جُنّ جنون إسرائيل، ومعها راعيتها الولايات المتحدة، من القضية المرفوعة من طرف جنوب أفريقيا، بشأن الحرب المستمرّة على قطاع غزة، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، والتي خلّفت أكثر من 23 ألف شهيد، بينهم أكثر من 10 آلاف طفل، في مجازر يومية لم تتوقّف. واتّهمت بريتوريا، تل أبيب، بارتكاب جرائم «إبادة جماعية» بما يتعارض مع «اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية» لعام 1948، والموقّع عليها من قبل جنوب أفريقيا وإسرائيل، التي لم يتوقّع مسؤولوها ربما أن يحاكَموا يوماً، بتهمة خطيرة للغاية، كارتكاب جريمة «الإبادة الجماعية». وعلى الرغم من أنه يصعب التعويل الجدّي على هذا النوع من الدعاوى والمحاكمات، في نظام دولي مختلّ، بقيادة الولايات المتحدة، لا يزال يحتفظ بموقف «المدافع» عن إسرائيل، بما هي جزء لا يتجزّأ من القوى الغربية، إلا أن حتى المحاكمة «الشكلية» والرمزية للكيان، والتي تخلّل يومها الأول عرض تصريحات ومقاطع فيديو وصور، إسرائيلية المصدر، تُثبت ادّعاء جنوب أفريقيا، أثارت جنون المسؤولين الإسرائيليين، ودفعتهم إلى رفع الصوت عالياً في وجه المحكمة و«الأمم المتحدة». وبعدما نشر رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، مساء أول من أمس، مقطع فيديو باللغة الإنكليزية، لأول مرة منذ بدء الحرب، قال فيه إن «إسرائيل لا تسعى إلى احتلال قطاع غزة، ولا إلى تهجير سكانه»، عاد وخرج أمس، بعد الجلسة الأولى، بتصريحات غاضبة ومربكة، ولكنها تُظهر في الوقت عينه الوقاحة والصلف الإسرائيليين. وقال نتنياهو إن «صراخ نفاق جنوب أفريقيا يصل إلى السماء»، معتبراً أنه «في الوقت الذي تحارب فيه إسرائيل إبادة شعب، تتّهم هي بإبادة شعب». وأضاف نتنياهو: «رأينا اليوم عالماً مقلوباً رأساً على عقب ونحن نحارب الإرهابيين والأكاذيب»، وجدّد زعمه أن «الجيش الإسرائيلي هو الأكثر أخلاقية في العالم». وتبعه في ذلك، وزير أمنه يوآف غالانت، الذي اعتبر أنه «لا توجد حرب عادلة وأخلاقية أكثر من هذه الحرب، ولا جيش أكثر أخلاقية من الجيش الإسرائيلي». ثم أتى الدعم من «الأخ الأكبر» والراعي الدولي، الولايات المتحدة، التي اعتبرت وزارة خارجيتها أن «الادعاءات بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية لا أساس لها من الصحة».
لا تزال تتكشّف بعض مجريات وقائع زيارة وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، للكيان
وعلى صعيد موازٍ، لا تزال تتكشّف بعض مجريات وقائع زيارة وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، للكيان قبل يومين، والتي اعتبرها مراقبون «غير ناجحة». وفي هذا السياق، نشرت «القناة 13» العبرية، أنه من بين أمور أخرى، طرح بلينكن، في اجتماعه مع وزراء «كابينت الحرب» الإسرائيلي، «الطلب الأميركي لتبنّي حلّ الدولتين كرؤية لليوم التالي للحرب». وقال بلينكن للوزراء: «الفلسطينيون مثلكم، لديهم طموحات أيضاً. عليكم قبول ذلك». فردّ على ذلك وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية، رون ديرمر، بقوله: «85% من الفلسطينيين في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) يؤيّدون المجزرة التي وقعت يوم السبت الأسود (عملية طوفان الأقصى)». ونقلت القناة عن مسؤولين إسرائيليين وصفتهم برفيعي المستوى، أن رسالة بلينكن هي أنه «إذا لم يتمّ طرح حلّ الدولتين كرؤية، فإن إسرائيل لن تتقدّم سياسياً، ولا حتى مع المملكة العربية السعودية»، في إشارة إلى ملف تطبيع العلاقات بين تل أبيب والرياض. كما قال الوزير الأميركي للوزراء: «من المستحيل القضاء على حماس بشكل كامل»، فأجاب ديرمر: «لم يتمّ القضاء على النازية أيضاً – لكن لا توجد دولة نازية اليوم». ومساء أمس، قالت الخارجية الأميركية إن «إنهاء حرب غزة بأسرع وقت ممكن، إحدى الأولويات الرئيسية للإدارة الأميركية العام الجاري». وأضافت الخارجية أن «مستقبل المنطقة يعتمد على المزيد من التكامل، وهذا يتطلب إنشاء دولة فلسطينية مستقلة»، بينما نقلت مجلّة «التايم» عن مسؤول أميركي رفيع قوله: لقد «انتقلنا من التعاطف مع إسرائيل، ودعم صديق في حالة حزن، إلى إجراء محادثات صعبة للغاية».
وعلى خط مواز، نقلت «وكالة الأنباء الألمانية» عن مسؤول قطري، قوله إن «التقارير المتداولة في الإعلام الإسرائيلي عن اقتراح قطر طرد قادة حماس من غزة مقابل وقف إطلاق النار خاطئة»، مضيفاً: «لم يتمّ بحث مثل هذا الاقتراح عن طرد قادة حماس من غزة في أيّ وقت أو مع أيّ طرف منذ اندلاع الحرب». وكانت وسائل إعلام العدوّ قد نقلت، أمس، عن مصادر حكومية، حديثاً عن اقتراح قطري جديد، يطرح إبعاد قيادة «حماس» من غزة، مقابل وقف الحرب.
سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية