سعاد سليمان
هي لقطات من فيلم هندي , أو أمريكي تغزو شوارعنا !؟
هي وقائع , وحقائق معلنة تدعو للرثاء , والحزن ؟!
ففي شوارع طرطوس , ووسط المدينة , وحيث يتجمع الناس , على الكورنيش البحري , أمام المطاعم , والمقاهي .. تجدهم !!
أطفال حفاة , شبه عراة , متسخون , وكأنهم خرجوا من حفر , يتلحفون الرمل والأوساخ !!
تراهم يقفون عند المقاهي , أمام طاولات تغص بشباب , وشابات يشربون قهوة , أو يأكلون .. يقفون بثقة , ويطلبون من مال الله !!
تراهم , وتظن أنك وحدك من يرى !!
إذ لا يحرك مشهدهم ساكنا عند من يرى ..
إذ لا تعابير , ولا ردود أفعال لأولئك الجالسين حول الطاولات , ولا لأصحاب الأماكن !!
على الرصيف المقابل شابات , ونساء معمرات يحاولن اقتناص راغب في رؤية حظه عبر قراءة الكف !!
ويجدون ضالتهم بسهولة !!
الأصعب , والأقسى أن ترى طفلين يجلسان على رمل الشاطئ بجانب الرصيف الواسع حيث يعبر المتنزهون بغزارة عند الغروب , يغني الطفلان أغنية تشدك , تجذبك , وأنت تمر ..
الصوت جميل , والايقاع , والتناغم بينهما أجمل ..
أقف مع الواقفين .. يمر البعض , ويمضون بعد أن يقدموا ورقة نقدية لهما .. يتقاسمان المبلغ بثقة أمام ناظريك وأنت المندهش !!
يجذبني , ويشدني الغناء الجميل ..
أسأل الطفلين الذين يتجاوز عمرهما العشر سنوات – حسبما رأيت –
عن وضعهما ..
يؤكدان , وهما التوأمان – أحمد , وأيمن – أن لا أم لهما , ولا أب , بعد أن افترقا ورحلا بعيدا عنهما حيث يسكنان في دمشق .. ويؤكدان أن الأب تزوج من ساحرة تمارس سحرها على أبوهما , وتمنعه عنهما , والأم تزوجت من رجل يرفضهما كولدين أيضا ..
لذلك رحلا إلى طرطوس .. هنا , وعلى الرصيف الرملي يعيشان , هنا ينامان , ويأكلان من مال الله كما قالا ..
مشاهد , وقصص تجعلك تتألم , وقد تبكي , وقد لا تصدق ما تسمع , وما ترى ..
أما أنا فقد دخلت في دهليز الطفلين – الرجلين – الذين يعرفان ماذا يريدان بثقة حيث يجذبان المارة بالغناء الجميل , والتناغم فيما بينهما , وتأليف الحكايات ربما لمن يسألهما .. أو قد تكون القصص التي سمعتها منهما حقيقية !!
ونسأل : أين مديرية الشؤون الاجتماعية , ودورها , أين الجمعيات الانسانية , والمنظمات التي كانت تعنى بهذه الشؤون , في مرحلة ما قبل الحرب , وتداعياتها على سورية ..
حيث خلت يومها شوارعنا من هذه المشاهد , وهذه الحالات , وقد ضمت هذه المؤسسات الانسانية , واحتضنت كل محتاج , ومعدم , وحاربت كل منافق , ومحتال !!
ببساطة .. اليوم نرى رجلا شابا وسط السوق , وفي مركز المدينة يجلس على رصيف , وفي حضنه طفل , ينتظر حسنة من مار عبر مبلغ من مال بكل ثقة ودون خجل , أو رفة عين !!
والصور كثيرة حيثما أردتم متابعتها أصحاب المسؤولية ..
ومطلب : هل نعود لنلملم جراحاتنا , من شوارع المدينة , ونضبط ايقاع من لا إحساس به , وله , وهو يتاجر بطفله , أو طفلته التي تمشي حافية , وهو يتفرج عليها , وكأنه جدار , أو تمثال !!!
ارحموا من في الأرض .. يرحمكم من في السماء .
(خاص لموقع سيرياهوم نيوز ١)