تُواصِل ماكينة الدعاية الإسرائيليّة حملتها اليوميّة ضدّ الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، وذلك في إطار الحرب النفسيّة التي يخوضها الكيان لدبّ الخلافات ودقّ الأسافين وتثبيط العزائم في طهران، فعلى سبيل الذكر لا الحصر نقل مُحللٌ عسكريٌّ إسرائيليٌّ عن محافل رفيعةٍ في المؤسسة الأمنيّة في تل أبيب قولها إنّ “الرسالة المُوجهة إلى إيران بعد الهجوم في أصفهان تقول دون رتوشٍ: نستطيع الوصول إلى كلّ مكانٍ”، بحسب تعبيره.
وقال المُحلِّل يوآف ليمور في مقالٍ نشره بصحيفة (يسرائيل هايوم) العبريّة إنّ “التسريب الأمريكيّ بأن ّإسرائيل هي التي تقف وراء الهجوم على منشأة إنتاج سلاح إيراني في أصفهان، يدل على أهمية الحادثة، فالقيادة السياسية والأمنية في واشنطن لم تكن لتتكّبد عناء التطرّق إلى حادثة ثانوية، وهي فعلت ذلك كي تتنصل من مسؤولية الحادثة”، قال ليمور نقلاً عن ذات المصادر.
وأشارت المصادر أيضًا إلى “الردود الهستيرية والمتناقضة من طهران والتي تدُلّ على الإحراج، وعلى الضرر الكبير الذي لحِق بالمنشأة التي تنتج منظومات صاروخية ومسيّرات متطورة، كما أنّ الصور التي نُشرت عن مكان الهجوم أظهرت اندلاع حريقٍ كبيرٍ في المنشأة، لكن الإيرانيين ادّعوا أن المسيّرات التي هاجمتهم جرى اعتراضها وهي في طريقها، وأنها لم تتسبب بأذى كبير”.
وشدّدّت المصادر الأمنيّة الإسرائيليّة عينها على أنّ “مثل هذا الهجوم يتطلّب مزيجًا من استخباراتٍ نوعيةٍ ومن قدرةٍ عملانيةٍ عاليةٍ”، مُوضحةً أنّه “في الجانب الاستخباراتي، يجب معرفة تفاصيل المنشأة وقدراتها والمكان الدقيق الذي تتواجد فيه المواد التي يجب مهاجمتها، وعدد الأشخاص الموجودين في المكان. ومن المعقول أنْ يكون سبب اختيار توقيت الهجوم عشية يوم السبت، أيْ خلال عطلة نهاية الأسبوع، وجود عدد قليل من الأشخاص، وذلك لتقليص إصابة مدنيين بقدر الممكن، وبالتالي المطالبة بالانتقام.”
بالإضافة إلى ذلك، رأت المصادر أنّه “على الصعيد العملانيّ، كان يتطلّب القدرة على إرسال مسيّرات محملة بالذخيرة تنفجر فوق الهدف بدقة متناهية، ونظرًا إلى أنّ المقصود مسيّرات صغيرة نسبيًا من طراز(كوادكوبتر) لم يكن من الممكن إرسالها من خارج حدود إيران، بل من داخل أراضيها”.
وتابع أنّ “هذا الأمر يتطلّب قدرةً عاليةً موجودةً فقط لدى عدد قليل من الدول في العالم، وفي طليعتها إسرائيل. وكان سبق أنْ اتُّهم الموساد في الماضي بأنّه هاجم أهدافًا في إيران بصورة مشابهة، مثل الهجوم الذي وقع قبل عام ضد منشأة كرمنشاه التي يصّنع فيها الإيرانيون مسيّرات هجومية.”
وكشفت المصادر النقاب عن أنّه “في العام الماضي، سرّعت إيران كثيرًا في إنتاج المسيّرات، بالأساس من طراز شاهد 136، وذلك بعد العقود التي وقّعتها مع روسيا التي تستخدم هذه المسيّرات في حربها في أوكرانيا”.
وقال المُحلِّل ليمور في مقاله، الذي نقلته للعربيّة (مؤسسة الدراسات الفلسطينيّة) إنّه “مؤخرًا، علمت (يسرائيل هَيوم) بأنّ الدولتيْن، أيْ إيران وروسيا، وقّعتا عقدًا إضافيًا، بموجبه، من المفترض أنْ تزود إيران موسكو بمئات المسيّرات، هذا بالإضافة إلى الجهد الإيرانيّ في تسريع وإنتاج المسيّرات لحلفائها في المنطقة، وعلى رأسهم حزب الله في لبنان والحوثيون في اليمن، والميليشيات الشيعية في العراق”، وفق المصادر الرفيعة التي اعتمدت عليها الصحيفة العبريّة.
علاوة على ذلك، لفتت المصادر، وفق الصحيفة العبريّة، إلى أنّ “هذه الأنشطة الإيرانيّة تثير قلقًا كبيرًا في إسرائيل، ويمكن الافتراض أنّها تُقلق أوكرانيا والدول الغربية المؤيدة لها. ومن المعقول أنّ الأمريكيين لم يفاجئوا بالهجوم، على الرغم من تنصُّلهم من المسؤولية، من خلال التسريبات لصحيفة (وول ستريت جورنال)، وهو ما يدل على تخوّفهم من ردّ فعلٍ إيرانيٍّ مضادٍ (ضدّ قواتهم في العراق)، وربّما يريدون أيضًا إبقاء الباب مفتوحًا للمحادثات بشأن الاتفاق النوويّ”.
وتابع إنّه “على افتراض أنّ إسرائيل هي فعلاً وراء الهجوم، فهذه هي العملية الأولى التي تنفَّذ خلال ولاية حكومة نتنياهو الجديدة. في الماضي، قاد الموساد بقيادة رئيسه السابق يوسي كوهين سياسة عملانية عدائية ضد إيران، ويبدو أنّ خليفته ديفيد بارنيع يريد مواصلة المسار عينه”، طبقًا لأقواله.
وخلُص إلى القول إنّ “الهدف من هذه الهجمات، ليس فقط التشويش وعرقلة العمليات الإيرانيّة، بل أيضًا خلق ردعٍ، ومن الطبيعي أنّها تزيد في الاحتكاك بين البلدين، وفي طهران، برزت أصوات تطالب بالانتقام من إسرائيل، ردًا على هجومها، ويجب على إسرائيل أنْ تستعد لهجومٍ إيرانيٍّ مضادٍ، على غرار الهجمات التي قام بها الحرس الثوريّ الإيرانيّ في الأعوام الأخيرة ضدّ سفنٍ تعبر الخليج العربيّ تملكها إسرائيل، وأيضًا بواسطة الهجوم على أهدافٍ وشخصياتٍ إسرائيليّةٍ في شتى أنحاء العالم”، كما قالت المصادر.
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم