سلمان عيسى
تابعت بشغف شديد المحطات الاخيرة لزملاء واساتذة عظام .. اساتذة يشهد لهم تاريخهم المهني وسمعتهم وارشيف حياتهم .. ارثهم الثقافي الذي تحتضنه صفحات الصحف التي ننتمي اليها مهنيا واخلاقيا واجتماعيا .. وتلك التي كنا نطلق عليها تحبباً ( الصحف المعادية ) .. الثورة والبعث .. لاننا كنا نفترض ان هذه الصحف كانت تتنافس مع تشرين ( المقدّسة ) على تسجيل اكثر نسبة للمتابعة، ليس وفق معطيات وسائل التواصل الاجتماعي التي لم تكن موجودة الى امد قريب .. بل وفق معطيات مؤسسة توزيع المطبوعات التي تم ( طي اسمها لتصبح في عداد المؤسسات المنسية ) عقود من العمل في ظروف صعبة وقاسية طويت واسلمت روحها الى قرار صادم سحب في غفلة من الانتباه عقوداً من الجهد الاعلامي الذي يؤرخ لدولة كانت تتباهى بالقانون .. كانت تحسب الف حساب للكلمة الصادقة التي قدت من حبر ..
في نيسان من عام ١٩٨٧ وقفت بباب ( تشرين ) كطالب علم وعمل .. لم اكن متسولاً لوظيفة، بل كنت اؤمن ان فرصة ما ستوصلني الى الحرف .. اللغة وهموم الناس ..
محطات كثيرة عبرتها منذ ذلك التاريخ .. بعضها مؤلم ، وبعضها ما زال يحفر في ذاكرتي الكثير من السعادة .. خاصة تلك المحطات التي جمعتني بأصدقاء وصديقات يطوعون الحروف لإيصال رسائل البشرى والامل والسعادة .. وفي احيان اخرى، رسائل وجع تمزق الاحلام ..
قال لي رجل عجوز ذات يوم، وهو يتحدث عن شاب طموح في قريته قائلا : فلان ( اعتذر عن ذكر الاسماء ) انه يا دوب باش كاتب .. اذكرها هكذا على حبتها كما يقال .. وهو يملك كذا .. وكذا .. وكذا ..؟!
قلت : فلان هذا ليس ( باش كاتب ) انه شخص خدمته وظيفته بأن يتنقل بين عدة عواصم عربية واجنبية هو وزوجته .. ولأنه ليس متيماً بالسهر وتبذير الاموال فقد حقق ثروة يشك بها ( المغرضين ) …
هذه ليست براءة ذمة لا لي ولا لأحد من اصدقائي .. انها كلمة حق اقولها في نهاية خدمتي الوظيفية التي ستنتهي بعد حوالي الشهر .. كنت اود ان اقولها في صحيفتي ( تشرين ) التي اطعمتني .. وأوتني لأكثر من ثلاثة عقود .. سنقول الكثير في منابر اخرى .. لكن لون تشرين الازرق الذي شوهته مسؤولة معارضة .. سيعاد بعد ان يشبع ( الظرفاء ) من ضرع الحكومة ..؟!
(خاص لموقع سيرياهوم نيوز ١)