| ناصر النجار
أنهى منتخبنا الكروي الأول معسكره الخارجي في الصين بفوز ثمين على أهل الأرض بهدف نظيف أمام جمهور كبير، والجميل في المباراة عندما شاهدنا الجمهور الصيني يصفق بحرارة لهدف منتخبنا ما يؤكد أن هذا الجمهور ذواق يصفق لكرة القدم وجمالها مهما كان مصدر الجمال.
منتخبنا بيّضها أخيراً بهذا الفوز بعد تعادل أشبه بالخسارة أمام ماليزيا 2/2 وقد رافق التعادل أداء سيئ ومستوى متواضع وخصوصاً في الشوط الثاني من المباراة.
رحلة المنتخب إلى الصين حملت العديد من الإيجابيات والكثير من السلبيات، وليس من الضرورة أن ينسينا الفوز على الصين الكثير من الملاحظات التي ندونها من باب المصلحة العامة ليس أكثر.
الفوز على الصين كان مهماً وثميناً وجميلاً وخصوصاً أنه كان وسط الصين وترافق بأداء مقبول وخصوصاً في الشوط الثاني، التشكيلة التي لعب بها المدرب الأرجنتيني هيكتور كوبر كانت مقبولة وبدا عليها الانسجام والتناغم، كما أن اللياقة كانت بأوجها عكس ما حدث في لقاء ماليزيا.
الوجوه الجديدة التي بدأت تأخذ مواقعها في المنتخب أثبتت وجودها ونخص بالذكر هنا ياسين سامية ومصطفى جنيد ومحمد الحلاق ونأمل بتعزيز صفوف المنتخب بلاعبين آخرين ليجدد المنتخب شبابه بعد أن بلغ الكثير من اللاعبين سن الهرم الكروي وعطاؤهم آخذ بالأفول ويمكن الاستعانة ببعض لاعبي المنتخب الأولمبي الذين كان لهم حضور سابق مع المنتخب الأول كمحمد ريحانية وعمار رمضان وغيرهما.
بيد أن المهم الذي يجب بحثه خط الدفاع، وإذا كان مدافعونا ومن معهم من لاعبي الارتكاز نجحوا بدرجة مقبولة في أداء مهامهم إلا أن هذا الخط الخلفي يفتقر إلى البدلاء المناسبين، وهنا تكمن المشكلة الأكبر في المنتخب ولابد من البحث عن الحلول.
المنتخب الصيني لم يكن في يوم سعده وأضاع لاعبوه العديد من الفرص المتاحة ولم تتم ترجمتها إلى أهداف وخصوصاً أن مهاجميه اصطدموا بخط دفاع متوازن وحارس متمكن لم يستطيعوا رغم الدقائق المئة التي كانت زمن المباراة أن يفكوا شفرة دفاعنا مع العلم أنه أتيحت لهم أكثر من عشر ركلات ركنية لم تتم الاستفادة منها.
ربما في المباراة ظلمنا تحكيمياً، فبعض خبراء التحكيم أقروا أن منتخبنا كان يستحق في الشوط الأول ركلة جزاء بعد الدفع الذي تعرض له مهاجمنا ياسين سامية، وحالة الهدف الملغى الذي سجله ياسين سامية بداعي التسلل شكك خبراء التحكيم بوقوع التسلل في الحالة، وهذا التحليل ليس له علاقة بالعاطفة فقانون كرة القدم لا يعترف بالانتماء والعواطف.
بكل الأحوال الفوز على الصين رغم أهميته المعنوية لكن كرتنا ولاعبينا كانوا بأشد الحاجة إليه ليخرجوا من دوامة النتائج الضبابية، ولكن علينا ألا ننام على حرير هذا الفوز فالمباريات الرسمية تختلف عن الودية وسنواجه في تصفيات المونديال القادم والنهائيات الآسيوية منتخبات أكثر وزناً وثقلاً من الصين كاليابان وأستراليا وأوزبكستان.
التقييم والخبرة
من النواحي السلبية التي يمكن ذكرها آلية العمل مع المنتخبات الوطنية فمن الطبيعي عندما يُولى الأمر لغير صاحب الاختصاص فإن النتيجة لن تكون على الشكل المرضي والسليم، وهذا الأمر يخص موضوع المنتخبات الوطنية تحديداً.
وبتنا اليوم نصدق أن هناك محاباة لبعض اللاعبين، وهناك من يضع العراقيل بوجه بعض اللاعبين، وهناك تقصير كبير في البحث عن لاعبين مهمين يلعبون هنا وهناك.
وبتنا اليوم نصدق أن وراء الأكمة ما وراءها، فهل فعلاً باب المنتخب مفتوح على مصراعيه للسماسرة وأصحاب الوساطات.
والملاحظات التي نضعها اليوم هي من باب المكاشفة وليست من باب الإدانة، لكن إن استمرت الأمور على هذا المنوال من تدخل لغير أهل العمل والخبرة، ومن تدخل لأصحاب النفوذ والحظوة فلا أظن أن الصمت سيطول وأن اتحاد الكرة سيقع بمطبات عديدة نتيجة ذلك.
ونحن نضع اللوم على اتحاد كرة القدم في نقطتين مهمتين جداً، أولهما: لجنة المنتخبات الوطنية يجب أن تضم في أعضائها الأسماء الطنانة الرنانة القادرة على اختيار أفضل اللاعبين، والقادرة على تقييم المدرب واللاعبين بآن معاً، ففاقد الشيء لا يعطيه، ولا يمكن لأي إداري أو مشرف أن يقوم بالتقييم الفني وإيجاد الحلول رغم أن الطاقم الإداري بلجنة المنتخبات الوطنية يقوم بعمله على أكمل وجه.
ثانيهما: عمل اللجنة مرتبط بالتواصل والتناغم مع الكادر الفني للمنتخب، وهذا الارتباط نجده مفقوداً ما دام الكادر الفني لا يحضر إلا في المعسكرات، وقد لا يعلم الكثير من التفاصيل عن كرتنا وكواليسها، حتى المدرب الوطني المقيم قد لا يملك الصلاحيات في الاختيار والتواصل وتدبير العمل وربما اقتصر عمله على المتابعة فقط.
الشيء المهم الذي يمكننا التأكيد عليه وهو من أكبر الأخطاء الكروية أن شؤون المنتخبات بعهدة من ليس لهم خبرة فنية، فالخبرة الفنية غائبة عن منتخباتنا، نحن لسنا ضد أن يرافق أي منتخب عضو من أعضاء الاتحاد، ولكن ضد أن يتجاوز مهامه الإدارية ليتدخل في أمور ليس له ناقة أو جمل فيها وخصوصاً أن أعضاء الاتحاد ليسوا من أهل الاختصاص وبعضهم حديثو النعمة بكرة القدم، لكن المشكلة الأكبر أن البعثات صارت تضم عضوين بدلاً من عضو واحد، ولا ندري ما المهام المنوطة بهما: لذلك نقول: السفر بداعي العمل والمتابعة أمر جيد، أما إذا كان بداعي السياحة فهو أمر خاطئ، وعلينا لندرك حقيقة هذا الأمر أن نحصي عدد سفرات كل عضو في عمر الاتحاد الذي تجاوز العام ببضعة أشهر ووقتها نعلم أن الأمر فيه (إنَّ)!
والطامة الكبرى أن أعضاء اتحاد الكرة يظنون أنهم سقف الكرة وأنهم الأعلم والأفضل لإدارة شؤون اللعبة، ولو أنهم اهتموا بالأمور الإدارية والتنظيمية واستعانوا بأهل الخبرة والدراية من الفنيين المختصين لكان ذلك خيراً لهم ولكرتنا.
لذلك غرقت كرتنا بشبر ماء وتراجعت كثيراً والشواهد على ما نقول كثيرة وهي معروفة لدى القاصي والداني وليست سراً على أحد، وربما معسكر الصين وما فيه وغيره من المعسكرات يدل على صدق حديثنا.
منتخبنا الأول تجاوز أغلب لاعبيه سن الثلاثين من العمر أي إنهم بلغوا السقف الكروي بمفهوم كرة الشرق أو الكرة العربية على الأقل وخصوصاً أن لاعبنا السوري غير محترف ولا يعرف من الاحتراف إلا المال، واللاعبون الذين تجاوزوا الثلاثين وبقوا على نضارتهم من الدول الأخرى هم لاعبون محترفون، امتهنوا كرة القدم، بينما الكثير من لاعبينا أهانوا كرة القدم، ولعل الغريب قبل القريب يعرف أن أغلب لاعبينا مدمنون على التدخين والنراجيل والسهر، وهذا يتنافى مع أبسط قواعد الاحتراف، لذلك وقف منتخبنا بلقاء ماليزيا في الشوط الثاني وبدا أغلب اللاعبين تعبين منهكين.
ومن هنا نعرف سر عدم رغبة الأندية العربية بالتعاقد مع لاعبينا وللأسف فإن أغلب لاعبينا بات مقعدهم محجوزاً في الأندية المغمورة بالدرجات الدنيا في بعض الدول العربية كالعراق والأردن ولبنان والبحرين وعُمان والكويت.
القادم أصعب
بكل الأحوال فإن معسكر الصين يمكن البناء عليه، ومباراتان إضافيتان للمنتخب في التوقف الثاني أمر جيد ونأمل أن تكون نوعية المباريات أفضل وأقوى.
المنتخبات التي ستواجهنا في البطولات الرسمية قوية ولا يستهان بها ففي التصفيات المؤهلة لكأس العام سنواجه اليابان وكوريا الشمالية وأحد فريقي مكاو أوميانمار وهذه التصفيات ستجري في تشرين الثاني القادم، من الطبيعي أن المنتخب الياباني يبهر العالم اليوم بأدائه ونتائجه وهو يستعد لما بعد التصفيات، فتأهله إلى النهائيات مسألة وقت. أما منتخب كوريا الشمالية فهو لغز محير، فتارة يكون صعب المراس، وتارة سهل المنال، ولاشك أن منتخبي مكاو وميانمار يمكن تجاوزهما بسهولة إن تعاملنا معهما بكامل الجدية والاحترام.
ويبدو أن النهائيات الآسيوية التي ستقام مطلع العام المقبل في قطر، ستكون أشد وأصعب ونحن نواجه أستراليا وأوزبكستان حتى المنتخب الهندي بات يخشى جانبه بعد التطور الكبير الذي طرأ على الكرة الهندية ومنتخباتها.
بكل الأحوال كل شيء ممكن، والأهم أن نعمل على الشق الدفاعي، فلعلنا نوفق بما يحتاجه المنتخب، والوقت قد يسعفنا لتحقيق ذلك وقد لا يسعفنا، وهو متعلق بمدى الاهتمام والجدية بالتعامل مع هذه المسائل الضرورية والحيوية.
أخيراً وجه التفاؤل في الموضوع أن المدرب الأرجنتيني فهم كرتنا وهضم لاعبينا وهذا عرفناه من خلال تشكيلته للمنتخب بالمباراة مع الصين وكيفية قيادته لها.
في عام
لعب منتخبنا في عام 12 مباراة، فاز في مباراتين وتعادل في واحدة وخسر تسعاً.
البداية مع المدرب الوطني حسام السيد، حيث خاض المنتخب معه سبع مباريات خسرها جميعاً، أولها يوم 23/9/2022 وآخرها يوم 30/12/2022 وكانت الخسائر على التوالي مع الأردن صفر/2 والعراق صفر/1 والجزائر المحلي صفر/1 وبيلاروسيا صفر/1 وفنزويلا 1/2 ومع عُمان مرتين 1/2 وصفر/1.
مع المدرب الأرجنتيني هيكتور كوبر لعب منتخبنا خمس مباريات اعتباراً من 25/3/2023 ففاز على تايلاند 3/1 والصين 1/صفر وتعادل مع ماليزيا 2/2 وخسر أمام البحرين صفر/1 وفيتنام صفر/1 وسجل لاعبونا ثمانية أهداف ودخل مرمانا 15 هدفاً.
سيرياهوم نيوز3 – الوطن