| علي عبود
كشفت المسابقة المركزية لتأمين الكوادر للوزارات عن ثغرات وإشكالات كثيرة على الرغم من التحضير الطويل جدا لها قبل الإعلان عنها رسميا!
ولا ندري إن كانت قرارات التعيين لمناصب عليا في الجهات الحكومية التي صدرت في الأشهر الأخيرة هي تنفيذ لنتائج المسابقة، أو إن الأسماء المحظوظة بالفوز بالمناصب الرفيعة أتت من خارج قائمة الناجحين بالمسابقة، أي تم اختيارها عن طريق العلاقات والمعارف الشخصية أو بقوة جهات متنفذة!!
لقد سبق واقترحنا الأسلوب الأجدى والأفعل لاختيار الكوادر والخبرات لمؤسسات وأدارات الجهات الحكومية وهو المسابقات، والسؤال: لماذا لاتقتدي الوزارات بالقطاع الخاص وتعلن عن مسابقات (مطلوب مدير عام أو مدير إنتاج أو مدير مبيعات ، أو مدير تسويق..الخ)؟
أن هذا النوع من المسابقات يمنع الوساطات والمحسوبيات ويُقصي المتنفذين عن فرض أشخاص غير مؤهلين للعمل في الوزارات والإدارات العامة، ومع ذلك لم تتجرّأ أيّ حكومة على فعلها حتى الآن، والسؤال دائما: لماذا؟!
وعندما تقرر الحكومة اختيار حاجات وزاراتها من الكوادر والخبرات، فمن الطبيعي عندها أن تكون الشروط المطلوبة تختلف من مسابقة إلى أخرى حسب طبيعة المنصب أو الوظيفة، وبالتالي ستبدأ مقدمة كل مسابقة عبارات من قبيل (تعلن المؤسسة العامة لل… عن حاجتها لمدير عام وفقا للمواصفات والشروط التالية:).
ولعل أبرز الشروط للقيادات الإدارية أن يكون المتقدم للمسابقة يحمل بالحد الأدنى إجازة جامعية في الإختصاص المطلوب، وأن يجيد لغة أجنبة أن يكون على معرفة جيدة باللغة الإنكليزية، وأن يكون له أبحاث ودراسات ومساهمات علمية وعملية في مجال عمل المؤسسة.
والسؤال هنا: أليس هذا مايفعله القطاع الخاص عند اختيار القيادات والخبرات لشركاته في جميع دول العالم؟
والسؤال الأهم: إلى متى سيبقى القطاع العام ممنوعا عليه اختيار القيادات الخبيرة والكفؤة بأجور عالية، بل إلى متى سيبقى حكرا على المتنفذين؟
ومن المستغرب والمريب معا أن يستمر تعيين المديرين على اختلاف مسمياتهم ومتدرجاتهم دونما أية شروط أو مواصفات أو مؤهلات، في الوقت الذي تخضع عمليات شراء بضعة كراسي أو مناضد لشروط ومواصفات معقدة، وكأنّها أكثر أهمية للمؤسسات من تعيين المديرين لها!!
وبتفاؤل يشوبه الحذر، بل والكثير من الشك، قرأنا قرار رئيس الحكومة رقم /67/ م.و بتاريخ 30/9/2021 المتضمن المعايير الأساسية للترشح لشغل وظيفة مدير عام، وذلك في إطار تطبيق مخرجات مؤتمر الإصلاح الإداري الذي انعقد خلال الفترة (من 20 ـ 30/6/2021) .
وتوقعنا، مع الحذر الشديد، ان الحكومة قررت أخيرا تحرير المناصب الحكومية من قبضة المتنفذين، فماذا حصل بعد عامين من صدور قرار معايير الترشح لوظيفة مدير عام؟
لم تستجب وزارة الصناعة المعنية الأولى باختيار المديرين العامين حسب الكفاءات والمؤهلات والخبرات إلا بعد أكثر من عام على صدور قرار رئيس الحكومة، فاصدرت القرار 1231 بتاريخ 6/7/2022 المتضمن إعتماد بطاقات الوصف الوظيفي لمراكز عمل مؤسساتها الـ 11 ، ووفقا لهذا القرار أصدر الوزير التعميم رقم 177 بتاريخ 31/7/2022 للجهات التابعة للوزارة جاء فيه (على كل من يجد بنفسه الكفاءة من العاملين في الفئة الأولى ..بالترشح لشغل مركز عمل مدير عام لأي مؤسسة على أن يتوافق اختصاصه مع بطاقة الوصف الوظيفي والتقدم بطلب ترشيح خطي إلى مديرية الإتصالات والدعم التنفيذي في وزارة الصناعة اعتبارا من1/8/2022 وحتى 8/8/2022 وملء الإستمارة المطلوبة).
بغض النظر عن التعليقات السخيفة التي يجيدها مجموعة من (البلهاء) على الفيس بوك والتي تعكس ضحالة عقولهم، هذا إن كانوا يملكون ذرة من الفهم، فإن قرار وزارة الصناعة مهم جدا، وهو خطوة جدية على طريق الإصلاح الإداري، وتحرير المناصب الحكومية من قبضة المتنفذين في حال شق طريقه ولو ببطء إلى التنفيذ!
السؤال: ماذا ننتطر بعد أن تقدم المؤهلون بطلبات ترشيح لشغل مركز مدير عام في مؤسسات وزارة الصناعة؟
يُفترض أن يقوم رئيس الحكومة بإصدار قرارات تعيين مديرين عامين للمؤسسات العامة حسب مؤهلاتهم وخبراتهم في القادم من الأيام .. فهل فعلها أو سيفعلها؟
وعلى الرغم من أهمية قرار رئيس الحكومة وتعميم وزارة الصناعة ،فإن هذا الألية باختيار المديرين العامين أقصت العاملين في الوزارات الأخرى، كما أقصت الكفاءات المتواجدة بكثرة في القطاع الخاص!
لهذه الأسباب فإن خيار المسابقات لتعيين المديرين العامين هو الأنسب والأفضل، فهو يحدد من خلال المسابقة الشروط المطلوبة في المدير العام حسب كل مؤسسة، ويتيح لجميع أصحاب الخبرات والمؤهلات بالمشاركة في مسابقة (مطلوب مدير عام).
الخلاصة: إعادة الإعتبار للوظيفة الحكومية لايكون باختيار المديرين بمنأى عن الجهات المتنفذة عن طريق المسابقات فقط، وإنما بمنح من يؤتمن على مليارات المؤسسة التي يديرها أجرا يفيض عن احتياجاته الأساسية أي بما يحصّنه من الوقوع في قبضة المفسدين!
ويبدو أن هذا التصحيح والإصلاح للوظيفة العامة سيبقي من سابع المستحيلاتَ!!
(سيرياهوم نيوز3-خاص)