آخر الأخبار
الرئيسية » يومياً ... 100% » شهرنا المفضل لشفط المال!!

شهرنا المفضل لشفط المال!!

*علي عبود

لم يتوقف التجار والصناعيون على مدى الأشهر الماضية عن رفع الأسعار ، وتمكنوا من شفط المليارات من دخل ملايين الأسر السورية ، ورأى معظمهم إن شهر رمضان ليس أكثر من فرصة جديدة لشفط المزيد من المليارات!

نعم .. لسان حال الغالبية العظمى من التجار يصرخ بوجه الصائمين : رمضان شهرنا المفضل لشفط المال وليس لرحمة الناس!!

لاننكر أن هناك قلة من التجار والصناعيين تقدم مساعدات مادية أوعينية لعشرات الأسر السورية تحت مسمى “الزكاة” ولكن السؤال : لماذا لانشهد مبادرات فعالة تعيد البسمة لملايين الأسر السورية في شهر رمضان وليس لعدد محدود جدا منها فقط؟

كان بإمكان غرف التجارة والصناعة إطلاق مبادرات تساعد الناس المحتاجين على مواجهة أعباء المعيشة اليومية ، وليس فقط التشجيع على تقديم عروض وتخفيضات محدودة جدا في أسواق الخير والتسوق!

ولعل من أبرز المبادرات المقترحة التي ليس لحيتان المال أيّ استعداد لتنفيذها ، قيام غرف التجارة والصناعة بالتنسيق مع المستوردين والصناعيين بتقديم سلال غذائية مجانية بمعرفة الجمعيات الخيرية على جميع المعوزين تكفيهم لمدة شهر.

وكان يمكن للتجار وللصناعيين أيضا منح نسبة 1% من مستورداتهم ومن منتجاتهم الغذائية مجانا ونسبة 10%  منهما بسعر التكلفة لـ “السورية للتجارة” لتقوم بتوزيعها عبر البطاقة الذكية طوال شهر رمضان!

لقد دعا بعض التجار والصناعيين قبل أسابيع إلى التنسيق مع الوزارات المعنية  لتأمين انسياب المواد الأساسية في الأسواق ، وتأمين كل السلع بذريعة أن الاستهلاك في شهر رمضان يزداد ، لكننا لم نسمع منهم عن أي مبادرات جادة لتمكين ملايين الأسر محدودة الدخل من شراء الحد الأدنى من احتياجاتها في شهر الخير والبركات.. فلماذا؟

وبدلا من أن تقتصر مطالب التجار والصناعيين على تبسيط الإجراءات الحكومية المتعلقة بفتح مدة الشحن في إجازات الاستيراد ودراسة تخفيض الأسعار الاسترشادية لبعض المواد الأساسية لتخفيض أسعارها في السوق .. لماذا لم نقرأ عن مبادرات تتيح توفير سلال غذائية لمن لايقدر على شرائها ؟

لو ناقشت غرف التجارة والصناعة بالنسيق مع وزارتي التجارة والعمل الآليات لتقديم سلل عذائية مجانية مثلما تفعل بمناقشة تبسيط إجراءات انسياب السلع وتخفيض الرسوم والضرائب  .. لتمكنت آلاف الأسر الفقيرة الحصول على احتياجاتها من الغذاء والكساء في رمضان وعيد الفطر .. فهل هذا الأمر بالنسبة لكبار التجار والصناعيين وحيتان المال من المستحيلات ؟

أكثر من ذلك .. لو قدّم التجار والصناعيون مبادرات مهمة في رمضان لما نشب سجال بينهم وبين وزارتي الإقتصاد والتجارة حول رفع الأسعار والتهديد بالعقوبات والحبس بحق  المخالفين!

وبدلا من أن تكرر جهات حكومية معزوفة “لقمة المواطن خط أحمر بالمطلق” كان الأجدى ابتكار آليات وإطلاق مبادرات بالتنسيق بين غرف التجارة والصناعة والوزارات المعنية لتمكين ملايين الأسر السورية من تأمين “لقمتها” بأسعار تناسب دخلها في شهر رمضان على الأقل .

المسألة باتت أكثر من خطيرة فملايين الأسر السورية بالكاد يكفيها دخلها لتأمين وجبة قوامها الأساسي الفلافل أوالبطاطا ولم يعد يهمها ارتفاع اسعار السلع الأساسية لأنها طارت منذ أشهر عن موائدها ومن حساباتها ،ومع ذلك لم يهتم لا التجار ولا الصناعيين ولا الحكومة أيضا عبر “السورية للتجارة” بشهر الخير والبركات ولم يجدوا فيه مناسبة لمساعدة المحتاجين والمحرومين ..!

ولاندري ماجدّية المبادرات التي قدمها بعض التجار في أسواق رمضان الخيرية التي نظمتها  غرف التجارة والصناعة ، لكن من المؤكد ان السلع المعروضة حتى لو كانت بسعر التكلفة هي أعلى من قدرة ملايين العاملين بأجر !

وقد لفتتنا مبادرة تحث أصحاب الشركات الكبرى على دفع قيمة معينة من المال أو توزيع سلة غذائية للموظفين الذين يعملون عندهم باعتبارهم بحاجة لهذه المساعدة ،لكن نتائج هذه المبادرة حتى لونُفّذت ستبقى محدودة ، والأكثر فعالية أن تقدّم الشركات الكبرى والمتوسطة نسبة من مستورداتها ومن إنتاجها مجانا للسورية للتجارة ، ونسبة أخرى بنصف تكلفتها مثلا ، ليتم توزيعها على الأسر السورية عبر البطاقة الذكية أوبمعرفة الجمعيات الخيرية.

من المؤسف جدا ،بل والمستنكر إلى حد البشاعة ، أن تقوم شركة مشهورة بالتلاعب بتواريخ صلاحيات منتجاتها مستغلة شهر رمضان لبيعها رغم خطرها على صحة المواطنين ، بدلا من طرحها  في الأسواق بنصف ثمنها من خلال عروض “قرب انتهاء صلاحيتها” كما تفعل الشركات في مختلف دول العالم !

نعم.. أحد أهم المبادرات التي يرفض كبار التجار والصناعيين تنفيذها هي عروض البيع المغرية التي تتيح للمستهلك الحصول على السلع الغذائية بأسعار مخفضة جدا قبل انتهاء صلاحياتها بشهر أوشهرين ، وهذه المبادرات معدومة لدى التجار والصناعيين لأن شغلهم الشاغل البيع بأسعار باهظة حتى لو فسدت موادهم بل لايتورع بعضهم عن غشها أو حتى بيعها محشوة بالحشرات ترجمة لما يؤمنون به : سيبقى رمضان شهرنا المفضل لشفط المال سواء بالغش أو بالحشرات!!

(سيرياهوم نيوز3-3-4-2022)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الحرب على الوعي والمثقف الوطني المشتبك

  بقلم :د. حسن أحمد حسن   عندما يطوي السوريون تحت أقدامهم ثلاثة عشر عاماً من أقذر حرب عرفتها البشرية، ويفلحون في الحفاظ على كيان ...