بقلم:علي عبود
بعدما خرجت مواد أساسية مثل اللحوم والبيض والفروج من موائد ملايين الأسر السورية فإننا نسأل: هل كان لدى الحكومات المتعاقبة خلال العقدين الأخيرين سياسات زراعية؟وبما إن سورية تحولت من مصدّر إلى مستورد للقمح والقطن وحتى لبذار البطاطا .. فإننا نستنتج بسهولة ان ما من سياسة وما من خطة ولومبتسرة للقطاع الزراعي!! وما من حكومة على مدى العشرين عاما الماضية إلا وعزفت على أسطوانة : الدولة مستمرة بتقديم الدعم لمستلزمات الإنتاج الزراعي!!حسنا .. أين ينعكس هذا الدعم؟الفروج تحول من أكلة شعبية إلى سلعة محصورة بالمقتدرين ماليا ، ومستلزمات الأكلات الأكثر شعبية مثل الفلافل والبطاطا والفول والمسبحة والألبان والأجبان ارتفعت تكاليفها بسرعات غير مسبوقة إلى أن طارت من موائد ملايين السوريين إلا في مناسبات معدودة ونادرة!وبالتالي السؤال : مافائدة الدعم إن كان فعلا موجودا ومستمرا إذا لم يؤد إلى منتجات وسلع في متناول ملايين الأسر السورية العاملة بأجر؟لقد لفتنا جدا ماكشفه وزير الزراعة في مناسبتين على الأقل : إذا لم تتغير سياساتنا الزراعية فستحدث لدينا كارثة بعجوزات تأمين بعض المحاصيل الأساسية !!صحيح أن وزير الزراعة اكد إن الدعم الحكومي للزراعة سيحول دون وقوع الكارثة ، لكن حسب رأينا فإن الكارثة بدأت منذ عام 2005 وتحديدا مع بداية تبني الحكومة آنذاك لنهج الليبرالية الاقتصادية المتوحشة التي قادها السيىء الذكر عبد الله الدردري ، وكانت تباشيرها الأولى تهميش القطاعات الإنتاجية واستبدالها باقتصاد ريعي حولنا سريعا ومنذ عام 2008 من مصدرين إلى مستوردين للقمح!والملفت بل المريب أن مان حكومة خلال العقد الأخير وضعت خطة خمسية أو سنوية ورصدت لها الإعتمادات المادية والفنية تحول دون وقوع الكارثة أوالكوارث التي وقعت وتحصد آثارها المدمرة ملايين الأسر السورية العاملة بأجر منذ عام 2017 على الأقل!! والحق يُقال.. لم نستوعب ماقصده وزير الزراعة مؤخرا بتصريحه إنه ( لابد من دراسة تخفيض تكاليف الإنتاج لتتناسب مع مستويات الدخل وتطوير الإنتاج والإنتاجية ) .. فما حدث بعدها هو زيادة كبيرة في مستلزمات الإنتاج النباتي والحيواني أعقبتها زيادات مرتفعة في جميع السلع الأساسية !وإذا كان دخل أسرة مكونة من أربعة أفراد تكتفي باستهلاك ثمانية سندويشات فلافل يوميا فهذا يعني أنها بحاجة لأكثر من 250 ألف ليرة شهريا .. فأين هوالدعم الموجه لتخفيض تكاليف الإنتاج المتناسب مع مستويات الدخل؟وبصراحة شديدة جدا نقول: إذا كان الدعم المعلن من قبل الحكومة لايستفيد منه سوى فاحشي الثراء كما تؤكد وقائع يوميات ملايين الأسر السورية فالأفضل أن يلغى الدعم نهائيا !
وبالمختصر المفيد : الحل الوحيد لتحسين الوضع المعيشي لملايين الأسر السورية يكون بخطط دعم فعلية تؤدي إلى تخفيض السلع النباتية والحيوانية إلى مستويات الأجور السائدة ، أوبرفع الأجور إلى مستويات الأسعار الرائجة في الأسواق أو على أقل تقدير إلى مستويات نشرات الأسعار الرسمية الصادرة عن وزارة التجارة الداخلية!
(سيرياهوم نيوز29-8-2021)