| جمال غصن
تأسست الأمم المتّحدة عقب انتصار الاتحاد السوفياتي والطّفيليين الغربيين على نازيّة أدولف هيتلر التكفيرية والتوسّعية التي أجبرت من موّل صعودها على الانتفاض ضدّها لحفظ أنفاسهم. كلّ سنة، وفي مثل هذا الوقت، تلتئم الجمعيّة العموميّة لتلك الأمم على أعلى المستويات في مدينة نيويورك، ويتفنّن رؤساء وملوك وأمراء بلدان العالم بالخطابة، وإن كانت كلمات هؤلاء تتراوح بين الشرق والغرب… حرفيّاً. لكنّ منظمة الأمم المتحدة باتت في مسار انحداري بشكل عام، إذ إنّ التوازن الذي كان موجوداً يوماً ما في أروقتها، بين يمين العالم ويساره، أيام الحرب الباردة، اختفى منذ تسعينيات القرن الماضي لمصلحة هيمنة أميركية فكريّة وتوظيفيّة. زخم خطابات كبار القوم في نيويورك لم يعُد كما كان؛ فمن بين الدول الخمس الدائمة العضويّة في مجلس الأمن في الأمم المتّحدة، لم يحضر الجمعية العموميّة هذه السنة إلّا رأس دولة واحد وهو رئيس الدولة المضيفة، جوزيف بايدن. قد يكون غياب الرئيسين الصيني والروسي رسالة سياسية واضحة، لكنّ ما الذي يبرّر غياب حلفاء أميركا الأوروبيين، من مثل الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ورئيس وزراء المملكة المتحدة (متّحدة حتّى إشعار آخر)، ريشي سوناك؟ ربما يكونون قد ملّوا اللقاءات، إذ لم يمرّ أسبوعان بعد على انعقاد قمّة العشرين في «بهارات» ناريندا مودي. لكن رغم ذلك، يبقى هذا الأسبوع زاخماً في الديبلوماسية الدولية، فهناك أمثال عبد الله بن الحسين ونجيب بن عزمي الميقاتي وأبي مازن لملء الفراغ على مستوى قيادات العالم.
أما الأجواء خارج مقرّ الأمم المتّحدة في نيويورك، هذا الأسبوع، فهي أشبه بسيرك اعتراضي على كل شيء يحصل، وكل شخص يحضر، وكل كلمة تُلقى داخل المقرّ. هناك دائماً من يريد استقلال التيبت عن الصين، وهذا أمر ليس مفاجئاً، لكن تفاجِئُك كمية الأقاليم حول العالم التي تملك دعاة استقلال. مئات الشباب اليهودي الحسيديم ينزحون من حيّ وليامسبورغ في بروكلين إلى شرق مانهاتن في موعد إلقاء رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، للاحتجاج على وجود «إسرائيل». غالباً، لا يكون ثمّة وجود ملحوظ للعرب إلّا لمن هم في حضن واشنطن، إمّا لأن العرب راضون بحكّامهم، أو لأنّ قانون مكافحة الإرهاب الأميركي «الباتريوت آكت» يلصق بأي ناشط عربي على التراب الأميركي شبهة الإرهاب. المشهد لا يتغيّر كثيراً بين عامٍ وآخر، على عكس المشهد داخل أهم صرح للديبلوماسية الدولية في الثمانين سنة الأخيرة. التغيّرات في الداخل متسارعة، وخاصة منذ اندلاع الحرب بين روسيا ووكلاء حلف الناتو في كييف.
الرخام الأخضر خلف المتحدّثين لم يتغيّر منذ الأزل، فهو نفسه الذي كان في خلفيّة الرفيق تشي غيفارا عام 1964، وإن كانت الصور المنقولة لذلك المشهد في حينها بالأبيض والأسود حين لم يكن البثّ التلفزيوني الملوّن متاحاً بعد، ولم يكن ثمّة احتجاج على ألوان قوس القزح بطبيعة الحال. الرخام نفسه كان خلف ثوريّ جيلنا، هوغو تشافيز، حين أظهر قرفه من رائحة الإبليس بوش جونيور الكبريتيّة. وأمام هذا الرخام الأخضر، تناوب الخطباء في الجمعية العمومية الثامنة والسبعين للأمم المتحدة التي يمكن القول إنّها التأمت «بمن حضر».
أميركا الثوريّة
يقع الكثيرون في خطأ اختزال القارة الأميركيّة بشمالها، كونها مركز الهيمنة العالمية التي عايشها معظم الأحياء على الكوكب اليوم. لا أحد ينكر قدرة هوليوود على كيّ الوعي العالمي من أيّام رامبو وروكي إلى باربي الورديّة اليوم. لكن هناك ما سمّي بالمدّ الورديّ في جنوب «العالم الجديد»، إثر صعود قوى يساريّة إلى الحكم في عدد من بلاد أميركا اللاتينية، والتي تبعها «جَزْرٌ وردي» متمثّل بانقلابات رعتها واشنطن في عدد من البلاد التي تجرّأت على مخالفة «عقيدة مونرو» التي تنصّ على أن كل ما هو إلى غرب المحيط الأطلسي يعدّ الحديقة الخلفية لواشنطن، وأن لا مكان لأيّ تمرّد على مشيئتها. «عقيدة مونرو» عاشت مئة سنة، لكنها لن تعيش مئتين. «المدُّ» عاد تسونامياً يلامس حدود ولايات تكساس وأريزونا وكاليفورنيا، وإن كانت «ورديّة» زعماء أميركا الجنوبيّة تتفاوت بين الزهريّ الليبرالي الباهت والأحمر الثوريّ الصافي.
أوّل المتحدّثين في الجمعيّة العموميّة (من بعد كلمة الأمين العام للأمم المتّحدة الذي يبدو أن من شروط تعيينه هو أن يملك كاريزما الحصى في الكلى، وأن يكون الاستماع لكلماته موجع كالتخلّص من الحصى في الكلى: أنطونيو غوتيريش، بان كي مون، كوفي عنان، بطرس بطرس غالي، وهلمّ جرّا)، كان الرفيق لولا دا سيلفا الذي عاد من انقلاب وسجن ليثبّت التوجه الصائب للبرازيل بعد الانقلاب القضائي الذي أتى باللبناني الأصل، ميشال تامر، رئيساً مؤقتاً قبل أن ينتخب الصهيوني الترامبي، جايير بولسونارو، لرئاسة كارثيّة انتهت به فارّاً إلى أورلاندو في ولاية فلوريدا الأميركيّة. في كلمته، سلّط لولا الضوء على ما أظهرته حرب أوكرانيا من عبط منظمة الأمم المتحدة. يقع لولا في الوسط على سلّم «المدّ الوردي»؛ فإلى يمينه أمثال رئيس تشيلي، غابرييل بوريك، ورئيس كولومبيا، غوستافو بيترو، وهو على يمين الثورة الكوبية وسليلتها الثورة البوليفارية في فنزويلا. بعد لولا، صعد إلى المنبر رئيس الولايات المتّحدة الأميركية، الذي سنعود إلى كلمته إذا ما خدمتنا الذاكرة، لكن البارز أنه بعد انتهاء بايدن من إلقاء كلمته كان موعد غوستافو بيترو الذي ترافق مع هرج ومرج وضجيج في صالة الجمعية العمومية ممّن تبقّى من وفود لم تأبه لكل كلمات الرؤساء، فهناك رؤساء بسمنة وآخرون بزيت. امتعض بيترو من عدم احترام زملائه لحضوره، لكن رغم ذلك لم يخيّب في كلمته، إذ ركّز على المواضيع غير الإشكالية كالبيئة والاحتباس الحراري وزراعة الكوكا. غابرييل بوريك، من جهته، لا يختلف لا شكلاً ولا مضموناً عن أنّ أيّ ناشط «هيبستر» يصطفّ شهرياً أمام مكتب «روزا لوكسمبورغ شتيفتنغ» في بدارو ليتقاضى أتعاب نشاطه للشهر المنصرم، ويردّد كلام غريتا ثورنبيرغ ضد الأحفوريّة.
التهريج العالمي لا يتوقّف عند كبار المهرّجين، فانضمّ إليهم إخوانٌ كبارٌ وصغارٌ، من مثل رجب طيب إردوغان وتميم بن حمد
على الضفة الأخرى من اليسار اللاتيني، أطلّ الرئيس الكوبي، ميغيل دياز كانيل، وهو مدرسة في الثورة وكل جملة يتفوّه بها تحتاج إلى جملٍ لشرحها والتوسع في معانيها، لكن مشكلته الوحيدة أنه يتحدّث بسرعة فائقة، قد تعدّ انتهاكاً لحقوق المترجمين الفوريين في الأمم المتحدة. باختصار، كوبا لا تساوم، رغم كل ما عانته من اضطهاد وحصار كدولة صغيرة حاملة لمشعل الثورة على بعد رمية حجر عن الكبريتيّين. لم يحضر رئيس فنزويلا الحاج نقولا مادورو، لكن الرئيس الأرجنتيني المنتهية ولايته قريباً يمكن تصنيفه بسهولة أنه على يسار الرفيق لولا. عزا ألبرتو فرنانديز العالم الجديد الذي يتكوّن إلى عدم المساواة وإلى «الهندسات المالية» المنحازة، وشنّ هجوماً مباشراً على صندوق النقد الدولي، فيما اقتراحاته للحلول كمنت في «تجارة عالمية شفافة وصعود متوازٍ». لا يمكننا أن نتوخّى الدروس من الأرجنتين، لأن لا يسار محلّياً يشبه «البيرونيّة» وإن كانت «البيرونيّة» لا ترتقي إلى مستوى الثورة المطلوبة في منطقتنا.
أفريقيا تنتفض
جغرافياً وطوبوغرافياً، كايب تاون في جنوب أفريقيا وريو دو جانيرو في البرازيل متشابهتان جداً، ومن هنا خرجت نظرية «بانجيا» القارة اليابسة الملتصقة التي انقسمت إلى قارات عبر القرون. أفريقيا تشهد انقلابات عديدة؛ بعضها ثوريّ ومعظمها استباقيّ لثورات محتملة. هذا تُرجم في غياب لممثلي النقاط الملتهبة وحضور لزجليّي بيت الطاعة. طبعاً منبر الجمعية العموميّة في الأمم المتحدة عام 2023 لم يخلق لأمثال إبراهيم تراوري. معظم من حضر من رؤوس الهرم الأفريقي كان يردّد، باللغة الإنكليزية لسبب ما، كليشيهات أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر التي حددتها الأمم المتحدة كإنجيل صعود الشعوب المضطهدة بشكل مستدام. طبعاً، كتّاب هذا الإنجيل هم المضطهِدون ولا خير يمكن أن يصدر منهم.
عانت جنوب أفريقيا الأمرّين من عنصرية المستعمر الأبيض. البعض يقول إن الوضع اليوم في جنوب أفريقيا ليس أفضل من أيام نظام الفصل العنصري. كلمة جنوب أفريقيا في الجمعية العمومية ناصرت فلسطين وكوبا وزيمبابوي والجنوب العالمي. لكنّها تساءلت أين نساء العالم؟ بالإضافة إلى السؤال عمّن يدفع ثمن الاحتباس الحراري، والتذكير بأن ثروة أفريقيا لأفريقيا!
فقرة التهريج
هل سمعتم يوماً البسملة باللهجة البريطانية؟ من تابع مجريات الحرب في سوريا، شاهد الكثير من الفيديوات التي تبدأ بالبسملة البريطانية وتنتهي بمشاهد تسبّب لك عاهات أبديّة. في خطابه خلال الجمعية العمومية، لم ينحر عبد الله بن الحسين، «ملك الأردن»، أي رقبة بعد بسملته البريطانيّة، والحمد لله. يسجّل لعبد الله الأردني أنه تفوّق في استعراضه، رغم خلفيته التمثيلية الخفيفة (أدى دور إكسترا في سلسلة ستار تريك لا يتعدّى الخمس ثوانٍ)، على مهرّج العصر فلوديمير زيلينسكي، عميل الناتو في كييف.
التهريج العالمي لا يتوقف عند كبار المهرّجين، فانضمّ إليهم إخوانٌ كبارٌ وصغارٌ، رجب طيب إردوغان وتميم بن حمد وموزة. إردوغان خبير في النفاق الدبلوماسي، وتميم مبتدئ لا يزال يتمسّك بإرث المونديال، لكنهما لا يختلفان عن المهرّجين الآخرين في أروقة الأمم المتّحدة، فرئيس تركمانستان يكاد يكون المتحدّث باسم حملة سد بسري. الحلّ المجري لمشاكل الكوكب هو الإنجاب مقابل الإن جي أوز. خوان غوايدو الأوزبكستاني حاضر بالخوارزمي وابن سينا والإسلام. رئيس ليبيريا جورج وياه, وهداف نادي الميلان السابق أغرق البنك الدولي وترتيباته والأمم المتحدة الراعية له مديحاً. ماذا تتوقعون من ميلانيستا ترعرع في حضن سيرجيو بيرلوسكوني؟
البولوني والبرتغالي والسلوفيني والكازاخي لا يختلفون في خطابهم، أقصى الرأسمالية والبيئة والجندرة… والغيرة على ليبيا والجزر التي سوف تغرق. بوتسوانا ترى حلول العالم في بطرس بطرس غالي أنثى. الأمر المخيّب الوحيد هو موقف رئيس الجزائر الذي لا يختلف كثيراً عن بيرلوسكوني الأنثى جورجيا ميلوني. متطلبات البروبوزال التمويلي أصابت الجزائر… يا حيف!
نتنياهو المأزوم
غاب محمد بن سلمان آل سعود عن الجمعية العموميّة للأمم المتّحدة لكنّه لم يغب عن الخبر. تأكّد من أن محطة «فوكس نيوز» سوف تنشر له مقابلته الأولى باللغة الإنكليزية، وإن كانت لغته الإنكليزية رديئة بعض الشيء، بل أردأ من رديئة بأشواط. المقابلة تمّت في أحد مشاريع نيوم الوهمية. أرسل ابن سلمان رسالة واضحة، مفادها أنه جاهز للتطبيع، وكأنّ الأمر بيده. لكن لا عيب في ذلك، الجمعية العموميّة خُلقت لتغطية العيوب.
وفي اليوم الرابع، ظهر من الخطباء، بنيامين نتنياهو الهارب من أزماته المحليّة. نتنياهو يتمسّك بأيّ حبل نجاة، فهو مستعدّ لطلب الخلاص من أي جنب.
وفيما اعتاد نتنياهو التفوّق في التمثيل على غرمائه، لكنه اليوم لا يرقى إلى مستوى عبدالله الذي يدّعي أنه ملك. نتنياهو مأزوم وقبل إهانة بايدن الذي صلّب بحضوره.
في الماضي، كان يحلم نتنياهو بتطبيع وسلام وفقاً لشروطه، أما نتنياهو المأزوم اليوم، فيتمسّك بالخلاص من ابن سلمان المأزوم هو الآخر. تصوّروا أن خلاصكم مرتهن بأبي ناصر! بالتوفيق!.
الغائبون الحاضرون
لم يحضر الدورة الثامنة والسبعين من الجمعية العمومية للأمم المتحدة كثيرون ممّن سوف يلعبون دوراً في تشكيل العالم المتعدّد الأقطاب. لم يحضر الرئيس الصيني، شي جين بينغ. الذي غاب أيضاً عن «قمّة العشرين». لكنّ شي استضاف الثائر الأممي، نيكولاس مادورو، في فترة انعقاد القمة الأخيرة، واستضاف هذا الأسبوع وريث حزب البعث العربي الاشتراكي بشار الأسد وزوجته أسماء.
مادورو لم يزُر نيويورك. كما غاب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ونظيره الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، اللذين اجتمعا في فلاديفوستوك الروسية الأسبوع الماضي. غاب ابن سلمان أيضاً الذي قرّر اللجوء إلى مقابلة بلغة إنكليزية رديئة مع محطة «فوكس نيوز» بدلاً من الحضور. لم يحضر ماكرون، لم يحضر سوناك، لم يحضر مودي. قد لا تكون ساحة الديبلوماسية في نيويورك الساحة الأبرز، لكنها ما زالت مهمة.
رئيسي «إن ذا سيتي»
مدينة نيويورك هي حتماً بابل عصرنا. استغلّ إبراهيم رئيسي، رئيس إيران الحالي والمرشّح الأبرز لخلافة الخامنئي كقائد ثالث للثورة الإسلامية في إيران (كاتب المقال ينحاز إلى حسن عبد الكريم نصرالله بدل أنطونيو غوتيريش إيران، رئيسي، لكن لا يحق له التصويت في هذه المسألة)، وجوده في مدينة نيويورك لإجراء لقاءين مع صنّاع السياسة الخارجية الأميركية. المعروف في واشنطن هو أنّ السياسات تُصنع في اللوبيات ومراكز الأبحاث التي تملي السياسات على الإدارة. للسنة الثانية على التوالي، أجرى رئيسي لقاءً مع عدد من مراكز الأبحاث الواشنطنية، إذ أجرى، هذه المرة، لقاءً مغلقاً مع مجلس العلاقات الخارجية الذي طالما أملى سياساته على الخارجية الأميركية. وبما أن اللقاء كان مغلقاً، فلا بدّ من انتظار التسريبات حتى معرفة ماذا نوقش.
رسالات تاريخية!
الرفيق علي القادري يحاجّ أنّ الأمم المتحدة قبل انهيار الاتحاد السوفياتي كانت متّزنة، بحيث لم تكن هناك سهولة الهيمنة والتفرّد بالخطاب. لم أعِش ترف حريّة التعبير هذه، لكنّي شهدت ثلاثة خطابات تثبت نظريّة الرفيق علي.
أولاً، خطاب التشي: تصوّروا الفرق بين تشي غيفارا بثيابه العسكرية وثياب مهرّج كييف؟ لا داعيَ لنتوسّع. في عام 2006، بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان هاجم هوغو تشافيز الشريكَ في العدوان الإسرائيلي الفاشل على لبنان. للتذكير، لم يكونوا كثراً مَن اصطفوا إلى جانب لبنان. وفي عام 2009، اعتمر معمّر القذافي منبر نيويورك لآخر مرة. يُروى أنه أُغمي على من يقوم بالترجمة الفورية نتيجة طول الكلمة وثقلها.
بالنتيجة، العبرة تتمثّل في أن التوازن السياسي والإيديولوجي في الأمم المتحدة، الذي كان حاضراً أيام الحرب الباردة، لم يعُد موجوداً اليوم!
سيرياهوم نيوز3 – الأخبار