آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » شبح الانهيار يُلاحق الاقتصاد التونسي… ومُحاولات الإنقاذ من صندوق النقد في مراحلها الأخيرة… وخطط اقتصادية صعبة قبل قرار رفع الدعم!

شبح الانهيار يُلاحق الاقتصاد التونسي… ومُحاولات الإنقاذ من صندوق النقد في مراحلها الأخيرة… وخطط اقتصادية صعبة قبل قرار رفع الدعم!

تعيش تونس حالة غير متوقعة بعد تفشي جائحة كورونا واندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، حيث تشهد البلاد ضائقة مالية خانقة وتحتاج إلى حلول منطقية للخروج من هذه الأزمة. يعيش الشعب في حالة من القلق والترقب، متسائلاً إلى أين ستصل الأسعار وما هي السياسات التي ستتبع لتحسين الوضع الحالي. تلوح العديد من التساؤلات في الأفق، ولا تزال الأجوبة غير واضحة وملبدة بالغموض.

اقتصاد تونس

في عام 2022، شهدت تونس تباطؤًا في وتيرة التعافي الاقتصادي، حيث ارتفع عجز الحساب الجاري والمالية العمومية نتيجة زيادة أسعار الطاقة والغذاء على المستوى العالمي وذلك بحسب  تقرير مرصد الاقتصاد التونسي.

و أفادت بيانات رسمية صادرة عن المعهد الوطني للإحصاء بأن النمو الاقتصادي في تونس سجل نسبة 2.4 بالمئة خلال عام 2022 مقارنة بنمو قدره 4.3 بالمئة خلال عام 2021، الذي كان أعلى معدل نمو منذ عام 2008. كما أشار المعهد إلى أن النمو في الربع الأخير من عام 2022 بلغ 1.6 بالمئة.

ووفقًا لبيانات البنك الدولي، تراجع الاقتصاد التونسي بنسبة -8.6٪ في عام 2020، بعد أن حقق نموًا ضعيفًا بنسبة 1.5٪ في عام 2019.

وتحتاج تونس إلى الحصول على قروض خارجية بقيمة 12.6 مليار دينار (4.05 مليار دولار) لتغطية عجز ميزانيتها لعام 2022، مقارنة بـ 12.1 مليار دينار (3.89 مليارات دولار) في قانون المالية التكميلي لعام 2021.

الاتفاق بين تونس وصندوق النقد الدولي

تعاني من أسوأ أزمة مالية تهدد بتخلف البلاد عن سداد ديونها، وتحتاج إلى تمويلات خارجية لا تقل عن 5 مليارات دولار لتمويل الموازنة.

وكانت تونس قد توصلت  إلى اتفاق مع صندوق النقد في سبتمبر/أيلول الماضي، ومن المفترض أن تبدأ تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي، يشمل خفض دعم سلع غذائية ودعم الطاقة وإعادة هيكلة الشركات العامة وخفض فاتورة الأجور العامة.

 ومع ذلك، فإن مصير برنامج الإصلاح الاقتصادي لتونس لا يزال غامضا بعد إعلان الرئيس قيس سعيد رفضه تطبيق إصلاحات “تفرضها دوائر القرار الخارجي تهدد السلم الاجتماعي”، على حد تعبيره.

وفي بداية إبريل/نيسان الماضي، تراجعت سندات العملة الصعبة الصادرة عن تونس بنحو 4.6 سنتات، بعد أن رفض الرئيس قيس سعيّد شروط صندوق النقد الدولي.

وأظهرت بيانات منصة تريدويب حينها أن الإصدارات التونسية المقومة باليورو تعرضت لأكبر انخفاض.

وواجه هذا الاتفاق معارضة شديدة من قِبَل الاتحاد العام التونسي للشغل، وهي أكبر منظمة عمالية في البلاد.

دول تدعم الاتفاق بين صندوق النقد وتونس

كانت  إيطاليا قد قدمت اقتراحًا سابقًا يقضي بتخصيص شريحتين من القرض لتونس دون وضع أي شروط، فيما تعتبر الاقتصاد التونسي مشكلة حقيقية يتعين عليها التعامل معها.

وتشعر روما بالقلق من تدهور الأوضاع في تونس وما قد ينجم عنه من تفجير الأوضاع، مما يؤثر على أوروبا بشكل مباشر، ولا سيما في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية.

وأكّد السفير الياباني شينسوكي شينزو جاهزية بلاده لدعم تونس في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي، نظراً لجدية برنامج الإصلاحات الذي تم إعداده وتحقيق اتفاق مع الشركاء الاجتماعيين، الأمر الذي سيزيد من فرص نجاح الحكومة في التوصل إلى اتفاق مع الصندوق.

وأشاد السفراء الياباني والألماني بجهود تونس في التوصل إلى اتفاق مع المنظمات الوطنية والعمل في إطار تشاركي لإجراء الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية. وأكد كل منهما دعم بلاده في مفاوضات تونس مع صندوق النقد الدولي. كما أكد السفير الفرنسي أيضًا التزام بلاده بدعم تونس في هذه المفاوضات.

وأعربت السفيرة البريطانية إيلان وينترتون، وفقًا للحكومة التونسية، عن استعداد بلادها لدعم جهود تونس في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي، وثمنت تحقيق اتفاق مع الشركاء الاجتماعيين وجهود الحكومة التونسية في وضع برنامج إصلاحات عاجلة لإنعاش الاقتصاد.

  • التقرير الأخير من البنك الدولي بشأن تونس

    نشر البنك الدولي تقرير بعنوان “إصلاح دعم الطاقة من أجل تونس أكثر استدامة” يتوقع فيه أن يصل معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في تونس إلى حوالي 2.3٪ في عام 2023، وذلك بحسب مدى تقدم الإصلاحات الهيكلية وتحسن الأوضاع المالية. ويوصي التقرير بتنفيذ أجندة إصلاحية طموحة لتلبية احتياجات التمويل الخارجي لتونس وتشجيع النمو الاقتصادي المستدام.

    وفيما يتعلق بذلك، صرح مدير مكتب البنك الدولي في تونس، ألكسندر أروبي، بأن الاقتصاد التونسي لا يزال يواجه ضغوطًا وهناك حاجة ملحة لإجراء إصلاحات لتحسين بيئة الأعمال ودعم المنافسة.  وأشار إلى أن خطط الحكومة لتخفيض دعم الطاقة تمثل خطوة إيجابية، وأن الأمر الأهم الآن هو تنفيذ هذه الخطط بسرعة واتخاذ سياسات تكميلية لضمان التعافي المستدام.

    ويحلل الجزء أ من  التقرير آثار ارتفاع أسعار السلع الأولية العالمية على اقتصاد تونس، حيث زاد عجز الميزان التجاري وارتفعت تكلفة الدعم المقدم للمستهلكين، خاصة في قطاع الطاقة. ويشكل التمويل المحلي للديون تحديا بسبب ارتفاع معدل التضخم.

    يؤكد الجزء “ب” من التقرير على أهمية إصلاح دعم الطاقة في تونس، حيث أصبحت تكلفته باهظة في العقد الماضي، إذ وصل في المتوسط إلى 2.1% من إجمالي الناتج المحلي وارتفع إلى 5.3% في 2022. ويمكن لإلغاء التدريجي لدعم الطاقة أن يحسّن أداء قطاع الطاقة ويشجّع على إنتاج الطاقة المتجددة. كما ويؤكد التقرير على أهمية تخفيف تأثير هذا الإصلاح على الفئات الأكثر احتياجًا من خلال الرسوم المستقرة للكهرباء والغاز والتحويلات النقدية. ويمكن تحقيق ذلك من خلال برامج دعم الشركات والأسر المعيشية للاستثمار في الكفاءة في استخدام الطاقة والتوليد الذاتي للكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تساعد هذه الإصلاحات في تخفيف الضغوط التضخمية ودعم قدرة الشركات على المنافسة، والمساهمة في التحول الأخضر.

  • إجراءات الحكومة التونسية للحد من الأزمة المالية الخانقة ومكافحة التضخم

    وتقوم الحكومة التونسية حالياً بجهود متعددة للحد من معدل التضخم العام، والذي بلغ معدلًا تاريخيًا يبلغ 8.2٪ في يوليو الماضي مقارنة بـ 8.1٪ في يونيو، وفقًا للمراقبين.

تتضمن الإجراءات التي تعتمد عليها الحكومة، حزمة من الإصلاحات الاقتصادية، مثل دعم نظام الإنتاج المحلي وتشجيع الاستثمار وتذليل الصعاب التي تواجه المستثمرين، وإعادة النظر في الدين العام وتحسين الإدارة الحكومية، وإعادة هيكلة المؤسسات ومكافحة الفساد، وتنسيق الاقتصاد الموازي لتحقيق أكبر استفادة منه.

و مع ارتفاع معدل التضخم في تونس إلى 8 بالمائة، تعمل الحكومة حالياً على تخفيض هذه النسبة إلى مستوى 3 أو 4 بالمائة من خلال إجراءات عاجلة وصعبة. ومن بين هذه الإجراءات: تجميد زيادة الأسعار والتوقف عن تعيين موظفين جدد في القطاع الحكومي، بالإضافة إلى خفض دعم المواد الغذائية والطاقة، مع وضع خطة لتوجيه هذا الدعم إلى المستحقين فقط. يتطلب هذا الإجراءات الحاسمة والتعاون الشامل لجميع الأطراف لتحقيق النجاح في مواجهة التضخم وتحقيق الاستقرار الاقتصادي في البلاد.

و ردّ “البنك المركزي التونسي” على الوضع الراهن كان بناءً على تقرير صدر في 31 يناير (كانون الثاني) 2023 من وكالة التصنيف الائتماني الأميركية “موديز”، حيث قامت الوكالة بتخفيض تصنيف ودائع أربعة مصارف تونسية من caa1 إلى caa2 على المدى البعيد، وهي: بنك الأمان والبنك التونسي وبنك تونس العربي الدولي والشركة التونسية للبنك، فيما حافظت على تقييم الودائع البنكية طويلة الأجل للبنك العربي لتونس عند caa1، وقامت أيضاً بتغيير آفاق تصنيف الودائع البنكية على المدى الطويل للبنوك التونسية الخمسة (المذكورة سابقاً) من تصنيف قيد المراجعة إلى تصنيف سلبي.

وأوضحت “موديز” أن هذا التصنيف يأتي نتيجة لتخفيض التصنيف السيادي لتونس من caa1 إلى caa2 مع آفاق سلبية في الـ27 يناير الماضي، وتخفيض تصنيف البنك المركزي التونسي، المسؤول قانونياً عن المدفوعات المتعلقة بكل سندات الخزانة، إلى caa2 مع آفاق سلبية. ومع هذا القرار، انخفض سقف أخطار العملة المحلية لتونس إلى B2 والعملة الأجنبية إلى caa1.

وبناءً على هذا التقرير، قام “البنك المركزي التونسي” باتخاذ إجراءات لمواجهة هذا التحدي، وذلك من خلال إدارة النقد الأجنبي بحرص وتحفظ، وتعزيز التواصل والتعاون مع الحكومة والمؤسسات المالية الدولية، بهدف تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي للبلاد.

أسباب قد تبشر بانفراجة الاقتصاد التونسي رغم الأزمات

تأثر القطاع السياحي في تونس بشكل كبير بعد حملة التشويه التي شنتها بعض الجماعات الإرهابية في الفترة الأخيرة، وتسببت في تراجع كبير للسياحة في البلاد. ومع ذلك، نجحت السلطات التونسية في إجراء مواجهات أمنية ناجحة ضد هذه التنظيمات خلال السنوات الماضية، وتمكنت من تحسين الأمن والاستقرار في البلاد، مما أدى إلى خلق بيئة آمنة وجاذبة للاستثمارات والسياحة.

وبفضل هذه المواجهات الأمنية الناجحة، تمكنت تونس من استعادة بعض من مكانتها كوجهة سياحية مفضلة، وارتفعت الإيرادات السياحية في البلاد للمرة الأولى منذ سنوات، مع تزايد عدد السياح القادمين من مختلف دول العالم.

 وبهذا النجاح، يتوقع المراقبون تحسن اقتصادي وانفراجة قريبة في الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها البلد منذ فترة، بالإضافة إلى الجهود المبذولة لتحسين الظروف الاقتصادية من خلال المفاوضات المتواصلة مع صندوق النقد الدولي.

وتتمثل خطة تونس لتحقيق الانفراجة الاقتصادية في عدة محاور، حيث تسعى الحكومة إلى تعزيز قطاع السياحة وتأمين موسم سياحي ناجح في الصيف، عبر توفير الاستعدادات الأمنية والتجهيزات الخدمية اللازمة.

وتعمل الحكومة على تحفيز الاستثمار في البلاد وتشجيع الشركات المحلية والأجنبية على توسيع نطاق أعمالها في تونس. كما يولي الاقتصاد التونسي اهتماما كبيرا بتنشيط القطاع الصناعي وتعزيز الإنتاجية، وخاصة في القطاعات الزراعية وإنتاج الفوسفات. ويأمل الحكومة في أن تساهم هذه الجهود في تعزيز الناتج المحلي وتعويض العجز في الموازنة.

و بعد ذكرنا عن الوضع الاقتصادي الحالي في تونس، وتعرفنا على التحديات التي تواجه البلاد والجهود التي تبذل للخروج منها، يجد المرء نفسه يتأمل في مستقبل أفضل لهذا البلد

فالاقتصاد التونسي يحمل في طياته الكثير من الإمكانيات والفرص، إذ تتميز البلاد بموقع جغرافي متميز يجعلها بوابة إلى الأسواق الأوروبية والإفريقية، كما تتمتع بثروات طبيعية وبشرية هائلة تجعلها قادرة على تحقيق النمو والازدهار.

ولكن هذا يتطلب جهوداً وإصلاحات جادة ومستمرة من قبل الحكومة والمؤسسات المعنية، واستثمارات جديدة ومتنوعة من القطاع الخاص والأجنبي، وتشجيع روح ريادة الأعمال والابتكار في المجتمع.

إن الاقتصاد التونسي يحتاج إلى استراتيجية شاملة وواضحة، تضع الأولويات والأهداف الواضحة وتعمل على تطوير البنية التحتية الاقتصادية وتنشيط قطاعات الإنتاج والخدمات، بما يسهم في توفير فرص العمل وزيادة الإيرادات وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين.

ولكن على الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجه الاقتصاد التونسي، فإن الأمل ما زال حاضراً بقوة.

 

 

سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها

يقيم مصرف سورية المركزي بالتعاون مع وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها بعنوان: “نحو إطار تمويلي ...