آخر الأخبار
الرئيسية » يومياً ... 100% » ماذا أنجز محور المقاومة؟

ماذا أنجز محور المقاومة؟

 

علي عبود

لا يملّ الكثيرون من طرح السؤال: ماذا أنجز محور المقاومة في الحرب الدائرة مع إسرائيل منذ 7/10/2023؟
البعض يطرح السؤال بغباء شديد، والكثيرون يطرحونه بخبث أو بسخرية، بل وبشماتة؟
تابعت منذ أيّام حوارا مع مسؤول في السلطة الفلسطينية، كان واضحا من الكلمات الأولى بأنه غاضب جدا من عملية طوفان الأقصى، واتهم صراحة المقاومة الفلسطينية بأنها جلبت للشعب الفلسطيني التدمير والتهجير، وتساءل بثقة عالية: من قال أن “إسرائيل” لم تحقق أهدافها بحربها على قطاع غزة؟
ولا يختلف الأمر كثيرا في لبنان، فهناك تشكيك بإنجازات المقاومة، ومعارضة من قبل فريق “الحياد” على مساندة الشعب الفلسطيني وتعريض لبنان لعمليات تدمير مماثلة لما حصل في قطاع غزة.
حتى في سورية، تابعنا بعض الكتابات الساخرة من محور المقاومة، ووحدة الساحات، وسخرية غبية من التهديدات الإيرانية قبل وبعد العدوان “الإسرائيلي” على القنصلية الإيرانية في دمشق..
نعود للسؤال بمنأى عن المشكّكين، والمرعوبين، والمنتقدين، والساخرين.. الخ: ماذا حقق محور المقاومة من إنجازات في المواجهة النارية مع العدو “البعض يرفض تسميته بالعدو” منذ 7/10/2023؟
الإنجاز الأول: نقل المعارك إلى أرض العدو:
للمرة الأولى بتاريخ الصراع العربي ـ الصهيوني تجري المعارك داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهذا إنجاز كبير جدا وغير مسبوق، ففي جميع المواجهات كانت استراتيجية الكيان المحتل حصر المعارك على أراضي الدول العربية، أما مايجري منذ أكثر من ستة أشهر فإن محور المقاومة يشنّ الهجمات في العمق الإسرائيلي، ولم يكن قادة العدو، ولا داعمه الأمريكي يتوقعون ولو1 % إنهم سيتعرضون لهجمات يومية على مواقعهم العسكرية من العراق وسورية ولبنان واليمن، ومن قطاع غزة.
وتحاول أمريكا منذ 7/10/2023 حصر المواجهة بين “إسرائيل” والمقاومة الفلسطينية من خلال التهديد والوعيد للحكومات اللبنانية والعراقية والسورية والإيرانية، بالإضافة إلى التهويل على حركة أنصار الله بالويل وبالسحق والمحق” إن لم تتوقف عن استهداف “إسرائيل”! “
وعلى الرغم من محاولات أمريكا وتهديدات “إسرائيل” للبنان، فإن قادة العدو لم يتمكنوا من الإستفراد بالفلسطينيين، مما دفعهم إلى الجنون المتجسد بالتدمير والإبادة.
الإنجاز الثاني: حرب طويلة الأمد:
تعوّدت “إسرائيل” تحقيق إنتصارات عسكرية سريعة وحاسمة خلال أيام أوأسابيع، وكانت حرب تموز 2006 في لبنان حدثا استثنائيا لأنها استمرت بأمر أمريكي ودعم لامحدود من أنظمة عربية أكثر من ثلاثين يوما انتهت بهزيمة للعدو، وبالتالي فإن دخول العمليات العسكرية بين محور المقاومة و“إسرائيل” الشهر السابع دون حسم، وكأنّ المعارك لاتزال في يومها الأول من حيث الزخم، بل تزداد وتيرتها ومفاجآتها يوما بعد يوم .. يعني أن “إسرائيل” مهما مارست من تدمير وتهجير فقد دخلت مرغمة حقبة الإستنزاف الطويل الأمد، وليس لديها أيّ إمكانات مهما تلقت من دعم أمريكي لحسم المعركة لصالحها، وسيلحق بها محور المقاومة الهزيمة الثانية، بعد الهزيمة الأولى في حرب تموز2006.
الإنجاز الثالث: نهاية أسطورة الجيش الذي لايقهر والمخابرات التي تعرف كل شيئ!
نجحت إسرائيل على مدى 75 عاما من الترويج لأسطورة أن جيشها لايُقهر، ومخابراتها لاتنام وتعرف كل شيئ، وما عزّز هذه الأسطورة انتصارها الساحق والسريع في 5 حزيران 1967 من جهة، وعدم تمكّن الجيشين المصري والسوري من هزيمتها في حرب تشرين 1973، لأن الأمريكان كانوا ولا يزالون يمنعون هزيمتها من جهة ثانية، وقد نجحوا بإخراج مصر من الحرب ليتيحوا للعدو الإستفراد بسورية، والأدهى من الإثنين، إن الأنطمة المطّبعة سرا وعلانية تروّج أيضا لجيش إسرائيل الذي لايقهر والقادر على حمايتها أوعدم استهدافها، وبأن أذرع مخابراتها قادرة على الوصول إلى أي مكان لأتها لاتنام وتعرف كل شيئ..الخ!!
ماذا حدث بعد عملية طوفان الأقصى؟
ثبت إن جيش إسرائيل يُقهر، ومخابراتها في سبات عميق، ولا تعرف كل شيئ، فعملية طوفان الأقصى فاجأت الجميع، العدو والأنظمة العربية ومخابرات الغرب وأمريكا..الخ.
ومنذ عام 2006 أخفق الجيش الإسرائيلي، على الرغم من الدعم الأمريكي اللامحدود، بشن حرب جديدة لإلحاق هزيمة “ساحقة وماحقة” بالمقاومة اللبنانية، كما أخفقت مخابرات العدو والعالم بمنع تطوير قدرات المقاومة، عبر شن إعتداءات متكررة ومستمرة على ماتعتقده أنه قوافل الإمدادات القادمة من إيران إلى لبنان مرورا بالعراق وسورية.
ولم تستطع التكنولوجيا “الإسرائيلية” وأذرع العدو الاستخبارية المدعومة من الأقمار الاصطناعية ومراقبة الهواتف والإنترنت في كل لبنان الخ.. من الوصول سوى إلى مركبات متحركة وأشخاص، وليس إلى مخازن الصواريخ والأسلحة النوعية.
نعم، طوفان الأقصى، وما بعد الطوفان، أنهى اسطورة الجيش الذي لايقهر والمخابرات التي لاتنام وتعرف كل شيىء.
الإنجاز الرابع: مفاجأة وحدة الساحات:
لم يتوقف أعداء المقاومة من السخرية من “محور الممانعة” على مدى العقدين الماضيين أولا، ومن وحدة الساحات ثانيا، وكنا نسمع تعليقات ساذجة ومضحكة من سياسيين وكتاب وإعلاميين سواء في لبنان أوسورية والأنظمة المطبعة ، وانتقلت السخرية في السنوات الماضية إلى صفحات التواصل الاجتماعي..الخ، على الرغم ان وحدة الساحات ظهرت جلية في سورية منذ عام 2013.
لقد كشفت عملية طوفان الأقصى سريعا وبعد أقل من أسبوع إن محور المقاومة لم يكن شعارا، بل فعل مؤثر وأن وحدة الساحات حقيقة، وليست وهما، وإذا كان كثر توقعوا أن تنخرط المقاومة في لبنان والعراق بالمواجهة مع “إسرائيل” مساندة للمقاومة الفلسطينية، فإن قيام حركة أنصار الله بفتح جبهة في البحر الأحمر فاجأ الإسرائيليين والأمريكان والأنظمة العربية.
حاول الأمريكان مثلا من اليوم الأول، من خلال استعراض قوة غير مسبوق في البحر المتوسط، التهويل على المقاومة اللبنانية كي لاتساند المقاومة الفلسطينية بفتح جبهة لبنان، وضغطت على الحكومة العراقية، وطلبت من سلطنة عمان التوسط لدى إيران كي يتوقف اليمن عن اعتراض السفن المتوجهة إلى كيان العدو، وكل ذلك لإثبات أن وحدة الساحات وهم، أومنع تفعيلهاعلى الأقل، وكل ذلك لإتاحة المجال لإسرائيل للإستفراد بالمقاومة الفلسطينية.
وهانحن ندخل الشهر السابع من المواجهة بين محور المقاومة وكيان العدو، ويتأكد فيها للجميع أن وحدة الساحات تزداد فعالياتها يوما بعد يوم، بل أن إمكاناتها لم تستخدم إلا بنسب قليلة، ومفاجآتها وخاصة من قبل اليمنيين مستمرة ومتصاعدة، والجديد في الأمر حديث المقاومة العراقية عن تجهيز مقاومة في الأردن بالسلاح والتجهيزات استعدادا لإغلاق الطريق البري الذي يمول العدو بالمحروقات والغذاء والأدوية!
الإنجاز الخامس: تحرير الشمال الإسرائيلي!!
نعم، بعد أن كانت “إسرائيل” تقيم أوتخطط لإقامة مناطق عازلة لدى الدول المجاورة لفلسطين المحتلة، فوجئت بأن هذه المناطق باتت داخل كيانها، وتحديدا على حدودها الشمالية، لم يضطر حزب الله لاقتحام الحدود لتحرير الجليل مثلا، بل اعلن فتح جبهة مساندة فقط، فماذا كانت النتائج في الأيام التالية؟
نزح أكثر من 100 ألف مستوطن إلى الداخل “الإسرائيلي”، ويمكن أن نُطلق على ماحدث أنه عملية (تحرير الشمال الفلسطيني) لأن المستوطنين يعلنون جهارا أنهم لن يعودوا إلى الشمال حتى لو توقف إطلاق النار، بل إن من يحمل جنسية أجنبية غادر إلى من حيث أتى، والبعض الأخر رتّب أوضاعه للعيش في منطقة يعتقد انها أكثر أمنا حاليا!
ولا تستطيع حكومة العدو التي تتعرض مواقعها العسكرية للنيران اليومية من رجال المقاومة الرهان على عودة الشمال إلى ماكان عليه قبل 7/10/2023 بل أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله توعّد العدو برفع أعداد المهجرين إلى أكثر من مليون في حال توسيع رقعة الهجمات، أي بعد دخول الصواريخ الدقيقة إلى المعارك.
واللافت هنا أن عملية تحرير شمال فلسطين تمت دون الإعلان الرسمي عن نشوب الحرب، وبالتالي فالسؤال: ماالمساحة التي ستحرر من سكانها في حال نشوب الحرب المفتوحة؟
نعم، هناك نزوح من الجنوب اللبناني، لكنه نزوح مؤقت، فأهالي الجنوب سيعودون في اليوم التالي لوقف أطلاق النار، في حين قرر المستوطنون عدم العودة إلى الشمال قبل “القضاء” على حزب الله!!

وما يزيد من رعب المستوطنين أن حزب الله يستهدف النقاط الأمنية “الإسرائيلية” بعد استحداثها بساعات قليلة وهذا مؤشر بأنه يرصد أدقّ التفاصيل شمال فلسطين المحتلة، ولديه القدرة على استهداف ما يريد ساعة يريد، وهذا ماصرح به أحد المسؤولين عن مستوطنات الشمال بقوله: نحن مازلنا أحياء لأن حزب الله لم يقرر قتلنا!!
ولم تلاحظ سوى قلة أن عملية تهجير المستوطنين أكثر خطورة من تحرير الجليل لأنها تحققت بفاتورة بشرية أقل ومن دون صخب إعلامي يُثير الرأي العام العالمي.
لقد كان الهدف الرئيسي لكيان العدو، بعد 7/10/2023 إعادة النازحين إلى غلاف غزة، ليكتشف بعد أيام قليلة أنه أمام أزمة غير متوقعة وهي تحرير المقاومة اللبنانية للشمال من المستوطنين.
الخلاصة: هذه الإنجازات لمحور المقاومة ولوحدة الساحات أصبحت أمرا واقعا لايمكن لأيّ قوة “إسرائيلية” ان تمحيها أوتقضي عليها، سواء بتحويل قطاع غزة إلى مكان غير قابل للعيش، أو بإبادة ممنهجة للفلسطينين في القطاع وفي الضفة الغربية، ولا بقتل قيادات المقاومة، ولا باستهداف مقار البعثات القنصلية والدبلوماسية، ولا بالإعتداءات على مواقع الجيش العربي السوري..الخ.
(موقع سيرياهوم نيوز )

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الحرب على الوعي والمثقف الوطني المشتبك

  بقلم :د. حسن أحمد حسن   عندما يطوي السوريون تحت أقدامهم ثلاثة عشر عاماً من أقذر حرب عرفتها البشرية، ويفلحون في الحفاظ على كيان ...