صدر للكاتب والإعلامي المغربي حسين مجدوبي كتابا بعنوان “كورونا فيروس: العالم رهينة الكمامة” باللغة الفرنسية حول جائحة كورونا التي تعصف بالعالم. وعالج الكاتب قضايا متنوعة مرتبطة بالفيروس، واستخلص كيف نجحت الدول الأسيوية وعلى رأسها الصين في احتواء الوباء مقابل فشل الدول الغربية، وهو ما يعد مدخلا جديدا لخريطة النفوذ العالمي.
وفي هذا الكتاب المعروض في أمازون، وينتقد غياب الحس الاستباقي لدى خبراء الصحة ومنها منظمة الصحة العالمية التي لم تستشعر خطر تحول الفيروس الى وباء عالمي، فقد استرخت في توجيه الإنذار رغم وجود أسباب كافية لإعلان الفيروس وباء منذ نهاية يناير الماضي على الأقل، كما تسترت الصين على خطورة الفيروس، وكانت المفاجأة التي هي بمثابة حرب عالمية فرضت على البشرية.
ويركز الكاتب على التعاطي العلمي مع الفيروس وفشل المجهودات الدولية حتى الآن. وينسب هذا الخلل الى غياب ثقافة التعاون الدولي بين الأمم لمعالجة الأمراض والأوبئة وكيف حلت محلها تجارب التنافس الأحادي لتحقيق مكاسب سياسية وتجارية على حساب الإنسانية. ويعتقد في قدرة العلم على مواجهة هذا الفيروس مثل باقي الفيروسات التي فتكت بالبشرية في الماضي وإن تطلب الكثير من الوقت والجهد والصبر.
ويخصص الكاتب الحيز الأكبر في الكتاب لتحليل مستقبل العلاقات الدولية على مستويات متعددة. وينبه الى الشرخ العميق الذي سيزداد بين العالم الغني القادر على مواجهة مخاطر الوباء اقتصاديا والعالم الثالث الذي سيغرق أكثر في القروض الخارجية والتفكك الاجتماعي والفوضى السياسية.
ويعتبر الكاتب هذا الوباء التاريخ الرسمي للحرب الباردة الثانية بين الصين والولايات المتحدة بعدما كانت في الماضي بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة. ويعدد كيف تخرج بكين منتصرة وواشنطن منهزمة، ويشرح هذا بوعي القيادة الصينية بخطر الفيروس على الكيان الصيني، فقد بذلت مجهودا كبيرا لاحتوائه قبل الانتشار في باقي المدن خاصة وأنها مدن عملاقة يسكنها الملايين من البشر. ونجحت الصين في الحفاظ على وحدة مجتمعها. ونظرا لصفتها كمعمل للعالم في مختلف المواد والقطاعات، لم تجد الصين أي مشكل في الحصول على المعدات، وهو عامل حاسم في الحرب ضد الفيروس. وساهم كل هذا في إنقاذ الاقتصاد الصيني من الانهيار بل حقق نموا بنقطة واحدة حتى الآن.
وحدث هذا مقابل الاستهتار الذي واجه به الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجائحة، واستخفف بالوباء العالمي، وإذا بالولايات المتحدة تتصدر العالم في عدد الإصابات والوفيات. وشهدت الجائحة تمزقا للمجتمع الأمريكي جراء الإحساس بأن الضحايا هم الفقراء، ثم انفجار التوتر العرقي بعد مقتل الأمريكي الأسود جورج فلويد خلال مايو الماضي على يد الشرطة. وجراء فشل مواجهة كورونا، ينهار الاقتصاد الأمريكي بأكثر من عشر نقاط، وهو ما يساوي خسائر تبلغ ألفي مليار دولار تقريبا خلال سنة 2020.
ونجحت الصين في تعويض الولايات المتحدة حول تقديم المساعدات الطبية والمالية لعشرات دول العالم، مقابل انكماش واشنطن. وقد لعبت بكين دور واشنطن بعد الحرب العالمية الثانية عندما ساعدت أوروبا في مشروع مارشال لتجاوز التدمير التي لحقها بعد الحرب العالمية الثانية. ويرى الكاتب في تحليله أن أكبر انتصار حققته بكين هو تحولها الى أمل عشرات الدول لتجاوز الخسائر التي تعرضت لها جراء الجائحة، فقد تحول الصين باستثماراتها وقروضها بفوائد سهلة أمل الدول في إفريقيا وأمريكا اللاتينية.
وينتهي الكاتب الى خلاصة مفادها كيف استغلت الصين الجائحة لكي تعزز من مشروعها لزعامة العالم مقابل تدهور زعامة الولايات المتحدة للعالم.
(سيرياهوم نيوز-رأي اليوم29-10-2020)