| بقلم: السفير الصيني في سورية فنغ بياو
الأحد, 25-07-2021
منذ اندلاع جائحة فيروس كورونا المستجد، يواجه المجتمع الدولي تحديات خطيرة مثل التفشي المتكرر للجائحة والانكماش الاقتصادي ومعضلة الحوكمة.
في هذا السياق، تتحمل الصين باعتبارها دولة كبيرة ومسؤولة واجباتها المطلوبة لتحقيق الخير للعالم، وتخوض المعركة العالمية ضد الجائحة بشجاعة وتبذل أقصى جهودها لمد يد العون للدول الأخرى، وتدعم الانتعاش الاقتصادي والتعافي بعد الجائحة في العالم، بما يسهم في تطبيق مفهوم مجتمع المستقبل المشترك للبشرية ومجتمع الصحة المشتركة للبشرية.
في الوقت الراهن، ما زالت جائحة فيروس كورونا المستجد تتفشى في العالم بالتزامن مع حدوث كثير من السلالات المتحورة للفيروس، وأصبح تضافر الجهود لمكافحة الجائحة أهم المهام أمام العالم، حيث يكتسب التعاون الدولي لمكافحة الجائحة بما فيه التعاون في مجال كشف مصدر الفيروس أهمية كبيرة لهزيمة الجائحة عالمياً.
على هذه الخلفية، برزت الضرورة لنا لتبني موقف علمي وموضوعي وعادل لدفع البحث عن مصدر الفيروس، وظل الجانب الصيني يدعم البحث عن مصدر فيروس كورونا المستجد.
العالم فوجئ بأخطر الجائحات في القرن، ومن الطبيعي أن يرغب الناس في معرفة سبب وعملية حدوث الجائحة، وفي هذا السياق، فإن البحث عن مصدر الفيروس لن يسمح لنا بالإجابة عن هذا السؤال فحسب، بل سيساعد في الوقاية والتعامل مع أزمة صحية عامة مماثلة قد تحدث في المستقبل.
في الحقيقة الجانب الصيني بدأ منذ الأيام الأولى للجائحة في الكشف عن مصدر الفيروس، وشدد الرئيس شي جينبينغ على هذا الأمر بشكل خاص في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للدورة الـ73 لمؤتمر منظمة الصحة العالمية، حيث أكد أن الصين تدعم العلماء من دول العالم كافة للقيام بالدراسة العلمية الدولية بهدف الكشف عن مصدر الفيروس وطرق انتقاله.
لذلك، طرحت الصين مع 140 دولة بشكل مشترك مشروع القرار حول التعاون في كشف مصدر الفيروس. منذ العام الماضي، تعاونت الصين قبل الدول الأخرى مع منظمة الصحة العالمية لكشف مصدر الفيروس في أنحاء العالم، ودعت علماء المنظمة مرتين إليها لإجراء البحث عن مصدر الفيروس.
في مطلع هذا العام، تشكلت فرقة الخبراء المشتركة والتي تضم خبراء من الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان وأستراليا وغيرها من 10 دول إضافة إلى الخبراء الصينيين، وبعد ذلك، أجرت الفرقة بحثاً مشتركاً مدته 28 يوماً لكشف مصدر الفيروس، كما قام الخبراء خلال هذه الفترة بزيارة ميدانية لمعهد ووهان لأبحاث الفيروسات ومختبرات الأمن البيولوجي بكل أنواعها وغيرها من المؤسسات، وأجروا تواصلاً عميقاً وصريحاً مع الخبراء الصينيين، فتوصلوا إلى استنتاجات مهمة مثل استحالة تسرب الفيروس من المختبر، وعدم وجود انتشار واسع للجائحة في مدينة ووهان قبل كانون الأول من عام 2019، وضرورة مواصلة البحث عن إصابات مبكرة ممكنة في النطاق الأوسع في العالم.
إن الموقف الذي يتبناه الجانب الصيني من كشف مصدر الفيروس حظي بالتأييد التام من الخبراء الدوليين، وفرقة الخبراء المشتركة توصلت إلى استنتاجاتها وفق برنامج منظمة الصحة العالمية وبالنهج العلمي، وبالتالي يجب على الجميع قبول هذه الاستنتاجات واحترامها والدفاع عنها.
يعتبر كشف مصدر الفيروس قضية علمية جدية، فمن اللازم دراستها من العلماء بشكل حصري على أساس الدلائل وبشكل شامل وشفاف، بدلاً من الساسة ورجال المخابرات، لذلك، لن نسمح بأن تكون هذه القضية إطاراً للتلاعب السياسي.
الحكومة الأميركية تصر على تجاهل العلم والحقائق، حيث لم تتبنّ الموقف العلمي في القضايا العلمية، وتحل محل صاحب الشأن بالطلب من جهازها الاستخباري إجراء «التحقيقات»، ما أدى إلى تسييس القضية العلمية الجدية، كما تسعى الولايات المتحدة إلى إفساد الأوساط العلمية الدولية، والضغط على العلماء للانحناء أمام هيمنتها وإكراهها.
إن العالم الفيروسي المشهور الماليزي من فرقة العمل لكشف مصدر الفيروس التابعة لمجلس جائحة فيروس كورونا المستجد، كشف في مجلة ذا لانسيت (the lancet) مرات عدة وعلى مواقع التواصل الاجتماعي أن الخبراء الأميركيين في الفرقة تعرضوا للتهديد، وحتى مارست القوة الخارجية ضغوطاً على رئيس الفرقة للطلب من الخبراء التخلي عن نظرية «الفيروس من المضيف الحي» والتحول إلى دعم نظرية «تسريب الفيروس من المختبر».
من المعروف أن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي تعرقل استئناف المفاوضات لبروتوكول التدقيق لمعاهدة حظر الأسلحة البيولوجية، وسبق لها أن شنت حرباً على العراق بالاعتماد على الزجاج الصغير من مسحوق الغسيل وهي تحاول الآن ممارسة حيلتها العتيقة، إذ تنادي بالانفتاح والشفافية في عملية كشف مصدر الفيروس بشكل سطحي، وتضغط على منظمة الصحة العالمية للتحقيق في الصين مرة أخرى وراء الكواليس، وتعمل على تشويه صورة الصين بما يسمى التحقيق المستقل بصورة تحديد المجرم قبل أي تحقيق، وإفساد التعاون الدولي في كشف مصدر الفيروس، وتبحث عن شماعة تعلق عليها قصورها في مكافحة الجائحة. لو اهتمت الولايات المتحدة بالحقيقة فعلياً، فيجب عليها فعل ما فعلته الصين، أي فتح مختبر «فورت ديتريك» من دون أي تردد، لأن وسائل الإعلام الأميركية أفادت بأن الأمراض غير المعقولة انفجرت في المناطق المحيطة به بعد إغلاق هذا المختبر. وحدثت إنفلونزا كبرى بعد ذلك، ما أدى إلى إصابة 32 مليون شخص على الأقل، ووفاة 18 ألف شخص بسبب الأمراض المتعلقة بالأنفلونزا. كما أقر مدير المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها علناً بأن بعض الوفيات في هذه الأنفلونزا يصابون بفيروس كورونا المستجد.
بهذه الحالة، لاحظنا أن هناك كثيراً من الأصوات المشككة مهما كانت داخل الولايات المتحدة أو في الساحة الدولية، مثلاً، تزداد الأصوات داخل الولايات المتحدة التي تطالب الحكومة الأميركية بالإعلان عن السبب الحقيقي لإغلاق مختبر «فورت ديتريك»، كما تطالب بالتحقيق في العلاقة بين إغلاق المختبر وأمراض السجائر الإلكترونية وإنفلونزا وفيروس كورونا المستجد.
ندعو الولايات المتحدة إلى فتح مختبراتها داخل البلاد وأنحاء العالم لقبول التحقيق المستقل الدولي، بدلاً من إضاءة الآخرين ليس نفسها بـ«مصباح يدوي».
البشرية تتقاسم اليسر والعسر وتتشارك المصير نفسه. في الوقت الراهن، ما زال الكثير من الدول النامية يواجه تهديدات خطيرة بسبب الجائحة، لذلك يجب أن تكون الأولوية في هذه المعركة العالمية لمكافحة الجائحة فصل الفيروس السياسي عن كشف مصدر الفيروس بصفة ذلك قضية علمية، وتوحيد الصفوف الدولية لمكافحة الجائحة، وبناء السور العظيم للمناعة ضد الفيروس بجهود مشتركة من الدول كافة.
إن الصين باعتبارها دولة مسؤولة ستستمر في الالتزام بمفهوم مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، وتدعم وتشارك في البحث عن مصدر الفيروس، وتدفع التعاون الدولي لمكافحة الجائحة بثبات، وتقديم المساهمة المطلوبة لإزالة فجوة المناعة.
كما يحرص الجانب الصيني على بذل جهود مشتركة مع الجانب السوري لمواصلة تعزيز التعاون بين البلدين في مكافحة الجائحة، وإقامة مجتمع الصحة المشتركة بين الصين وسورية، بما يحافظ على سلامة الأرواح وصحة شعبي البلدين.
(سيرياهوم نيوز-الوطن)