كتب:عبد الرحمن تيشوري
يعتبر موضوع التنمية الإدارية والإصلاح الإداري موضوعاً استراتيجياً لتطوير المجتمع السوري وبنيانه التنموي ضمن تحديات نتائج الحرب وضعف الخبرات ونقص القادة وانتشار الفساد وتخلف طرق الرقابة وضعف منهج التحفيز وسوء آليات التعيين والاختيار وعدم وجود بنوك وطنية للمعلومات وعدم بناء القرار الإداري بناء على معطيات وتوجهات وطنية وانتشار احتكار المعلومة والخبرة وحالة تلميع الأشخاص والمسؤولين الفاسدين الذين يحققون المنافع الخاصة والتحالفات والتغطية على أخطائهم وفسادهم. موضوع التنمية والإصلاح الإداري أثير منذ سنوات طويلة بدءاً من التسعينات في سورية كما أعتقد، وخطت الدول العالمية و العربية خطوات كبيرة في مجال تطوير وزارة خاصة للتنمية الإدارية وخطط متوالية في تطوير الخدمة المدنية والتنمية الإدارية، ونحن اليوم ما زلنا نراوح مع وزارة جديدة للتنمية الإدارية تعثرت في عهد النوري وانطلقت في عهد الدكتورة سفاف بعد تدخل السيد الرئيس لتصويب مسار الوزارة، ولم نستطع إنشاء هيئة أو وزارة أو حتى مؤسسات ضبط أداء أو اختيار وتوظيف، أو مراقبة إدارية أو تخطيط احتياجات عمالة، وتوظيف أو إعداد قادة إداريين بشكل رسمي بمرجعية وطنية واضحة حتى الان. تعيش مؤسساتنا السورية وشركاتنا وجهاتنا العامة حالة ترهل في المؤسسات الإدارية والمحلية والثقافية والاعلامية والصناعية، وتنتشر حالة ضعف الإنتاجية والتخريب وانتشار أساليب العمل التقليدي وتخلف أساليب التدريب والأتمتة والتنظيم الإداري والتوصيف الوظيفي، وإن التغيير في العمل الإداري في مؤسسات الدولة وإداراتها العامة موضوع بطيء ومترهل بفعل ضخامة الأجهزة الإدارية وصعوبة تغيير الأعراف الإدارية. / الادارة السورية فيل ضخم مصاب بالتهاب مفاصل غير قادر على الحراك / السؤال الأهم حول إمكانية وفعالية مشروع الإصلاح الإداري ضمن تحديات المرحلة الراهنة ونتائج الحرب ومقاومة الفاسدين للمشروع؟ الواضح أن خطط التنمية والإصلاح الإداري رغم كل الاهتمام الرسمي أو الدعوات التي يطلقها السيد الرئيس وتوجيهاته نحو أولوية الإصلاح الإداري، ورغم كون الإصلاح الإداري عنواناً كبيراً من عناوين الحكومة الجديدة الحالية، تعتبر النتائج أو الاستجابة الرسمية الحكومية أو نقاط الانطلاق بخطة الإصلاح الإداري محدودة ولا تمس الجوهر ولا ترتفع لمستوى المعالجة والإصلاح الإداري، وهذا يعكس تخوفات ومصالح وضعف خبرات ونقص كوادر وآلية لعدم تفعيل فكر الإصلاح الإداري ومؤسساته، وإن عدم قيام جهة مرجعية برعاية وإنشاء مؤسسات وفعاليات الإصلاح الإداري في سورية عامل أساسي في ترهل هذا الشعار وإبطال مفعوله وعدم اكتسابه الجدية العملية. / البعض يعتبر وزارة التنمية الادارية هي المعنية فقط بالمشروع واذا فشل المشروع يعني فشل لوزارة التنمية الادارية وهذا الكلام مرفوض وغير دقيق لان المشروع كبير ووطني وهو مهمة كل الوزراء والمحافظين والمديرين وليس مهمة وزارة التنمية الادارية لوحدها / وإذا كان هناك من آراء تقول بعدم وجود خبرات حقيقية لقيام اصلاح اداري حقيقي جدي وفعال ومستمر اليوم في سورية وأنه لا بد من تطوير معاهد الإدارة العليا وانتظار خريجي هذه المعاهد، فإن الرد بأن العمل في الإصلاح الإداري متكامل ويتطلب خطوات تحتاج زمناً في مجال التنظيم الإداري والاستناد إلى آليات تنمية الموارد البشرية وإدارة القوة العاملة، وتبسيط الإجراءات الحكومية ورفع كفاءة وفعالية الجهاز الحكومي الخدمي، ولا بد من تعزيز آليات التنمية لسنوات ووجود عرف إداري وثقافة جديدة للعمل الحكومي، والقيام بإنشاء هذه البنى يتطلب زمناً وتأخيرها سيؤخر مسيرة التنمية ككل وفعالية أية إجراءات إصلاحية، وفي الجوهر نقول إن الجهد الحكومي الوطني ككل / بعض الوزراء والمحافظين لا يعرفون مدلول كلمة الاصلاح الاداري / غير مجيش لمصلحة الإصلاح الإداري الذي له امتدادات في الفكر والثقافة والنضج الإنساني، ويتطلب تدريباً وتأهيلاً وبيئة عمل حكومي محفزة ونزيهة ومحاربة للفساد، نحن كخبراء ومتابعين ومختصين ومراقبين نلاحظ بالعكس ازدياد الترهل والفساد والضعف وضعف الفعالية وتناقض الآراء وضعف الرؤية واعتبار أي خطوة تغيير هي تطوير إداري دون الأخذ بعين الاعتبار تكامل وتضافر جهود التطوير الإداري. والنتيجة الحقيقية لهذه الخطوات، ومدى القناعة العامة والأكاديمية والعملية لها، ومنها خطوات دمج الوزارات التي جاءت تقليدية وتدل على ضحالة الخبرة الإدارية وعدم التحضير وضعف الدراسات والاستشارات واعتبار ان هذه الخطوات تقوم بها جهات مختصة تنفذ وتقيم الخطوة وفعاليتها، فهي تقوم بإجراءات تطوير إداري بواسطة أجهزة غير خبيرة وبنفس الآليات التقليدية ، والتخوف الأكبر في المستقبل هو نزع أولوية الإصلاح الإداري لعدم جدواه في مجتمعنا مع أن الواقع أننا شوهنا خطط وآليات الإصلاح الإداري وهمشنا دور خريجي المعهد الوطني للادارة العامة
(سيرياهوم نيوز19-2-2021)