سناء عبد الرحمن:
تكشف مشكلات سوء الإكساء عن تحديات واسعة تطول جودة الأبنية السكنية والتجارية في محافظة طرطوس ، إذ يظهر تأثيرها سريعاً في شكل تشققات بالجدران، وأرضيات غير مستقرة، وخلل في التمديدات الكهربائية والإنارة، وتشير هذه العيوب إلى ضعف التخطيط واعتماد مواد غير مناسبة، ما يدفع أصحاب العقارات لتحمّل تكاليف إصلاح إضافية كان يمكن تفاديها بالإشراف الهندسي الصحيح.
يوضح المهندس المدني ثائر سليمان، المتخصص في الإكساء والترميم، في حديث لصحيفة “الحرية ” أن هذه المشكلات ليست مجرد عيوب سطحية، بل مؤشرات على ضعف في معالجة الطبقات الأساسية، ويبيّن أن التشققات تدل على خلل في التحضير، بينما تتسبب الأرضيات غير المتساوية بهبوط موضعي أو اهتزازات عند الاستخدام، إضافة إلى أخطاء التمديدات الكهربائية التي قد تؤثر على السلامة العامة.
مواد غير مطابقة للمواصفات
يشير سليمان إلى أن جزءاً كبيراً من الضرر يرتبط باستخدام مواد لا تتوافق مع المواصفات أو لا تناسب بيئة العمل، ففي بعض الحالات يجري اعتماد دهانات منخفضة الجودة أو أسقف غير مقاومة للرطوبة، ما يؤدي إلى التقشر والانفصال بعد فترة قصيرة، ويجعل المساحات بحاجة دائمة إلى صيانة إضافية.
أسباب متداخلة
ويؤكد أن تراكم هذه المشكلات يعود إلى مجموعة أسباب مترابطة، أبرزها غياب الإشراف الهندسي، والاستعجال في التنفيذ، واختيار فنيين غير متخصصين، إضافة إلى لجوء بعض أصحاب المشاريع إلى شراء مواد رخيصة على حساب الجودة، ما ينعكس مباشرة على متانة الإكساء واستدامته.
خامات متينة
إن اختيار خامات ذات جودة عالية لا يعني بالضرورة رفع التكلفة بشكل كبير، بل يتطلب معرفة دقيقة بخصائص المواد المتوفرة في السوق، فهناك بدائل متعددة تقدم توازناً بين السعر والمتانة.
ويشدد على ضرورة اختيار مواد مقاومة للرطوبة والضغط والحرارة، لضمان بقاء الإكساء متماسكاً لسنوات طويلة دون الحاجة المستمرة إلى ترميم.
كما يلفت سليمان إلى أن الالتزام بالخطة الزمنية ليس فقط مسألة تنظيمية، بل عامل أساسي في ضبط جودة التنفيذ، فالتأخير يؤدي غالباً إلى تقاطع الأعمال وإرباك الفنيين، ما يرفع نسبة الأخطاء، ويؤكد أن تسليم المشروع ضمن الموعد المتفق عليه يساعد المالك على استخدام العقار في الوقت المحدد، سواء للسكن أو لبدء نشاطه التجاري، ويجنب الطرفين أي تكاليف إضافية.
رقابة هندسية غائبة
بدوره رئيس فرع نقابة المهندسين في طرطوس المهندس عبد الناصر الجندي يؤكد أنّ الإشراف الهندسي على مرحلة الإكساء لا يزال غائباً بالكامل، لأن هذه المرحلة تدخل ضمن صلاحيات البلديات وليس النقابة، ويوضح أن دور النقابة يقتصر على متابعة الجوانب الإنشائية التي تسبق الإكساء فقط.
اختبارات المواد
ويشير الجندي إلى أن النقابة تراقب جودة المواد الإنشائية – وخاصة البيتون – من خلال لجان مختصة تجري زيارات للمجابل البيتونية والورشات، وتعمل على أخذ عينات وإجراء اختبارات مخبرية للتحقق من مطابقتها للمواصفات. وتشمل الرقابة أيضاً مواد مثل البلوك التي تخضع للفحوصات ذاتها ضماناً للجودة.
مسؤولية البلديات
ويبين أن البلديات هي الجهة المسؤولة فعلياً عن ضبط مخالفات الإكساء. ويوضح أن بعض البلديات، مثل بلدية طرطوس، تمتلك لجاناً مختصة بالواجهات تضم ممثلين عن النقابة. وعند الاشتباه بوجود مخالفة في جودة المواد أو التنفيذ، تقوم النقابة بمراجعة البلدية بالتنسيق مع المهندس الدارس، وفي حال عدم الاستجابة يمكن تقديم شكوى رسمية.
تحديات أوسع
تأتي هذه التحديات في ظل توسع عمراني متسارع تشهده سوريا، وارتفاع الطلب على الترميم وإعادة التأهيل. ويتزامن ذلك مع غياب معايير مهنية موحدة للإكساء وتفاوت خبرات العاملين، ما يخلق تفاوتاً كبيراً في جودة التنفيذ، ويرى مختصون أن تحسين القطاع يتطلب تعزيز دور الإشراف الهندسي، ورفع الوعي لدى أصحاب العقارات حول أهمية الاستثمار في مواد جيدة وتنفيذ متقن لضمان سلامة الأبنية واستدامتها.
syriahomenews أخبار سورية الوطن
