آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » (لآخر العمر) .. بطولات وتضحيات تصنع الحياة

(لآخر العمر) .. بطولات وتضحيات تصنع الحياة

فؤاد مسعد:

بكثير من الشغف وكثير من الحب والحماس استقبل الحضور العرض الخاص لفيلم (لآخر العمر) الذي أقيم مساء أمس في دار الأسد للثقافة والفنون ، الفيلم الذي مزج بين الواقعي بحرارته والإنساني بدفئه وصدقه والبطولات النابعة عن إيمان حقيقي بالنصر أو الشهادة ، أظهر حجم التضحيات التي يقدمها ملائكة بصورة بشر ليمنحوا الحياة حياة ، جمع بين أركانه عناصرا على صعيدي الشكل والمضمون جُبلت لتقدم ملاحم تحكي سطوراً من فصول كثيرة كتبها بواسل الجيش العربي السوري بدمائهم الذكية ببسالة وشجاعة وشهامة .
الفيلم من إخراج باسل الخطيب وتأليف سامر محمد اسماعيل وإنتاج وزارة الإعلام ـ مديرية الإنتاج التلفزيوني في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون ، يتناول أحداثاً مستلهمة من قصة حقيقية مظهراً من خلالها تكامل العمل الإعلامي مع الانتصارات التي حققها بواسل الجيش والدور الفعال الذي قام به الإعلام السوري في نقل أحداث المعارك ضد الإرهاب ، وهنا لا بد من القول: إنه مجرد إنجاز فيلم عما حققه الجيش خلال الحرب التي شنت على سورية في السنوات الأخيرة،هو أمر في غاية الأهمية لأنه وثيقة درامية تحكي لنا وللأجيال القادمة عن مرحلة هامة ومفصلية ، ونُذكّر أنه حتى اليوم لانزال نرنو لإنجاز أعمال عن حرب تشرين التحريرية إن كان تلفزيونياً أو سينمائياً ، لذلك لا بد من دعم هذه الخطوة لتكون حافزاً نحو خطوات كثيرة قادمة نحن أحوج ما نكون إليها .

اجتمعت العناصر كلها ليأتي فيلم (لآخر العمر) معجوناً بروح وطنية مُشبعة بحب الأرض والتجذر بالمكان الذي عشعشت نسائم هوائه في صدور وقلوب كل منا ، منذ اللحظات الأولى للفيلم أدخل المخرج الجمهور بلعبة الزمن ليشدهم إلى الأحداث ، إنها حكاية إعلامية (مراسلة حربية) توثق ما يجري على الأرض ، تحمل في قلبها دفقا من الإنسانية والقوة ، قوة الحق ، التي تمدها بالعزيمة والمبادرة ، تمر الأحداث وتقع رهينة بيد الإرهابيين ليتم تحريرها في نهاية الفيلم بعد متابعة العديد من المعارك وتفاصيل معاناتها وهي محتجزة ، وعلى ضفاف المحور الرئيسي تتشعب خطوط وشخصيات تمر لتترك بصمتها وإن بمشاهد قليلة ، السيدة التي ترفض أن تترك منزلها رغم الموت والدمار وعندما توافق على تركه تأخذ عهداً بعودتها إليه ، والرجل الفلسطيني المسن العاشق للتصوير وللموسيقا ، ولحظات الفرح التي تعيشها الصحفية مع أهلها ، والعلاقة الإنسانية التي تربط كل فرد من أفراد الجيش بخطيبته أو زوجته أو والدته المريضة .. كلها عناصر أنسنت الأحداث لتجعل الفيلم يسير على خطين ، الخط الذي عادة ما يكون ظاهراً للناس وهو الحرب والحالة العسكرية ودحر الإرهابيين والخط الآخر الذي غالباً ما يكون خفياً وهو ما يحمله كل منهم من حكاية وألم وأمل . هذا التمازج أضفى حالة فيها الكثير من الحميمية بين كل من المتلقي والأحداث والشخصيات .

حرص المخرج على الاعتناء بأدق التفاصيل بدءاً من تشكيل الكادر ككل وليس انتهاء بغذاء أفراد الجيش (البطاطا المسلوقة) وبدا الاعتناء حتى في تفاصيل الأماكن التي تم انتقاؤها وتجهيزها لتكون مواقع تصوير الفيلم ، هي مجموعة من التفاصيل الكثيرة التي صنعت بمجملها الصورة الكاملة ، أما الكاميرا فكانت تلتقط روح المشهد ناقلة من خلاله نبض الإحساس ، تارة هي مقتحمة تلاحق الطلقة والحركة وتارة ترصد التفاصيل الإنسانية وتلتقط الانفعالات الداخلية ونظرة العين وما تحمله من دلالات ، وجاءت المعارك التي كان عددها كبيراً ضمن الفيلم مقنعة إلى حد بعيد وكأنها نقل حي ومباشر لمعارك حقيقية ، فحملت الصورة مستوى فنياً راقياً ومعبّراً ، وفي إدارته لدفة التمثيل سعى المخرج لتحريض الكامن داخل كل ممثل ، مما أظهر قدرة عالية لديهم على عيش الشخصيات وإيصال عوالمها الداخلية والتعبير عنها بكل خلجة من خلجاتها ، في حين عمّقت الموسيقا من الفعل وكانت بحد ذاتها عاملاً مؤثراً ولغة تجسد مجريات الأحداث . أما النص الذي جاء محكماً وبعيداً عن الثرثرة فقد ضم جملاً شكلت بحد ذاتها رؤى وموقفاً ، وسعى الكاتب إلى نسج الشخصيات بما تحمله من تنوع فكان لكل منها قصتها وإن من خلال عبارة أو لفتة أو نظرة ما عمّق من الفعل الدرامي وزاد من جرعة التأثير .

(سيرياهوم نيوز-الثورة)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

وإنّما أولادُنا بيننا.. أكبادُنا تمشي على الأرضِ … في يوم الطفل العالمي.. شعراء تغنوا بالطفولة

  قد تجف أقلام الأدباء وتنضب أبيات الشعراء ولا ينتهي الحديث عن جمال الأطفال وذكريات الطفولة في عمر الإنسان؛ فالطفولة عالم مملوء بالحب والضحك والسعادة، ...