الرئيسية » ثقافة وفن » من وحي مؤتمر اتحاد الكتّاب العرب في سورية..!

من وحي مؤتمر اتحاد الكتّاب العرب في سورية..!

 

مريم خير بك

رجلٌ ثمانينيٌ من جيلٍ فطريّ الإنتماءِ والفكر الوطنيّ نظر إليَّ وقال والحزن بادٍ في تعابير وجهه ونبرة صوته :
ياابنتي…أنا أعرف أنَّ الأحزاب قد تشيخ كما الإنسان لكنني شديد الحزن على حزبٍ شكَّل يوماً ثورة حقيقية في المجتمع ..
تصوري ياابنتي أننا حينها ، ونحن نقطع المسافات الطويلة الوعرة مشياً على أقدامنا كي نقوم بمهمةٍ من أجل إنجاح حزبنا الوطني تعبت أجسادنا ، واهترأت أحذيتنا ، لكنَّ أرواحنا ظلَّت متباهية بما نقوم به ، لذلك كان أحدنا يضع رجْلاً على الأخرى بكلِّ تباهٍ وهو يجلس ليرى الناسُ نعلَه المرقَّع ….
الآن …آه…..وصمت لحظاتٍ شارداً ساهماً ، وأكمل :
الآن صار بعض الحزبيين يضع رجْلاً على رِجْلٍ ليرى الناسُ أن أحذيتهم التي تلمع إيطالية ، فهم لايمشون ولا تكسو الغبار أحذيتهم بل تنتظرهم السيارات الفارهه ، التي لو استطاعوا لجعلوا كراجاتها داخل منازلهم .

ومرَّت سنوات على هذا الكلام ، وبدأت (ثورة)الإرهاب ، التي طلبت رؤوس الحزبيين بعد أن صار بعضهم خارج الوطن بوقاً لهذه (الثورة ) وبقي من بقي ، فارتفعت أصواتنا دفاعاً : هذا الحزب كباقي الأحزاب فيه الصالح وفيه الطالح .
لكنَّ لحظات الغوغاء التي توصي الصهيونية دائما باستغلالها في مخططاتها تحاول تدمير كل شيئ في الوطن ..
وتمرُّ سنوات يدفع فيه الشعب ثمناً باهظاً لحرب لم تنتهِ ، وفرَّخت حروباً تطال كلَّ شيئ في حياتنا ، التي انتشر فيها الجمود والضعف وكل سلبيات الحرب التي لم يشهد التاريخ البشري مثيلاً لها…
ومع كلِّ أشكال التدمير للدولة والمجتمع ، وارتفاع احتجاج الناس على الفساد وضيق الحال مازلنا ننتظر كلما ظهر مسؤولٌ حزبي أم غير حزبي بارقة أمل تطمئننا أنْ لاخوفَ من فسادٍ سَيُحارَب ، واحتلالٍ سيزول، لذلك كنا قبل أن يبدأ مؤتمر إتحاد الكتَّاب نفكر بما سيحمله لنا المسؤولون ، وبما سنكتبه من جديد ، لأننا بالنسبة للإتحاد وإدارته الممثَّله بالدكتور محمد حوراني رئيساً ، والأديب توفيق أحمد نائباً للرئيس ، ورئيس تحرير جريدة الأسبوع الأدبي ، وباقي أعضاء المكتب التنفيذي خلال الفترة الماضية كنا على إطلاع مباشر على كل جهدٍ يبذلونه كي ينجح المؤتمر وجميع النشاطات قبله ، مع تكرار بعضهم لنا : انتقدونا..اكتبوا عنا حتَّى لو قسوتم ، اطرحوا آراءكم بما نقدمه …
ولعلَّ هذا الأمر من فضائل الإدارة التي منحت جو المؤتمر ومناقشاته حول الكثير من الجزئيات الألفة والتفاهم والمصارحه ..
لكنَّ عتبنا كان على القيادي الحزبي والسيدة وزيرة الثقافة الَّلذَين كنا ننتظر منهما كلمة أو حواراً يجيب على تساؤلات كثيرة في أصعب مرحلة من تاريخ البشرية وتاريخ منطقتنا ووطننا ، على المستوى السياسي وعلى جميع المستويات ، لاسيما الثقافة ، التي كانت وعاءَ الفكر الذي هوجِم به الوطن ، وكان حاملاً لجميع المعارك الأخرى من سياسية وعسكرية و…و…و…
الدكتور محمد حوراني ألقى كلمته التي تناولت مفاصل هامة في حياتنا وفي أحداث المنطقة ، من غزَّة إلى داخلنا السوري ( فكفَّى ووفَّى)لما يتطلبه الظرف من إيجاز ، ولما يُنتظَر في القسم التالي للمؤتمر من حوار ومناقشات ..

أما السيدة وزيرة الثقافة التي مثَّلت السيد رئيس مجلس الوزراء ، ورغم ماتعيشه ثقافتنا من جمود وضعف قياساً بأهمية المرحلة وطنياً وعربياً وعالمياً فإنها اكتفت بخطاب ترك بعده فراغاً تتوه فيه عقولنا بالكثير من الأسئلة التي لم تنَل الإجابه عن دور الثقافة في هكذا مرحلة وهكذا حرب فكرية قبل أن تكون عسكرية ، وعن دور المسؤول في اجتراح المعجزات كي ينهض اتجاة الوطن والشعب بمسؤوليته على أتم وجه .

أسئلة عادت لتضج بها عقول الحضور دون جواب مع عبارات المسؤول الحزبي ، الذي كان نهج كلامه كما العام السابق..
عبارات عاميَّة في مؤتمر للكتَّاب تُحدِّثُنا عن حروب أمريكا وأوروبا وروسيا المدمِّرة ، لكنه لايكمل لنا ماكان من نهوض هذه الدول ، ولو أكمل لكان الحديث قد أخذ منحى مهمَّاً ، ولتعلمنا كيف نهضت هذه الدول لتحكم العالم .
ولو سيقت أحداث هامة أخرى كانهيار الإتحاد السوفياتي الذي نهض بعد عقود دولةً عظمى ، وكإيران التي كانت تسير بأمر الكيان والآن تهدد الكيان وأمريكا وتشكل لهما رعباً ، والصين التي أضحت قوة إقتصادية وسياسية عظمى لوصلتنا العِظة ….لكن؟!!!!!
لاسيما والحديث عن الفساد يأخذ جزءاً يسيراً من اهتمامه ، منقولاً عن لسان السيد رئيس الجمهورية ، الذي حين يتحدث به إلى مسؤولي الدولة كرئيس يعني لنا أن السيد الرئيس يلفت انتباه المسؤولين إلى خطأ في أدائهم لمهماتهم أدى إلى الفساد أكانوا مسؤولين في الحزب أم لا ، وأنَّ عليهم العمل لتحقيق تطلعات الشعب كحزبيين بشكل خاص .
لكن أن يُنقل الكلام وكأن المسؤول الحزبي بمنأى عن المسؤولية ، وعن كل ماهو مسؤول عنه قولاً وعملاً ، وعن محاربة الفساد رغم يد الحزب الطولى في كل مفاصل الدولة ، وعن دوره الوطني الهام والحساس جداً ، لاسيما في محاربة الفاسدين الحزبيين الذين يتغطون بانتمائهم الحزبي فهذا مانتوقف عنده ونحن ننتظر المستقبل وما يحمله لنا من الخير .

 

 

(سيرياهوم نيوز ٢-مجموعة الشؤون المهنية والاجتماعية)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

وإنّما أولادُنا بيننا.. أكبادُنا تمشي على الأرضِ … في يوم الطفل العالمي.. شعراء تغنوا بالطفولة

  قد تجف أقلام الأدباء وتنضب أبيات الشعراء ولا ينتهي الحديث عن جمال الأطفال وذكريات الطفولة في عمر الإنسان؛ فالطفولة عالم مملوء بالحب والضحك والسعادة، ...