علي عبود
يشعر السوريون بالسخط جراء الإعتداءات “الإسرائيلية” المتكررة على كامل الجغرافية السورية، والتي امتدت في الأشهر الأخيرة إلى المطارات والمباني السكنية!
ويسأل الكثير من السوريين وبغضب شديد: لماذا لاترد سورية على الإعتداءات “الإسرائيلية”، وتفرض قواعد إشتباك صارمة مثلما فعل حزب الله في لبنان؟
بغضّ النظر عن الواقغ الذي يؤكد أن “إسرائيل” لم تحقق أي هدف من إعتداءاتها على سورية، فهي لم تمنع مد المقاومة اللبنانية بالسلاح، ولا بتحقيق “إنجازات” للإرهابيين على الأرض، ولا بإضعاف التنسيق السوري ـ الإيراني، ولا بإقامة مناطق آمنة خارج السلطة السورية..الخ، فإن مايٌقلق قادة العدو هو امتناع سورية عن الرد على اعتداءاتها المتكررة، فهذا الأمر غير مفهوم بالنسبة لهم حتى الآن!!
نعم، السؤال الذي تريد “إسرائيل” جوابا عليه، وخاصة بعد الحرب على غزة، والجبهة الشمالية مع لبنان: ماذا ينتظرنا لو قمنا بشن حرب واسعة على سورية في القادم من الأيام أو الأشهر أو السنوات؟
وهذا السؤال مبرّر جدا من وجهة نظر قادة العدو، فما تمتلكه المقاومة سواء في قطاع غزة، أم في لبنان، أوفي العراق، يُفترض أن يكون لدى سورية مثله أو أكثر، وخاصة انها الجسر الوحيد لعبور السلاح إلى المقاومة اللبنانية على الأقل، وبالتالي فالإعتداءات “الإسرائيلية” المتكررة على المواقع السورية المختلفة تثير غضب قادة العدو لأنها لاتجيب على سؤالهم: لماذا لايردّون علينا بالمثل؟
وبما إن “إسرائيل” بدأت في الأشهر الأخيرة تكتشف نسبة لم تتجاوز 5% حتى الآن من قدرات حزب الله العسكرية، فإن الهدف الأساسي من زيادة اعتداءاتها على سورية في ذروة إنشغالها بالحرب على غزّة والجبهة الشمالية، هو استفزاز سورية للرد، أيّ للكشف عن بعض أنواع الأسلحة التي تمتلكها، أسوة بما فعل حزب الله ولو جزئيا حتى الأن!
ومن الملفت إن حزب الله لم يُعلن عن نوعية الأسلحة الجديدة التي استخدمها ضذ مواقع وحشود العدو سوى بعبارة واحدو (الأسلحة المناسبة)، أيّ إن “إسرائيل” لاتجهل أو تتفاجأ بنوعية الأسلحة الجديدة فقط، بل لم تتمكن من معرفة مزاياها، ولا بما تخفيه المقاومة اللبنانية من أسلحة يؤكد دائما انها لن تدخل في الميدان إلا في الحرب الشاملة ضد “إسرائيل” جنبا إلى حنب مع جبهات القتال الأخرى في محور المقاومة.
حسنا، استنادا إلى العقلية السورية، وإلى ماحدث في الأشهر القليلة التي سبقت حرب 6 تشرين 1973 فإن سورية لن تكشف عن قدراتها الردعية والقتالية إلا خلال حرب شاملة يتقرر فيها المصير، وتتحقق الأهداف الإستراتيجية، وبما أن مثل هذه الحرب مؤجلة، فإن “إسرائيل” لن تتمكن من الفوز بإجابة على سؤالها الملح: ماذا ينتظرنا في سورية خلال حرب شاملة وواسعة؟
لايتذكر الكثيرون إن “إسرائيل” كانت تغير يوميا تقريبا على مدن ومواقع سورية في الأشهر القليلة التي سبقت حرب تشرين عام 1973، وخاصة بعدما وصلتها تقارير استخباراتية أمريكية وغربية، وأيضا عربية وتحديدا من ملك الأردن آنذاك حسب الصحفي الراحل محمدحسنين هيكل، بأن سورية ومصر تستعدان لشن حرب على “إسرائيل” لتحرير أراضيهما المحتلة في حرب 5 حزيران 1967؟
وكانت الطائرات “الإسرائيلية” تسرح في الأجواء السورية، دون أيّ مقاومة فعلية، وبطريقة مستفزة دفعت السوريين آنذاك كحالهم اليوم إلى الإحباط الممزوج بالغضب الشديد متساءلين: الا تملك سورية قوة لردع “إسرائيل”؟!
ووصل حنق السوريين وغضبهم إلى الذروة بعد المعركة الجوية على الجبهة السورية في 13 أيلول 1973 أيّ قبل ثلاثة أسابيع من حرب تشرين، فماذا جرى في تلك المعركة التي كانت بمثابة نزهة أو عملية تدريب للطيارين “الإسرائيليين”؟
كانت المعركة عبارة عن سلسلة من الإشتباكات الجوية التي اندلعت قبالة السواحل السورية اللبنانية سقط خلالها 13 طيارة سورية طراز ميغ 21 مقابل طائرة ميراج “إسرائيلية” واحدة فقط، وكان لهذه المعركة تأثير على الأجواء العامة في كيان العدو وعزّز من شعور نشوة النصر “الإسرائلية”، واقتناع قادة العدو إن سورية ضعيفة ولا تملك الأسلحة الكفيلة بردع أيّ عدوان “إسرائيلي”، وبالتالي فسورية عاجزة كليا عن الدخول في حرب شاملة لاستعادة إراضيها المحتلة!
وما يحدث في الأجواء السورية في الأشهر الأخيرة مماثل لما كان يحدث في عام 1973 فالطائرات الأمريكية والإسرائيلية تغير على مواقع سورية دون أيّ رد مناسب، وهذا الأمر على عكس مايراه الكثيرون يُزعج “إسرائيل” لأنها تتوقع مفاجآت من العيار الثقيل في أيّ حرب شاملة مع سورية، وقد تكون كمثل أو أكبر وأفعل وأشد قوة وفتكا من الأسلحة التي لم يدخلها حزب الله في المعركة مع “إسرائيل” حتى الآن!
الخلاصة: مثلما تفاجأ العدو في الأيام الأولى لحرب تشرين بصواريخ سام التي طاردت الطائرات الإسرائيلية وأسقطتها ـ حسب مراسلي الوكالات الأجنبية في دمشق ـ كالذباب، ووصل الأمر بالقيادة العسكرية الإسرائيلية إلى ربط الطيارين بجنازير إلى مقاعدهم كي لايهربوا من تنفيذ مهامهم الإنتحارية، فإنهم يتساءلون منذ أشهر على الأقل، وتحديدا بعد حربهم على غزة ولاكتشافهم للقليل جدا من قدرات المقاومة اللبنانية: ماذا ينتظرنا في سورية خلال أي حرب شاملة معها في القادم من الأيام أو الأشهر أو السنوات؟
(خاص لموقع اخبار سورية الوطن-سيرياهوم نيوز )