آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » مشروعها الثقافي.. الأديبة ناديا علي: أكتبُ بكثير من الأناة والتبصُّر وراضية عمَّا أقدِّم

مشروعها الثقافي.. الأديبة ناديا علي: أكتبُ بكثير من الأناة والتبصُّر وراضية عمَّا أقدِّم

ثناء عليان:

ناديا أحمد علي؛ أديبة من طرطوس، تُؤثر العزلة، وتنشد التواري عن الأضواء، تكتب بصمت وبصبر ما تراه متوافقاً مع نظرتها إلى الحياة، لكن تلك الخطا الوئيدة تتكشف عن عمق في النظرة التحليلية للأحداث وللوقائع التي تصوغها في نصوصها القصصية والمسرحية الموجهة للأطفال، كما للكبار.

حائزة على جائزة (محمود تيمور) لأفضل نص مسرحي في مصر.. هذه الجائزة التي جاءت كتأكيد على موهبتها الإبداعية على المستوى العربي، حيث كرّمتها السيدة (ناديا تيمور) ابنة أخ المبدع الكبير (محمود تيمور) في إحدى دورات الجائزة، ولقيَ كتاب بحثي لها صدىً جيداً في معرض القاهرة الدولي للكتاب عام 2020، ما يعدُّ فاتحة خير على أديبة سورية شابة تحفر طريقها بتأنٍّ وبموضوعية، وبعصامية لافتة.

للتعرف إلى شخصيتها الأدبية أكثر ، كان لـ “تشرين” هذا الحوار فإلى التفاصيل:

عن شخصيات القاع

* بدايةً، هل لنا أن نتعرف على إصداراتك؟ وما مضامينها؟

الإصدار الأول كان مسرحية تحمل عنوان (شبَّاك التذاكر)، وهي نص مسرحي ساخر، ناقد اجتماعياً وموجه للكبار، وأتى استجابة إلى إعلان عن مسابقة للتأليف المسرحي على مستوى الوطن العربي (جائزة محمود تيمور لأفضل نص مسرحي)، وقد دُهشت كثيراً عندما تلقيت تلك المفاجأة الجميلة، فقد لقيَ النص استحسان اللجنة المحكِّمة آنذاك، وكتبت عنه الصحف المصرية من وجهات نظر نقدية متشابهة، وفيه أسخر من كل الأسباب القاهرة التي يرزح الفقراء والمهمشون تحت وزرها فتصبغ مصائرهم بالقتامة وبالبؤس! إنه انحياز مطلق إلى صف الطبقة الفقيرة والمشردة من خلال شخصيات القاع الاجتماعي.

ثاني إصدار لي كان عام 2020، وهو كتاب في علم الاجتماع يحمل عنوان: (الإنذار المبكر قبل الزواج) والصادر عن دار الكتاب العربي في القاهرة، يتناول الكتاب أبرز الأسباب التي تؤدي إلى انهيار المؤسسة الزوجية، وأبرز علامات وبوادر انحلالها وترهل العلاقة بين الشريكين، بدءاً من لحظات التعارف الأولى، ومشروع الخطبة وصولاً إلى عقد الزواج… إنه بمثابة (صافرة إنذار) تُطلق لتنبيه أبناء الجيل الشاب المعاصر لتوخي الحذر عند الشروع في علاقة ثنائية جادة، فهنا ينبغي خلع الأقنعة والتحلي بالوضوح والصدق والشفافية قبل توقيع عقد الشراكة في المحاكم وخلافها، فالتراجع من أول الطريق خير من المضي فيه مع ذلك الكم الهائل من الرياء والنفاق الاجتماعي الذي يسيطر على دائرة العلاقات الشخصية والعائلية في مجتمعاتنا العربية، ويقود إلى كوارث جحيمية قد يكون ضحاياها الأبناء إضافة إلى القلوب المحطمة، وانعدام الثقة بالبناء العائلي من جديد.

المؤسسات الثقافية تعاني الترهُّلَ و عدم القدرة على استقطاب الجمهور النخبوي

 

أما الإصدار الثالث، فهو مجموعة قصصية حديثة للأطفال واليافعين تحمل عنوان (العاصفة الأخيرة)، إصدار اتحاد الكتاب العرب في سورية، وأراها بمثابة إنجاز جميل ومحفز وداعم في مسيرتي الأدبية الوليدة.

 

تنويعات المصادفة

* ولماذا برأيكِ نجد هذا التنوع التأليفي لديكِ في مرحلة مبكرة من الإصدارات، ما بين بحوث اجتماعية ونص مسرحي، وقصص أطفال، علماً بأن المألوف أن يظهر التنوع في مراحل متقدمة من مسيرة الأدباء؟

الموضوع خاضع للمصادفة البحتة، فقد أتتني فكرة البحث في أسباب الطلاق ومشاكل العلاقات بين الشركاء العاطفيين، فأجريتُ البحث عنها في عدة مصادر، ونمَت الفكرة لديّ ووجدتُ أنها تثير شهية القارئ وحماسي وشغفي، إضافة إلى أنها من المواضيع المهمة لدى الناس، فبدأت أعمل على فكرة الكتاب، وبتشجيع من (دار الكتاب العربي) قُبل الكتاب وطبع مع تحمل النفقات الكاملة، وكان له جمهوره، أما النص المسرحي اللاحق فأتى كما نوَّهتُ استجابة إلى إعلان عن جائزة عربية عريقة، فيما مجموعة الأطفال كنت قد خططت لتأليفها ولإصدارها، لأنني مهتمة حقاً بالقارئ العربي الصغير، وبتقديم ما يتواءم مع حاجاته النفسية والاجتماعية، فكان كتاب (العاصفة الأخيرة).

* منْ شجَّع الشابة ناديا على دخول معترك الأدب، وعلى القفز فوق الحواجز التي تواجه المؤلف في بدايات الطريق؟

 

لأكون صريحة: لا أحد! فأنا لديَّ ميول منذ الطفولة إلى الكتابة، ولديَّ شغف بالمطالعة، واحترام وفهم للغة العربية ولطبيعتها الثرَّة الخصبة. ولم أعتمد إلّا على نفسي وعلى العمل بصمت لخلق مشروعي التأليفي الجاد، فبمجرد أن أقدِّم كتاباً إلى دار نشر تتمّ الموافقة عليه من دون تحفظ، وأعدُّ ذلك بمثابة سداد لخطاي، وشُكر لي، وثقة بجهودي.

* يهمُّنا الإضاءة والوقوف مطولاً عند مجموعة (العاصفة الأخيرة)، لكونها تتوجه إلى شريحة القارئ الصغير، حدِّثينا عن المضامين، وكيف اجتمعَ الأطفال والناشئة في كتاب واحد؟

 

العاصفة الأخيرة

تضمَّنت مجموعة (العاصفة الأخيرة) نوعين من القصص، منها ما يناسب الطفل دون سن الثانية عشرة، ومنها ما يخاطب فئة عمرية أكبر (فئة اليافعين)، لذا كان هنالك بابان منفصلان في الكتاب يخصان كل شريحة، ولا أجدُ مانعاً في ضمِّهما في كتاب واحد. النصوص بشكل عام تعالج القضايا الاجتماعية والسلوكية التربوية والأخلاقية، والجانب الوطني فيها له مقعدٌ رحب. آثرتُ أن أطبع نصوصي بطابع الفكاهة المحببة لدى القارئ، كما إبراز جوانب إشراق اللغة العربية واستخدام ألفاظها الأصيلة المتينة الجزلة بمحتوى مضموني معاصر، كي تتجاور الأصالة مع المعاصرة في منجزٍ واحد،

لأدبي الصاعد لا تزال شائعة لدى معظم الأدباء المخضرمين

 

* لا نجد لكِ حضوراً على المنابر الأدبية، رغم مغامرة التأليف في اتجاهات متباعدة فكرياً، فما تفسيركِ لذلك؟

هذا صحيح، وبصراحة لا أجد الأجواء الثقافية اليوم مشجِّعة وداعمة؛ فالمؤسسات الثقافية تعاني الترهُّل و عدم القدرة على استقطاب الجمهور النخبوي، والوضع المعيشي اليوم يفرض نفسه بقوة، لذا أنكفئُ على نفسي وأختار الدعوات القليلة حيث الجمهور النوعي المُنصت والناقد الذي يُغني قليلهُ عن كثيره.

كما أن النظرة الاستخفافية بالجيل الأدبي الصاعد لا تزال شائعة لدى معظم الأدباء المخضرمين الذين نعدّهم بكل محبة نباريسَ إشعاع ومناراتِ إبداع. ومع الأسف أكثرهم يُفاجئوننا بردود أفعال سلبية على ما نكتب، ويتَّبعون سياسة فرض الأستذة والنمط الفردي الذي يفضِّلونه في الكتابة بوجه خاص! وهذا إجحاف بحق الأدب الذي لا يزال يُجاري الحداثة في متطلباتها، ويطوِّر أدواته وأنماطه، وإلّا فكيف وصلت مثلاً قصيدة (الومضة) وقصة (الومضة) وقصائد النثر إلى حياتنا اليوم؟

* إلى جانب الأعباء المادية، ما الصعوبات التي واجتهكِ في الإعداد لإصداراتكِ؟

مشكلة الوقت بالدرجة الأولى، وطبيعة الحياة الضاغطة معيشياً واجتماعياً، أما الأعباء المادية فأشكرُ الله لأنني لم أشكُ منها حتى اللحظة، لأن الجهات الثقافية المختلفة في مصر وسورية قد تبنَّت إصدار مؤلفاتي الثلاثة على نفقتها الخاصة.

 

سيرياهوم نيوز1-تشرين

x

‎قد يُعجبك أيضاً

انهيار العقيدة الصهيونية

  رأي صفية أنطون سعادة     الخلفية التاريخية العقيدة الصهيونية هي الابنة الشرعية للنتاج الثقافي الأوروبي الذي بنى مفهوم الدولة-الأمّة على أسس عرقية ودينية، ...