باسل علي الخطيب
تتكّون موجات التسونامي العاتية في معظم الأحيان لدى حصول زلازل، يكون مركزها قعر البحر، وكما يمكن أن تتكّون هذه الموجات نتيجة أسباب أخرى لسنا بواردها الآن…..
نتيجة الزلزال الحاصل تحت قعر البحر، تتحرك كمية هائلة من مياه المحيط أو البحر بشكل عمودي صعوداً وبصورة مفاجئة، مما يفقد هذه المياه حالة الركود والاستقرار التي كانت تسودها، فينتج عن ذلك على الفور أمواج دائرية ومتلاحقة تنطلق من مركز الزلزال، مع فواصل متباعدة فيما بينها، قد تصل إلى عدة عشرات من الكيلومترات، وتتجه نحو الشواطئ المجاورة القريبة والبعيدة وفقاً لقوة الزلزال حسب مقياس ريختر….
تتحرك هذه الأمواج بسرعة تصل إلى 800 كلم في الساعة في المياه العميقة، وفي هذه الحالة يكون ارتفاعها قليلاً ولا يتعدى 60 سنتم فوق سطح البحر، ولدى اقتراب هذه الأمواج من المياه القليلة الأعماق في الجرف القاري المحاذي للشواطئ، تنخفض سرعتها نتيجة احتكاك وفرملة قاعدتها من قبل الجرف المذكور، لتصبح قريبة من السرعة المتوسطة للسيارة، وفي المقابل يرتفع سطح هذه الأمواج ليصل ارتفاعها إلى 15 متراً، وفي بعض الأحيان إلى 30 متراً….
بعد ضربها الواجهة البحرية تخترق هذه الأمواج المناطق الساحلية المنبسطة نحو الداخل لتصل إلى مسافة حوالى كيلومتر تقريباً…
.
وهنا لا بد من تسجيل ملاحظة هامة ترافق هذه الظاهرة، وهي أنه قبل وصول الأمواج العاتية التي تضرب الشاطئ، تتراجع المياه الى عرض البحر بضع عشرات إلى مئات الأمتار، كاشفة ولبضع دقائق عن مناطق في قعره لم تكن ظاهرة قبل هذا التراجع، وهذا يعتبر انذار أساسي عنها….
تحدث أمواج التسونامي عادة في المحيطات الكبيرة و البحار المفتوحة، و رغم أن البحر المتوسط هو بحر مغلق إلا أن السجلات التاريخية تخبرنا أنه حصلت و ضربت شواطئه موجات تسونامي، تركزت بالدرجة الأولى في المنطقة الوسطى و الغربية منه، ونقصد شواطئ إيطاليا، إسبانيا، فرنسا، الجزائر، المغرب، صقلية….
تخبرنا السجلات التاريخية، أنه قد حدث زلزال عظيم عام 375 قرب سواحل جزيرة كريت، وصلت أمواج التسونامي الناتجة عنه إلى شواطئ اليونان شمالاً وإيطاليا غرباً و مصر جنوباً، حيث أدى تقريباً إلى إغراق نصف مدينة الإسكندرية في مصر…..
أما بالنسبة لشرق البحر المتوسط، و أقصد به سواحل سوريا و لبنان و فلسطين( سوريا الطبيعية)، تخبرنا السجلات التاريخية أن ذلك قد حصل مرة واحدة و ذلك عام 551م، حيث حصل زلزال في عرض البحر أدى إلى تشكيل أمواج تسونامي، أدت إلى دمار شبه كامل تقريباً لمدن بيروت و جبيل و طرابلس، و كان تأثيره طفيفاً على المدن الواقعة شمالاً و أقصد الواقعة على السواحل السورية الحالية…
أعتقد أن السبب في ذلك يعود – و حسب ما قلناه أعلاه عن تفسير نشوء أمواج تسونامي – يعود إلى وجود جزيرة قبرص قبالة السواحل السورية، قد تكون اليابسة القبرصية شكلت ما يمكن تشبيهه ( بمكسر الأمواج) و بالتالي خفف كثيراً من تأثيرها على السواحل السورية…
السؤال الذي يطرح نفسه، و لكن هل يمكن أن تتشكل أمواج تسونامي إن حصل زلزال في عرض البحر بيننا و بين جزيرة قبرص؟…
تبعد قبرص عن السواحل السورية قرابة 90 كيلو متر أو أكثر بقليل، و إن حصل زلزال ضمن هذه المسافة الفاصلة في قاع البحر، فلن تكون المسافة كافية لتشكل سلسلة أمواج عاتية ذات ارتفاع كبير و طاقة كبيرة…
علماً أنه حتى تتشكل امواج التسونامي يجب أن تكون قوة الزلزال تتجاوز 7 أو 7,5 درجات على مقياس ريختر، أما إذا حصل زلزال في قاع البحر، تتجاوز شدته 9 درجات في هذه المسافة الفاصلة بيننا و بين قبرص، فهذا أمر جلل و كبير، و عندها لا عاصم اليوم من أمر اللّه إلا ما رحم ربي…..
لا تذكر السجلات التاريخية إن تسونامي ما قد أصاب الشواطئ السورية، لذلك هناك احتمال ضئيل جداً أن يصيب هذه الشواطئ أمواج تسونامي في المستقبل للأسباب الذي ذكرناها أعلاه…..
مع التنويه أن علم الجيولوجيا هو علم احتمالي بنسبة كبيرة، و ليس علم تجريبي كالفيزياء، نتائجه مؤكدة حسب نتائج التجربة في المختبر، و لأن علم الجيولوحيا علم احتمالي، فالمعلومة فيه هي التوقع الاكثر قرباً للمنطق، أو الاكثر قرباً للحقيقة و ليس بالضرورة أن يكون كامل الحقيقة…
نرجو من الناس أن يحصلوا على معطياتهم و معلوماتهم في ما خص هكذا مواضيع من قبل الجهات المختصة أو من قبل المختصين، و ليس عبر صفحات الفيس أو غيرها من وسائل التواصل الاجتماعي، و التي جميعها لا تقدم الخبر الصحيح أو الكامل…….
(سيرياهوم نيوز4-صفحة الكاتب)