آخر الأخبار
الرئيسية » الزراعة و البيئة » مصر أمام مسارين لمواجهة تداعيات “فشل” مفاوضات سد النهضة

مصر أمام مسارين لمواجهة تداعيات “فشل” مفاوضات سد النهضة

أعلنت مصر، “انتهاء مفاوضات سد النهضة دون نتائج”، وتحفظها الكامل بالدفاع عن أمنها المائي والقومي، في لغة بدت أكثر حزما مع الجانب الإثيوبي، وسط توترات في المنطقة، وعلى الحدود المصرية الشرقية مع قطاع غزة الذي يشهد حربا إسرائيلية منذ نحو شهرين.

خبيران مصريان تحدثت معهما الأناضول، يعتبران أن تلك الخطوة المصرية “لم تكن مفاجئة وكان ضروريا أن تحدث في ظل استمرار تجاهل أديس أبابا لمطالب القاهرة بخصوص عقد اتفاق قانون ملزم بشأن الملء والتشغيل”، متوقعين مسارين رئيسين أمام القاهرة لمواجهة “فشل” المفاوضات.

المساران المصريان أحدهما “سياسي دبلوماسي”، لن يتطرق في هذه المرحلة لأي عودة للمفاوضات بعد “تكرر فشلها مع تدخل وسطاء من الولايات المتحدة والإمارات والاتحاد الإفريقي دون فائدة”، مؤكدين أن هذا المسار السياسي سيكون تمهيدا للمسار “الدفاعي” حال وقع الضرر على حصتها المائية.

** خطاب مصري جديد

وتحت عنوان “انتهاء مفاوضات سد النهضة”، أعلنت وزارة الري المصرية المسؤولة عن الفريق الفني المصري بالمفاوضات الثلاثاء، “انتهاء الاجتماع الرابع والأخير من مسار مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا”.

وذلك المسار، بحسب البيان الذي نشرته الوزارة باللغتين الإنجليزية والعربية في صفحتها على فيسبوك “سبق إطلاقه في إطار توافق الدول الثلاث على الإسراع بالانتهاء من الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد في ظرف أربعة أشهر”، في إشارة لاتفاق الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ورئيس وزراء إثيوبيا، أبي أحمد خلال اجتماع بالقاهرة في يوليو/ تموز الماضي.

ولم يسفر الاجتماع وفق البيان المصري عن “أية نتيجة نظراً لاستمرار ذات المواقف الإثيوبية الرافضة عبر السنوات الماضية للأخذ بأي من الحلول الفنية والقانونية الوسط التي من شأنها تأمين مصالح الدول الثلاث”.

وذهبت القاهرة إلى اتهامات صريحة في البيان ذاته بينها “تمادي إثيوبيا في النكوص عما تم التوصل له من تفاهمات ملبية لمصالحها المعلنة”.

وتحدثت أنه “بات واضحاً عزم الجانب الإثيوبي على الاستمرار في استغلال الغطاء التفاوضي لتكريس الأمر الواقع على الأرض، والتفاوض بغرض استخلاص صك موافقة من دولتي المصب على التحكم الإثيوبي المطلق في النيل الأزرق بمعزل عن القانون الدولي”، وفق البيان ذاته.

وبلغة خطاب جديدة، أضافت القاهرة “على ضوء هذه المواقف الإثيوبية تكون المسارات التفاوضية قد انتهت”.

وأكدت مصر أنها “سوف تراقب عن كثب عملية ملء وتشغيل سد النهضة، وأنها تحتفظ بحقها المكفول بموجب المواثيق الدولية للدفاع عن أمنها المائي والقومي في حاله تعرضه للضرر”، دون أن توضح مساراتها المتوقعة.

والأربعاء، أعلن وزير الري المصري، هاني سويلم، أن ذلك البيان “معبر عن موقف الدولة المصرية”، وفق بيان لمجلس الوزراء المصري أكد مجددا الموقف ذاته الذي أعلنته الوزارة أمس.

وفي تصريحات متلفزة، الثلاثاء، أكد سويلم، أن “مصر لن نتنازل عن متر مكعب واحد من مياه النيل”، مشيرا إلى الأزمة في فترات الجفاف وعدم قبول إثيوبيا بتنظيم الملء والتشغيل للسد مع دولتي المصب مصر والسودان”.

وشدد على أن “الجانب الإثيوبي؛ خفض احتياجات الأمن المائي المصري خلال فترات الجفاف، متسائلا: كيف سنتعامل خلال فترات الملء؟ هل سننتظر بعد جفاف 8 سنوات؛ 3 سنوات أخرى حتى تنتهي إثيوبيا من الملء منفردة؟”.

ولفت إلى عدم نجاح محاولات الوساطة الدولية الأمريكية والروسية في ظل التراجع الإثيوبي المستمر، مؤكدا أن “جميع مؤسسات الدولة يقظة بشأن موضوع سد النهضة وعلى تواصل لحظي”.

** أزمة ليست الأولى بالمفاوضات

وخلال لقاء بالقاهرة في 13 يوليو/ تموز الماضي، اتفق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد على بدء مفاوضات “عاجلة” بخصوص قواعد ملء وتشغيل السد تنتهي خلال أربعة أشهر.

واستضافت القاهرة جولة أولى من هذه المفاوضات في 27 أغسطس/آب الماضي، قبل أن تختتم الرابعة والأخيرة الثلاثاء.

وجاء مسار المفاوضات الأخير بعد تجميد للمفاوضات استمر أكثر من عامين، وتحديدا منذ أبريل/ نيسان 2021، إثر فشل مبادرة للاتحاد الإفريقي في تقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث.

وتتمسك دولتا مصب نهر النيل، مصر والسودان، بالتوصل أولا إلى اتفاق ملزم مع إثيوبيا بشأن ملء وتشغيل السد، ولاسيما في أوقات الجفاف؛ لضمان استمرار تدفق حصتيهما من مياه نهر النيل.

وتقول أديس أبابا إن السد ضروري لأغراض التنمية، خاصة من خلال توليد الكهرباء، وتشدد على أنها لا تستهدف الإضرار بأي طرف آخر.

وفي 10 سبتمبر/ أيلول الماضي، أعلن آبي أحمد نجاح مرحلة رابعة من ملء خزان السد بالمياه، دون أضرار على مصر والسودان، فيما اعتبرته القاهرة “انتهاكا جديدا من أديس أبابا وعبئا على المفاوضات”

وشهدت السنوات الأخيرة جولات متكررة من المفاوضات كان أبرزها عبر الوسيط الأمريكي، وتراجعت أديس أبابا عن توقيع الاتفاق صبيحة إعلان التوقيع.

** توضيح إثيوبي وموقف سوداني

“تظل إثيوبيا ملتزمة بالتوصل إلى تسوية ودية وتفاوضية بشأن سد النهضة، تلبي مصالح الدول الثلاث وتتطلع إلى استئناف المفاوضات”، وفقًا بيان لوزارة الخارجية الإثيوبية صدر الأربعاء، وأعلن رفضه البيان المصري.

وقالت الوزارة إن أديس أبابا “تعاونت بشدة مع البلدين المشاطئين الأدنى لمعالجة قضايا الخلاف الرئيسية والتوصل إلى اتفاق ودي، بينما مصر، في المقابل، أقامت الحواجز أمام جهود التقارب”، على حد قولها.

بينما أكد السودان الأربعاء “استمرار سعيه للتوصل إلى اتفاقية بشأن قواعد ملء وتشغيل السد تراعي مصالح السودان وانشغالات الأطراف و تحقّق المنفعة للدول الثلاث”، مشيرا إلى أن بنود المفاوضات “تحتاج إلى توافق أكبر”، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السودانية.

** ضرورة ومساران

خيري عمر، الأكاديمي المصري المتخصص في ملف سد النهضة، قال للأناضول إن القرار المصري “كان متوقعا، لأن المفاوضات باتت استهلاكا للوقت ولا فائدة تنتهي إليها، وكان أيضا ضروريا، للانتقال لمرحلة تالية وهي وضع العالم في إطار مسؤوليته الدولية تجاه تلك الأزمة”.

وبشأن السيناريوهات المتوقعة، توقع عمر، أن “تقف مصر أمام مسارين اثنين لا ثالث لهما حاليا، الأول سياسي دبلوماسي يسير لجلب دعم لمواقف القاهرة وحشد المناصرين لها تمهيدا لمسارها التالي وهو المسار الدفاعي حال وقوع الضرر على حصتها المائية”.

واستبعد الخبير المصري، عودة القاهرة لطاولة المفاوضات مع إثيوبيا حاليا، قائلا: “مصر انتهجت الصبر الاستراتيجي عبر المفاوضات وانتهت سبلها وأثبت بكل الصور مدى تعنت أديس أبابا في إقرار اتفاق فني ملزم من حق مصر والسودان”.

ومتفقا معه، قال مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية، للأناضول إن “القرار كان متوقعا وواقعيا في ظل عناد إثيوبي جعلها مفاوضات بلا فائدة، وعدم قبوله في السنوات الأخيرة لوساطات الولايات المتحدة وروسيا، والاتحاد الإفريقي وغيرهم”

وأكد أن “إجراء مصر جاد ومرتبط كليا بالأمن القومي وبالحفاظ على كل نقطة مياه”، مستبعدا حاليا العودة لأي مفاوضات بشأن سد النهضة.

وتوقع أن “تجعل مصر كل السيناريوهات مفتوحة سياسيا ودبلوماسيا وغيرهما للتعامل مع أزمة السد والحفاظ على أمنها القومي”.

وأشار إلى أن لغة بيان مصر بانتهاء المفاوضات والدفاع عن أمنها المائي “جادة ومتوقعة وتحمل الكثير من الرسائل”.

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في نيويورك، بحسب بيان وزارة الخارجية المصرية، إنه “ليس هناك مجال للاعتقاد الخاطئ بإمكانية فرض الأمر الواقع عندما يتصل الأمر بحياة ما يزيد عن 100 مليون مصري” خلال حديثه عن ملف سد النهضة.

 

 

سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

على هامش قمة المناخ.. مباحثات سورية عراقية لتعزيز العمل والتنسيق في ‏مجال حماية البيئة‏

تركزت لقاءات وزير الإدارة المحلية والبيئة المهندس لؤي خريطة على هامش مشاركته في أعمال الدورة التاسعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية ‏الأمم ‏المتحدة الإطارية لتغير المناخ ...