قدمت «دنياى اقتصاد» وهي صحيفة اقتصادية إيرانية بارزة، تقريراً عن مستقبل الصناعة والتجارة على شكل سيناريوهين يتعلقان بخطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي). السيناريو الأول هو الاتفاق السياسي وعودة الأطراف إلى الخطة، أما السيناريو الثاني فهو زيادة القيود الدولية وضغوط العقوبات والعودة إلى أوضاع السنوات الأولى من التسعينيات.
واللافت هو أن السيناريوهين، لا يتضمن أي منهما رفع العقوبات بالكامل، بل يتضمن السيناريو الأفضل رفعاً مؤقتاً محدوداً فقط.
السيناريو الأول
في حالة عودة خطة العمل الشاملة المشتركة ورفع العقوبات المؤقتة بشكل محدود، تقترح الصحيفة تعزيز قدرات الإنتاج الإيرانية والتركيز على التجارة مع ألمانيا والصين والهند وكوريا الجنوبية واليابان، وهي التي تعتبر حسب الصحيفة، الدول التي يمكنها تزويد إيران بالتكنولوجيا المطلوبة لتحسين الصناعة.
ألمانيا لأنها تتمتع بمستوى أعلى من تكنولوجيا الإنتاج الصناعي مقارنة بالدول الأخرى، ولديها اقتصاد أكبر وأكثر تنوعًا، كما أنها تتمتع باستقلالية سياسية عن الولايات المتحدة أكثر من الدول الأوروبية الأخرى مثل المملكة المتحدة. تأتي كوريا الجنوبية في المرتبة التالية، خاصة وأن الصناعات الإيرانية تاريخياً استخدمت تكنولوجيا الإنتاج الصناعي المستوردة من كوريا الجنوبية. ثم اليابان، كمصدر للتكنولوجيا أيضاً.
وقالت الصحيفة: بسبب التزام هذين البلدين الكامل بسياسات الولايات المتحدة، فإن ربط الاحتياجات الأساسية والتكنولوجية لطهران باقتصاديات كوريا واليابان، له حساسيات خاصة بالنسبة لإيران خصوصاً فيما يتلعق بالأمن الاقتصادي. لذلك، ينبغي إيلاء اهتمام خاص لتنويع الشركاء التجاريين في مجالات التعاون معهما، كما ينبغي إيلاء اهتمام خاص لمسألة الضمانات القانونية للوفاء بالتزامات الجانب الآخر في الاتفاقات الثنائية.
كذلك، من الضروري، وفق الصحيفة، معرفة أنه إذا تم إحياء الاتفاق، سيبقى هناك خوف من تكرار تجربة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، والتصوير السلبي للإدارة الجديدة. ونتيجة لذلك، يعتقد الخبراء أن ايران في أحسن الأحوال سترى اتفاقية محدودة ومؤقتة وفقط في المجال النووي، والتي لن تسمح إلا ببيع النفط وتحويل عائدات النفط إلى البلاد.
وتشير الصحيفة إلى أن «المخاطر التي يتسم بها الاقتصاد الإيراني على الساحة الدولية لن تتغير. ولذلك، في هذه الفترة، لن نرى عقودًا أجنبية طويلة الأجل واستثمارات كبيرة من قبل شركات دولية كبيرة».
ولا شك أن الإفراج عن الموارد المالية الإيرانية المحجوبة، فضلاً عن بيع نفط البلاد، سيوفر سيولة كبيرة لمديري البلاد. لكن يتمثل الخطأ الاستراتيجي في مثل هذه الحالة في الاستيراد غير المنضبط للسلع الاستهلاكية والسلع الكمالية والسعي وراء سياسات شعبوية غير مستدامة وخلق ازدهار مؤقت منخفض الجودة ما سيلحق ضررا جسيماً بالاقتصاد الوطني نظرياً ومن حيث التجربة التاريخية للبلاد.
فالصناعات ذات الأولوية في هذا السيناريو لا بد أن يتم تصميمها على أساس البقاء، والهدف من التجارة في هذا السيناريو هو تعزيز الإنتاج الصناعي التكنولوجي وأن تكون في وضع أفضل في سلسلة القيمة العالمية.
كأولوية، يُقترح استيراد تقنيات الإنتاج الصناعي، وهي: السيارات، وصناعة النسيج، والتقنيات الصناعية الزراعية، الصناعات البتروكيماوية النهائية، صناعة الأدوية وصناعة إعادة التدوير.
السيناريو الثاني
في حال عدم عودة الاتفاق، من المتوقع أن تزداد الضغوط والعقوبات الدولية بشكل أقسى. وعليه، تقترح الصحيفة توفير الاحتياجات الأساسية للمستهلكين والمنتجين معاً، وضمان الحد الأدنى من معيشة الناس، من أجل زيادة مرونة الاقتصاد الوطني.
كما يجب التركيز، وفق الصحيفة، على التجارة مع عدد محدود من البلدان التي لها علاقات سياسية قوية للغاية مع إيران، وإن كان ذلك بطريقة محدودة. وتشمل البلدان التي تندرج في هذه الفئة افتراضيًا الصين وأوراسيا (خاصة روسيا) وتركيا والعراق وأفغانستان وعمان وقطر وسوريا وفنزويلا.
وفي الوقت نفسه، فإن التجارة مع فنزويلا، ناهيك عن أنها مكلفة للغاية بسبب المسافة الجغرافية الكبيرة، ولكن يسهل أيضًا تتبعها من قبل الولايات المتحدة وبالتالي فهي عالية المخاطر.
كما لا تزال عُمان وقطر، وعلى الرغم من علاقتهما السياسية الإيجابية مع إيران، متأثرتين بشدة بالسياسات الأميركية، وقد أظهرت تجربة الجولات السابقة من العقوبات أنهما لن يكونا مستعدين لخرق العقوبات، حتى بشكل غير رسمي وسري.
وعليه، يجب التركيز على مكانة الصين، أولاً لأنها أهم مشترٍ للنفط الإيراني ومصدر الدخل الأكثر أهمية لإيران. وثانيًا لأن الجزء الرئيسي من واردات إيران يأتي من هذا البلد، الذي يدل على درجة عالية من الاعتماد على الاقتصاد الإيراني.
ثالثاً، ونظراً للقدرات التكنولوجية العالية للاقتصاد الصيني، يمكن للبلد وحده توفير جميع السلع الإيرانية الأساسية اللازمة للإنتاج المحلي بموجب العقوبات. لذلك، لدى إيران الفرصة لتزويد التقنيات المطلوبة من الصين. وتجدر الإشارة إلى أنه في مثل هذه الظروف، سيكون لإيران قوة تفاوضية منخفضة للغاية في المفاوضات التجارية، والتي يمكن أن تكون لها تكاليف مضاعفة وغير مقبولة على طهران، وهي عملية لن تستمر على المدى الطويل، حسب الصحيفة.
(سيرياهوم نيوز-الاخبار)