آخر الأخبار
الرئيسية » يومياً ... 100% » مليارات حيتان المال والفساد تبخرت ولن تعود أبداً !!!

مليارات حيتان المال والفساد تبخرت ولن تعود أبداً !!!

|علي عبود

ما أن زعم مسؤول حكومي ان لبنان “أفلس” حتى تصدت مجموعة من “المنظرين غبّ الطلب” للحديث عن نتائج  إفلاس الدولة على ودائع السوريين ،وكأنّ مليارات ودائع كبار التجار وحيتان المال السوريين لاتزال في خزائن وأقبية المصارف اللبنانية!

قلناها في زاوية نشرناها في (البعث)بتاريخ 24/12/2019 بأن مليارات السوريين المودعة في مصارف لبنان تبخرت ، أي لن تعود أبدا ، لأن الحكومة اللبنانية التي خدعت مواطنيها وشفطت القسم الأكبر من ودائعهم ولاتخطط لإعادة ماتبقى منها “ورقيا”  إلا بالقطارة ، هي حتما لن تعيد دولارا واحدا للسوريين ، والذريعة جاهزة ومفبركة : المصارف مفلسة!

ولا ندري على ماذا استند “منظرو غبّ الطلب” باستنتجاتهم بأن المودعين السوريين سيتحملون نسبة كبيرة من نتائج “إفلاس لبنان” تتراوح من 30 % إلى 50 % .. لأن كل المؤشرات والمعطيات تؤكد إن الخسارة كاملة 100 % ، فالذي “تبخر” لن يعود أبدا ،بل إن ودائع السورين الصغار منهم أم الكبار أوالحيتان ليست بوارد إهتمامات الحكومة اللبنانية ،وهي حتما ليست بوارد اهتمامات الخزانة الأمريكية وأداتها صندوق النقد الدولي ، بل نجزم إن هدم النظام المصرفي اللبناني كان أحد أسبابه الرئيسية تشديد الحصار أكثر فأكثر على سورية.

أما مايلفت في تحليلات “منظرو غبّ الطلب” فهو اقتناعهم بافلاس لبنان ، وهذه بدعة إقتصادية ، فمعظم الدول تتعرض لانهيارات مالية ونقدية واقتصادية واجتماعية ، وبخاصة في دولة نخرها الفساد حتى العظم كلبنان لكن ما من دولة تُفلس ماليا لأن لديها أملاك برية وبحرية وتحتكر سلطة طباعة العملة وفرض الضرائب ..الخ!

حالة الإفلاس الوحيدة التي تتعرض لها الدولة ،أي دولة ، هي عجزها عن تسديد فوائد دينها العام.

لم يلحظ “منظرو غبّ الطلب” إن إعلان نائب رئيس الحكومة اللبنانية سعادة الشامي عن إفلاس لبنان أتى مع انتهاء زيارة وفد صندوق النقد الدولي ، وتعثر الوصول إلى اتفاقية تضع لبنان  في قبضة الصندوق إلى الأبد ليكون مصيره مثل الأردن ومصر والسودان الخ..

كانت رسالة المسؤول الحكومي موجهة إلى المعارضين للشروط الأمريكية المغلفة بإملاءات الصندوق وتتضمن تهديدا مباشرا: لبنان أفلس ولا منقذ إلا صندوق النقد الدولي!

لبنان .. أيها “المنظرون غبّ الطلب” لم ولن يتخلف عن تسديد فوائد دينه العام الذي يلامس عتبة الـ 100 مليار دولار ، ولوكان ذلك على حساب لقمة اللبنانيين وانهيار عملتهم واقتصادهم .. هل تعرفون لماذا؟

لبنان الذي لايزال مصرفه المركزي يحتفظ باحتياطي لايقل عن 17 مليار دولار ، ويحتل المرتبة الثانية عربيا بعد السعودية  بين الدول المالكة للذهب لايمكن تصنيفه بالمفلس!

وإذا كان مصطلح “الإفلاس”  يُطلق دائما على الدولة التي تعجز عن تسديد فوائد دينها العام فإن أحد شروط المستثمرين الأجانب في سندات الخزينة اللبنانية أن يتم التقاضي في أمريكا عند نشوب أي خلاف ،أي في المكان الذي تحتفظ فيه الدولة اللبنانية بذهبها، مايعني إن السندات “ذهبية” يمكن استرجاع قيمتها ولو بالمحاكم!

وما يلفتنا دائما حديث التجار ورجال المال وأساتذة اقتصاد وحتى مواطنين عاديين عن التعقيدات التي تمنع السوريين من إيداع أموالهم في المصارف السورية ،والسؤال : هل كان الوضع سيتغير لو استجاب المصرف المركزي لمطالب المنتقدين وأصبحت المصارف السورية نسخة طبق الأصل عن مثيلتها اللبنانية؟

السؤال الأساسي : لماذا يضع السوريون أموالهم في مصارف خارجية؟

أمامنا خمسة نماذج على الأقل:

الأول : مسؤولون كبار وصغار على رأس عملهم يقومون بتهريب أموال الفساد إلى الخارج وهم حتما لن يضعوها في مصارف سورية كي لاينفضح أمرهم ، ونائب الرئيس السابق عبد الحليم خدام كان واحد من كبار هؤلاء المسؤولين!

الثاني : السماسرة والمتعهدون الذين يفوزون بمناقصات حكومية “مفصّلة على مقاسهم” يشفطون منها بالمشاركة مع متنفذين عشرات المليارات يحولونها إلى دولارات ويهربوها للخارج؟

الثالث : التجار الذين يفتحون حسابات مصرفية في لبنان بذريعة تسهيل عمليات الإستيراد ،وهذا صحيح إلى حد ما ، ولكن الهدف الرئيسي لهذه الحسابات تغذيتها يوميا بالأرباح التي يحولونها إلى دولارات في السوق السوداء!

الرابع : حيتان المال الذين يتعاملون بالمليارات الناجمة عن احتكارهم لاستيراد سلع استراتيجية كالحبوب والمحروقات والأعلاف ألخ.

الخامس : الصناعيون الذين يضعون رؤوس أموالهم في مصارف خارجية ومنها لبنان ويغذونها دوريا بأرباحهم ، والدليل إن الكثيرين منهم هاجروا في السنوات الأولى للحرب على سورية ، وأقاموا مشاريع ضخمة في مصر والإمارات وتركيا من ملياراتهم المهربة دون الحصول على قروض مصرفية كما يفعلونها دائما في سورية ويرفضون تسديدها لاحقا بحجة أنهم متعثرون!!

هؤلاء المنضوين ضمن النماذج السابقة ، مهما كانت الأنظمة والأليات سهلة ومرنة ، لن يضعوا أموالهم في المصارف السورية كي لايكشفوا عن حجم ثرواتهم سواء كانت ناتجة عن أعمال نظامية تهربا من تسديد ضريبتها ، أوكانت ناجمةعن صفقات فساد كي لاينفضح أمرهم !

وإذا كان البعض يتذرع بفقدان الثقة في المصارف السورية فالرد هو: المصارف السورية سواء الحكومية أم الخاصة مستقلة لاتخضع لإرادة وزارة الخزانة الأمريكية مثلما تفعل مصارف غالبية دول العالم ، والأكثر أهمية إنه لم تقم أي حكومة منذ عام 1970 بمصادرة أي ودائع أو أموال لأي مواطن ، ولم تؤمم أي مشروع صناعي أوتجاري أوخدمي .. فعن أي ثقة تتحدثون ؟

نجزم بأن السوريين غير متعاطفين مع من تبخرت ملياراتهم في المصارف اللبنانية ،هذه المليارات التي استثمرت بتمويل خدمة الدين العام ودعم الإقتصاد اللبناني على مدى العقود الثلاثة الماضية على الأقل.

نؤكد مجددا لجميع “منظّري غبّ الطلب” أن الكثير من خبراء المال اللبنانيين كشفوا منذ ثلاثة أعوام : نحن في قلب الكارثة الإقتصادية ولا يمكن تجاوزها إلا بمعجزة!

ومع ذلك لايمكن الحديث عن حالة إفلاس ، فلبنان لم يعلن عن عجزه عن سداد أقساط فوائد دينه العام فلا يزال المصرف المركزي يحتفظ بـ 12 مليار دولار ، وبذهب لايقل وزنه عن 287 طنا قيمته بحدود 13 مليار دولار ، وتدفقات المغتربين الدولارية لم ولن تتوقف، أما بالنسبة للداخل فإن خطة التعافي للحكومة تتضمن طباعة 695 تريليون ليرة لبنانية على مدى 15 عاما !

أيها “المنظرون غبّ الطلب” إن التهويل بإفلاس لبنان ليس بهدف إقناع المعارضين بتوقيع الحكومة اللبنانية على اتفاقية مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض لايتجاوز3 مليارات دولار ، فهذا المبلغ موجود أكثر منه في المصرف المركزي من جهة ، ويمكن الحصول على أكثر منه على شكل مشاريع حيوية ومنتجة من دول أخرى كروسيا والصين وإيران من جهةأخرى ، فالهدف من التهويل بإفلاس الدولة هو الإسراع بعقد اتفاقية تضع لبنان بقبضة الصندوق ، وأمريكا تهدد سرا وعلنا : إن لم توقعوا لن يتوقف الإنهيار المالي والإقتصادي!

بالمختصر المفيد : مليارات الفاسدين وحيتان المال وكبار التجار تبخرت بكاملها لأنهم تأخروا كثيرا باستردادها ، ولم يتبق منها شيئا لا 70% ولا 50 % ، فالمصارف اللبنانية هرّبتها وأودعتها باسمها في الخارج ، اما الموجود منها في مصرف لبنان المركزي فقد استخدم لإقراض الحكومات اللبنانية ولتمويل المستوردات الأساسية من قمح وأدوية ومحروقات !

نعم .. أيها “المنظرون غبّ الطلب” ، هذه المليارات موجودة ورقيا ، ولا يمكن استرجاعها في القادم من السنوات إلا بالعملة اللبنانية أي من الـ 695 تريليون ليرة التي سيطبعها “المركزي اللبناني” بعد موافقة صندوق النقد الدولي!!

(سيرياهوم نيوز10-4-2022)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الحرب على الوعي والمثقف الوطني المشتبك

  بقلم :د. حسن أحمد حسن   عندما يطوي السوريون تحت أقدامهم ثلاثة عشر عاماً من أقذر حرب عرفتها البشرية، ويفلحون في الحفاظ على كيان ...