قال دكتور إسماعيل صبري مقلد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية إنه بعد ما حدث في مخيم جنين وقبله في نابلس وحوارة من اقتحام وترويع وقتل واعتقال وهدم للبيوت، فإن العنف الاسرائيلي الدموي والهمجي في الأراضي الفلسطينية المحتلة قد تجاوز كل الحدود التي يمكن احتمالها إنسانيا، وذلك في انتهاك صارخ لكافة المواثيق والقوانين الدولية التي تحظر مثل هذه الممارسات الهمجية وتجرمها وتحمل مرتكبيها بالمسئولية عنها.
وأضاف أنه بإغراق المناطق الفلسطينية المحتلة في هذه الدوامة المرعبة والمستمرة من العنف الدموي ، يحاول نتنياهو مع الحكومة العنصرية الفاشية الإرهابية التي يقودها، الخروج من مأزقه الذي يواجهه ليس بالعدول عن سياساته التي جلبت عليه نقمة الاسرائيليين في الداخل رفضا لدكتاتوريته، والانتقادات اليهودية المتصاعدة في الخارج ضده لانه يشق وحدة المجتمع الاسرائيلي ويعرض وجوده كمجتمع يهودي للخطر ، وإنما بجعل الفلسطينيين في مناطق احتلالهم هم من يدفعون ثمن فشل سياساته وحدهم من دمائهم وارواحهم ومن مصادرة حقهم في حياة انسانية كريمة وآمنة كغيرهم.
وأكد أستاذ العلوم السياسية أنه كان بإمكان المقاومة الفلسطينية المسلحة بكل فصائلها بصرف النظر عن انتماءاتها الحزبية أو الدينية، أن تقوم بدورها في الانتقام من هذه الممارسات العنصرية البغيضة والمستفزة بردود فعل قوية، ردود موجعة ومؤلمة ومكلفة وبما يعجّل بنهاية هذه الحكومة الفاشية الإرهابية ويضع حدا لهذا العنف والارهاب الذي تمادي وطال، ولكنها لا تفعل.
وتساءل مقلد عن أسباب ذلك.
وتابع قائلا: “لا نلمس ردود فعل المقاومة لاسباب لا ندريها ولا يمكن أن نقتنع بها ايا ما كانت وماذا أكثر من ذلك حتى تتحرك وترد؟”.
وقال إذا كان من الصعب علي القادة الفلسطينيين ان ينهوا انقساماتهم ويوحدوا صفوفهم وينسقوا مواقفهم وتحركاتهم تجاه اسرائيل التي تحتل اراضيهم وتمحو لهم معالمها تحت نظرهم وتوشك علي ابتلاعها وتهويدها بمستوطناتها ومستوطنيها، فلا أقل من يتركوا المقاومة المسلحة وغيرها من أشكال المقاومة السرية بكافة صورها واشكالها المتعارف عليها تأخذ مجراها ولتحيل حياة الاسرائيليين إيضا الي جحيم من العذاب والمعاناة، مشيرا إلى أنه بدون هذه الردود الفلسطينية الانتقامية الموجعة بمنطق انه لا يفل الحديد الا الحديد ، فسوف يستمر مسلسل العنف الصهيوني الي أن تضيع فلسطين كلها.
ولفت إلى أن إسرائيل تتغذي علي الارهاب والعنف وليس علي التعايش والسلام واحترام حق الآخرين في الحياة.
ووصف ردود الفعل العربية بالميتة أو الباردة او اللامبالية او الغائبة، مؤكدا أنها كلها موجودة وتشهد علي أصحابها، لافتا إلى أن الحديث عنها أو لوم اصحابها عليها بات نوعا من العبث الذي لا جدوي.
وقال إن رد الفعل العربي في عمومه سوف يبقي هكذا ولن يتغير، حتي ولو احتل الصهاينة المسجد الأقصي وأزالوا معالمه، ووقتها لن يتجاوز الرد العربي عليه اكثر من الصراخ والشجب والتنديد ومناشدة المجتمع الدولي التدخل للقيام بالدور المطلوب منه بالنيابة عنهم.
وخلص مقلد إلى أن مفتاح الحل لهذا المأزق التاريخي والانساني هو في الداخل الفلسطيني اولا وليس في خارجه، مذكّرا بكل الشعوب المناضلة ضد الاحتلال من الجزائر الي فيتنام، مؤكدا أنها واجهت وتحملت وصمدت وانتصرت.
وأردف قائلا: هذا ما نتمناه لاشقائنا في فلسطين حتي وإن بدا الطريق وعرا ومحفوفا بالصعاب والتضحيات.
ونبه مقلد أن الإضراب الشامل في المدن الفلسطينية كافة بعد ما حدث في جنين ونابلس وحوارة، وكان آخره أمس ليس هو الحل، ولا يمكن أن يكون هو الحل، ولن يغير من الواقع الراهن في شيء، مشددا أن الحل هو بجعل الاسرائيليين يدفعون الثمن الفادح لعنفهم، الثمن الذي يرغمهم علي التراجع والتوقف عن ارتكابهم جرائمهم بحق الفلسطينيين.
وقال إن المهادنة لم تعد تجدي معهم، وهي ليست اللغة التي يحترمونها أو يعملون حسابا لها، مشيرا إلى أن الدم الفلسطيني يجب ألا يكون ارخص من الدم الاسرائيلي، والبادي أظلم.
ولفت أستاذ العلوم السياسية أن هذه ليست دعوة للعنف، وإنما هي دعوة لإنهائه ووضع حد لهذا الجحيم من المعاناة.
السياسات الإسرائيلية ثابتة
من جهته قال الأديب المصري محمد سلماوي إنه رغم كل ما يقال عن أن الحكومة الإسرائيلية الحالية هى الأكثر تطرفا فى تاريخ إسرائيل، وأن مجيء حكومة أقل تطرفا سيجعل إسرائيل أكثر قبولا بقيام الدولة الفلسطينية، فإن الحقيقة أن هناك سياسات إسرائيلية ثابتة لا علاقة لها بطبيعة الحكومة الموجودة بالسلطة، قد يكون لكل حكومة أسلوبها فى تطبيق هذه السياسات لكن السياسات قائمة لا تتغير، وفى مقدمة هذه السياسات أن جميع أرض فلسطين (وما يزيد عليها أيضا) ملك لليهود، وأن من حق أى يهودى قادم من أى بلد من بلاد العالم أن يستوطن بأى جزء يختاره منها، كما أن من حقه فى سبيل ذلك أن يطرد أى فلسطينى موجود على ما يسمونه Eretz Israel أى أرض إسرائيل، وأن يهدم ما قد يكون له فيها من منزل، وأن يصادر ما توارثه من أرض أبا عن جد.
وأضاف سلماوي أن هذه سياسة
ثابتة تتعلق بفلسفة قيام إسرائيل ذاتها، ولم يحدث أن راجعتها أي من الحكومات المتعاقبة منذ نشأة إسرائيل وحتى الآن، مشيرا إلى أن هذا هو منشأ مشكلة المستوطنات اليهودية التى تملأ الأراضى المحتلة، والتى أصبحت تحول دون قيام الدولة الفلسطينية التى لم تعد هناك أرض تقام عليها.
وقال إن من الصحيح أن بعض الحكومات التى لم توصف بالتطرف كانت تعتبر بعض هذه المستوطنات – وليس كلها – غير شرعية، لكنها مثلها مثل الحكومات الأكثر تطرفا، لم تكن تمنع قيامها، واليوم لدينا فى الضفة الغربية وحدها مستوطنات يهودية قوامها ٥٠٠ ألف يهودى أتوا من مختلف دول العالم، بينما يصل تعداد المستوطنات المقامة فى القدس الشرقية المحتلة إلى ٢٠٠ ألف مستوطن، لافتا إلى أن هذه المستوطنات لم تقمها الحكومات
المتطرفة وحدها، وإنما قامت فى ظل مختلف الحكومات أيا كانت درجة تطرفها.
وقال إن مشكلة هذه المستوطنات لا تكمن فقط فى الأرض التى تصادرها من الفلسطينيين ولا فى المساحة التى تحتلها من الأرض المخصصة للدولة الفلسطينية، وإنما أيضا فى نوعية المستوطنين أنفسهم وأبنائهم الذين يولدون داخل هذه المستوطنات.
ولفت سلماوي إلى أن الوزير العنصرى بتسلئيل سموتريتش الذى أثار جدلا بدعوته لمحو قرية حوارة الفلسطينية من على الخريطة من مواليد مستوطنة يهودية بهضبة الجولان المحتلة.
ليست زلة لسان
في ذات السياق قالت د.منار الشوربجي أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية إنه رغم الإدانات الدولية لتصريح الوزير الإسرائيلي الذي قال فيه “ينبغى أن تُمحى حوارة.. أعتقد أن دولة إسرائيل هي التي عليها أن تقوم بذلك”، وبرغم تراجع الوزير ،فإن أن ما قاله كشف بوضوح الهدف الحقيقى الذي هو التطهير العرقى ومحو التاريخ.
وخلصت الشوربجي إلى أننا إزاء عالمين متوازيين: عالم الشمال وعالم الجنوب. عالم يصر على حرب في أوكرانيا، ثم حرب ضد الصين، وأخرى ضد إيران، وعالم آخر رغم كل ذلك يرفض محو فلسطين من ذاكرته!
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم