعي القيادة إلى تطوير الأداء الميداني، في إطار الاستعداد الدائم لخوض أيّ مواجهة مقبلة مع الاحتلال»، وفق المصدر نفسه، الذي يشير أيضاً إلى أن «المناورة أقيمت على مقربة من السياج الفاصل، أي على مرأى ومسمع العدو، بهدف إيصال رسائل الصواريخ التي تعمّد المقاومون إسقاطها في حيّز مكاني يدفع منظومة الإنذار المبكر في داخل مستوطنات الغلاف إلى العمل، وتذكير المستوطنين بأن قادة الاحتلال يبيعونهم الوهم، وأن الحروب التي تعرّضت لها الجهاد الإسلامي منذ عام 2019، لم تؤّثر في مقدراتها العسكرية، ولا في إرادة القتال لدى قيادتها وجنودها».
إلى جانب المضامين المهنية العسكرية، فقد استبطنت المناورة جملة من الرسائل المعنوية
وإلى جانب المناورة، نفّذت «السرايا»، في مساء اليوم عينه، عرضاً عسكرياً مهيباً، على طول شارع صلاح الدين شرق مدينة غزة، شارك فيه المئات من المقاتلين، الذين استعرضوا عدداً من أسلحة القنص الفردية، ومنظومات متعدّدة من الصواريخ. وتكتسب فعاليات إحياء ذكرى انطلاقة «الجهاد» هذا العام، زخماً إعلامياً وجماهيرياً كبيراً، ولا سيما أنها جاءت بعد عام مثقل بالأحداث الساخنة في ساحتَي الضفة الغربية وقطاع غزة. إذ خاضت «السرايا»، في أيار الماضي، معركة «ثأر الأحرار» التي فقدت فيها خمسة من أبرز قادة مجلسها العسكري. وفي مطلع تموز، شنّ جيش الاحتلال اجتياحاً واسعاً طاول مخيم جنين – الذي يُعتبر المعقل الأبرز لـ«السرايا» في الضفة -، تمكّنت خلاله المقاومة من إجهاض هدف الاحتلال المتمثّل في القضاء على البنية التحتية لـ«كتيبة جنين»، التي وظّفت أثناء المعركة تكتيكات قتالية نوعية، من بينها السيطرة على طائرات مسيّرة، واستخدام سلاح الأنفاق للمرة الأولى.
وفي هذا السياق، يرى المحلّل السياسي، إسماعيل محمد، أنه من «المفهوم أن تبالغ حركة الجهاد الإسلامي في صناعة زخم إعلامي لفاعليات الانطلاقة، لأن الاحتلال هدف من خلال ثلاث حروب شنّها في الأعوام 2019 و2022 و2023، إلى اجتثاث ليس القادة الفاعلين في الضفة الغربية وقطاع غزة فقط، إنما قتل إرادة القتال والقدرة على اتخاذ قرار استخدام السلاح في نفوس قادة وجنود السرايا (…) تريد الجهاد أن تقول إنها عادت برغم الفقد والضغط المتواصل، أكثر قوة وعناداً».
سيرياهوم نيوز3 – الأخبار