فرح مرقه:
اختفت أسواق عيد الميلاد، وأغلقت معظم المؤسسات والمطاعم والشركات، كما تئن شركة القطارات الألمانية الشهيرة، بينما أعلن مهرجان برلينالة السينمائي ذي الصيت الذائع عن تأخير فعالياته من فبراير إلى ما بعد الربيع، وكل ذلك رغم الآمال باللقاح الألماني، ورغم تسريع الحكومة بخطوات اعتماده.
وأعلنت حكومة المستشارة أنغيلا ميركل عن إغلاقٍ ثانٍ في ألمانيا قبل أيام جراء ارتفاع اعداد الإصابات بفايروس كورونا، ما جعل السؤال عن احتمالية انهيار النموذج الألماني في مواجهة جائحة كورونا، مشروعاً خصوصا مع انين القطاع الصحي تحت وطأة الأزمة.
وصدرت تحذيرات طبية من امتلاء غرف العناية الحثيثة في المستشفيات الألمانية، ووصول الشواغر فيها لأقل من 10% من الأسرّة، بالتزامن مع ارتفاع أعداد الوفيات لأكثر من 800 يوميا على مدار اليومين الماضيين، وهو رقم تحدث وزير الصحة الألماني عن كون معظمه من كبار السن.
وتشهد ألمانيا ارتفاعاً كبيراً بأعداد الإصابات بفايروس كورونا لتصل إلى أكثر من 31 الفاً صباح السبت حسب معهد “روبرت كوخ” الألماني لمكافحة الأمراض المعدية وغير المعدية. وبحسب بيانات المعهد، فإن عدد الإصابات الجديدة الجمعة بلغ 33 ألفا و777 حالة، وهو مستوى قياسي في عدد الإصابات اليومية، مقارنة بـ 28 ألفا و438 حالة إصابة الجديدة يوم السبت الماضي.
وبحسب بيانات المعهد، يصل بذلك إجمالي عدد حالات الإصابة المؤكدة بالفيروس في ألمانيا إلى مليون و471 ألفا و238 حالة. وبلغ إجمالي الوفيات الناجمة عن الإصابة بالفيروس 25 ألفا و640 حالة، بزيادة قدرها 702 حالة مقارنة بأمس الجمعة. وكان أعلى عدد للوفيات جراء الفيروس سجلته ألمانيا بواقع 952 حالة يوم الأربعاء الماضي. وبلغ عدد المتعافين نحو مليون و85 ألفا و500 شخص.
وواصل معدل انتشار المرض بين كل مئة ألف نسمة في غضون سبعة أيام ارتفاعه اليوم إلى 6ر189 حالة، وهو أعلى معدل يتم تسجيله حتى الآن. وبحسب بيانات المعهد، بلغ معدل الاستنساخ حتى أمس الجمعة 05ر1، ما يعني أن كل مئة مصاب قد ينقلون العدوى إلى نحو 105 أفراد آخرين في المتوسط. ويعكس معدل الاستنساخ وضع انتشار المرض قبل أسبوع ونصف أسبوع تقريبا.
شتاء طويل رغم آمال اللقاح!
وحذر وزير الصحة الألماني ينس شبان الألمان من أن الشتاء الحالي سيكون طويلا على الألمان رغم ان برلين ستبدأ برنامجها للتطعيم في 27 كانون أول/ديسمبر الجاري، مبيناً أن المرحلة الأولى من التطعيم ضد كورونا ستشمل كبار السن أو المقيمين في دور رعاية المسنين على وجه الخصوص، وستستغرق من شهر إلى شهرين.
وقال شبان الجمعة بمناسبة التوقيع على مرسوم التطعيم ضد كورونا، الذي تم فيه تحديد ترتيب الفئات ذات الأولوية في تلقي التطعيم: “حماية الأضعف هي الهدف الأول لحملة التطعيم لدينا”، موضحا أن تلك المرحلة ستسغرق من شهر إلى شهرين على الأقل، مشيرا إلى أنه عندها فقط يمكن التفكير في توسيع العرض خطوة بخطوة، وقال: “هذا يعني لنا جميعا أن الشتاء سيكون طويلا”.
وأضاف شبان: “نصف الوفيات لأفراد يزيد عمرهم عن 80 عاما”، موضحا أن كافة الولايات ستبدأ بالتطعيم في مؤسسات رعاية المسنين، كما ستكون الأولوية أيضا للأطباء وأطقم التمريض في المستشفيات، مطالباً الجميع بالتحلي بالصبر، وقال: “أطلب منكم الانتظار حتى يحين دوركم أيضا. نبدأ أولا بالمسنين، كبار السن، بأولئك الذين يعتنون بهم، من أجل حماية هؤلاء الأشخاص المعرضين للخطر بشكل خاص”.
تأجيل فعاليات وخسائر فادحة..
وشهد يوم الجمعة نفسه إعلانات تبعث على التخوف من الوضع في المانيا سواء على المسار الوبائي أو الاقتصادي، إذ أعلنت إدارة مهرجان برلين السينمائي الدولي “برليناله” الشهير أن المهرجان لن يقام هذه الدورة في شباط/فبراير من العام المقبل 2021 كما كان مخططا له، مضيفةً أنه بدلا من ذلك سيكون هناك لقاء رقمي لصناع السينما في آذار / مارس المقبل، مشيرة إلى أنه سيكون هناك لقاء آخر مع الجمهور في حزيران/يونيو المقبل.
بالتزامن، توقع مفوض السكك الحديدية بالحكومة الألمانية، إيناك فيرلمان، أن تتسبب جائحة فيروس كورونا في خسائر لشركة السكك الحديدية “دويتشه بان” لا تقل عن 13 مليار يورو (16 مليار دولار).
وقال فيرلمان لصحيفة “فيلت” في تصريحات نشرت السبت “إذا واصلنا فرض قيود كبيرة خلال كانون ثان/يناير وشباط/فبراير وآذار/مارس، أو إذا كانت الإجراءات لا تزال ضرورية في الخريف المقبل، فسنضطر إلى النظر في تأثير ذلك”.
وهذا الأسبوع، رفع البرلمان الألماني (البوندستاج) سقف ديون المجموعة المملوكة للحكومة من 30 مليارا سابقة إلى 35 مليار يورو حتى نهاية عام 2021.
شركات متوسطة تدق ناقوس الخطر
ودقت الشركات المتوسطة في ألمانيا ناقوس الخطر بالتزامن أيضاً بسبب التباطؤ في صرف المساعدات المخصصة لشهر تشرين ثان/نوفمبر الماضي.
وبعث اتحاد الشركات المتوسطة في ألمانيا بخطاب إلى وزير الاقتصاد بيتر التماير، قال فيه: “حتى الآن، لم يصل سوى نذر يسير من السيولة المطلوبة على نحو عاجل للشركات المتعثرة، وهناك العديد من الشركات المتوسطة والصغيرة تقف على وشك الإفلاس”، وفق خطاب اطلعت عليه وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ).
وكانت الحكومة الألمانية أعلنت صرف مساعدات للشركات المتضررة من الإغلاق الجزئي خلال الشهرين الحالي والماضي، مثل الشركات العاملة في قطاع الضيافة، وذلك لتعويضها عن الخسائر في الإيرادات، وقد تم صرف الدفعات المقدمة بالفعل، واعتبارا من كانون ثان/يناير المقبل سيتم صرف المساعدات المرحلية حتى تتمكن الشركات المتضررة من سداد التكاليف الثابتة مثل تكاليف الإيجار وحق الانتفاع.
وحذر الاتحاد من “خراب” محلات تجارة التجزئة في حال استمرت هذه المعاملة غير المتساوية.
كل ما سبق، يشي بأن الحكومة الاتحادية الألمانية والتي حافظت على نموذج ظهر في العالم كواحد من أنجح النماذج في مواجهة فايروس كورونا وتفشيه وآثاره الاقتصادية، تعيش أياماً صعبة وقد تضطرها لقرارات حاولت تجنبها مرارا سابقا منها التغريد بعيدا عن أوروبا والتي لا تزال باتحادها تتريث قبل إقرار المطعوم الألماني بيونتك والذي تم إصداره بالشراكة مع شركة بفايزر الامريكية، إضافة لتشديد أكبر في الإغلاق إلى جانب التأخير في الدفعات المالية للشركات المتضررة جراء ذلك، وهذه إجراءات صعبة على أكبر اقتصادات أوروبا وأقوى دولها، وصاحبة النموذج الصحي المميز فيها.
سيرياهوم نيوز 5 – رأي االيوم 20/12/2020