اعتبر مصرف سورية المركزي- في رأي له- أن السياسة النقدية في سورية تلعب دوراً كبيراً على مستوى الاستثمار والإنتاجية والأسعار، وذلك في ظل شروط اقتصادية ملائمة طبيعية، حيث يزداد دورها صعوبة أكبر في دعم تلك المستويات في سورية نتيجة معدلات التضخم المرتفعة الناجمة عن عوامل متعددة اقتصادية وغير اقتصادية، سواء أكانت محلية أم خارجية والتي تدفعها إلى اتباع إجراءات لكبح جماح التضخم.
تطورات السوق..
المركزي اعتبر في ورقة عمل له حول “التخصيص غير الفعال لرأس المال والسياسة النقدية المُثلى” أن هذا الأمر قد ينعكس سلباً بطبيعة الحال على الإنتاج، وذلك حتى يتم تخفيض معدلات التضخم إلى المستوى الضروري للنشاط الاقتصادي، وتعديل السياسات النقدية لتكون أكثر توسعية ولاسيما لدعم الاستثمار وتمكين مصرف سورية المركزي من الاستجابة المثلى لواقع تطورات السوق والاقتصاد، وذلك بهدف دعم القطاعات الاقتصادية المختلفة وتحقيق التخصيص الأمثل لرؤوس الأموال في الشركات والمشاريع المختلفة.
انخفاض إنتاجية العامل..
وبحسب المركزي في دراسته فإن التخصيص غير الفعال لرأس المال عبر الشركات قد يؤدي إلى انخفاض كبير في إنتاجية العامل الإجمالية (TFP)، كما تشكل السياسة النقدية محركاً مهماً للقرارات الاستثمارية التي تتخذها الشركات، ولكن إذا استجابت الاستثمارات الثابتة بطرق مختلفة للتغيرات في السياسة النقدية، فمن الممكن أن تؤثر الأخيرة على سوء تخصيص رأس المال وإنتاجية عوامل الإنتاج، ففي السابق كان تصميم السياسة النقدية تقليدياً يأخذ الإنتاجية الإجمالية على أنها أمر مسلم به، وفي نموذج العمود الفقري للسياسة النقدية أي النموذج الكينزي الجديد (نسبة لجون مينارد كينز وهو اقتصادي إنجليزي ساهمت أفكاره في إحداثِ تغيير جذري في نظرية وممارسة الاقتصاد الكلي؛ كما عُرف كينز بأنّه مُنقذ الفردية الرأسمالية من انتشار البطالة) يواجه البنك المركزي مقايضة بين تثبيت استقرار التضخم وتقليص انحرافات الناتج قصيرة الأجل عن مستواه المحتمل، وإذا كانت السياسة النقدية قادرة على التأثير على سوء التخصيص وإنتاجية عوامل الإنتاج، فيتعين على البنك المركزي أيضاً– والحال كذلك- أن يفكر في الكيفية التي قد تؤثر بها قراراته على جانب العرض في الاقتصاد وذلك في الأمد المتوسط، وقد تكون هذه الاعتبارات ذات أهمية في مراحل السياسة النقدية النشطة للغاية كما هو الحال في البيئة التضخمية الحالية.
سوء تخصيص رأس المال..
المركزي بيّن في دراسته أن ورقة أعدت لصالح بنك التسويات الدولية سعت إلى تسليط الضوء على العلاقة بين السياسة النقدية وسوء تخصيص رأس المال في النموذج الكينزي الجديد، وانعكاساته على السياسة النقدية المُثلى، ولتحقيق ذلك قامت بتطوير نموذج ينشأ فيه سوء تخصيص رأس المال من الاحتكاكات المالية، وقدمت أدلة تجريبية مستخدمة بيانات دقيقة عن الشركات.
السياسة المثالية..
النموذج هذا– بحسب ما أورد المركزي- بيّن قيام الشركات ذات العائد المرتفع على رأس المال بزيادة استثماراتها بقوة أكبر وذلك استجابة لتوسع السياسة النقدية وبالتالي تقليل سوء التخصيص، حيث تخلق هذه الميزة حافزاً جديداً يدفع البنك المركزي إلى توسع نقدي غير متوقع للحد من سوء التخصيص بشكل مؤقت، ومع ذلك فان استقرار الأسعار هو الاستجابة المثالية للطلب أو للصدمات المالية أو الصدمات الإنتاجية وعوامل الإنتاج، وبعبارة أخرى إذا استطاع البنك المركزي الالتزام بسياسة معينة، فإن هذه السياسة المثالية هي استقرار الأسعار.
سيرياهوم نيوز 2_الثورة