كتب: عدنان عزام
الاخوات ,الاخوة السوريون
يا من غادر النوم عيونهم , ألماً لألام الوطن .
في هذا الظرف العصيب , أسجل ما يعتمل في داخلي , من جحيم وجودي , بكلمات مختصرة , نابعة من الصميم , كلمات أنثرها وسط الفضاءالمحيط بنا و المزدحم بالمحللين و المنظرين و الاعلاميين الذين يعطون الدروس بالوطنية و المعارضة و النضال .
أتساءل أين كان يختبئ كل هذا الكلام , كل هذا الحقد الدفين , كل هذه المواهب الخطابية !؟
المتكلمون عبر وسائل التواصل لا يملكون مفاتيح الحل و الربط , بينما لم نسمع و لم نشاهد أحداً ممن ننتظر كلامهم , و المناط بهم الكلام و الشرح و إيجاد الحلول , مدراء , وزراء , قيادات حزبية !
علما بأنني أتابع ليل نهار المأساة , المحنة التي يعيشها وطننا و تهدّد وجودنا .
نعم نعيش أخطر مراحل وجود الدولة السورية الحديثة منذ مئة عام .
أقول هذا من وحي بيئتي التي نشأت بها و ثقافتيالتي كونتها منذ خمسين عاما
أقول هذا من معرفتي بوطني من أقصاه إلى أقصاه و معرفتي بالعالم أجمع وخاصة الغرب ….. ال ص ه ي و ن ي …. و ذهنيته الاستعمارية المجرمة التي ارتكبت ابشع المجازر عبر التاريخ .
ولدت لعائلة وطنية في قريتي الدويرة غرب مدينة السويداء , حيث كل احاديثنا عن بطولات الأباء و الأجداد ضد العثمانيين و الفرنسيين .
الوالد يحدثنا عن جده المجاهد قفطان عزام و شقيقه المجاهد رشراش عزام اللذين كانا من الشخصيات الهامة في جبل العرب .
الوالدة تحدثنا عن والدها , جدي المجاهد أحمد كيوان الذي كان يقارع الاستعمار
أهل القرية يذكرون لنا بفرح عارم استقبالهم للرئيس جمال عبد الناصر عندما مر في قرية الدور المجاورة بطريقه الى السويداء .
الذكرى الأولى المطبوعة في ذاكرتي هي قيامنا بجمع القمح من أهالي قريتنا لارساله الى أهلنا في الجزائر التي كانت تقارع الاستعمار الفرنسي .
أذكر دائما باعتزاز كبير زيارة القائد العام للثورة السورية الكبرى سلطان الأطرش إلى مضافتنا , وكيف كان يقف العم أبو خليل إبراهيم امامه لينشد له الاشعار التي سطرت ملحمة نضالهم ضد المستعمر .
تفخر قريتنا بمدخلها الذي يزينه صرح الشهداء ,للشهيد الطيار احمد عزام و الشهيد الطيار مهنا مطرد و الشهيد الملازم تركي الصفدي و غيرهم الكثير من الشهداء رحمهم الله .
أذكر أيضاً عندما خرجنا مع جماهير السويداء لاستقبال الرئيس حافظ الأسد في سبعينات القرن الماضي .
نعم …….. (هذول احنا) حياتنا كلها وطن و وطنية مجبولة بالايمان العميق و كذلك بالتواضع العاقل فلا نعطي دروساً لأحد و لا نقبل دروساً من أحد .
كنا نعيش فرحا عظيما بولادة الدولة السورية الحديثة , المنتفضة من رماد مئات سنين الاحتلال والاقطاع و التخلف , و على كل من يتكلم في الشأن العام أن يعرف هذه الحقائق و يعرف أن البعث و غيره من الأحزاب التقدمية , هم من عبّد لنا الطريق إلى العلم و الوجود الكريم بين الأمم .
عاش السوريون مئات السنين في الفقر و الحاجة تحت نير الاحتلال و نير استغلال الأقطاعيين والآغوات الذين كانوا يمتصون دماءهم و يستبيحون اعراضهم .
لذلك نتشبث بالدولة السورية الحديثة , و ما حصل فيما بعد من أخطاء قاتلة فيها , مُدوّن في التاريخ و التاريخ كفيل بمحاسبة مرتكبيها و محاسبة أبنائهم و احفادهم , كما يحصل في العديد من دول العالم .
الدولة السورية الحديثة حاولت تحريرنا من ظلامية المعتقدات التي حوّلت الأديان إلى طوائف متعصبة , لذلك لم أر في طفولتي الرموز الدينية إلّا في دور العبادة , بالرغم من أن أهلنا كانوا و مازالوا مؤمنين طيبين . و على كل من يستقوي على الدولة السورية الحديثة بالرموز الدينية أن يعلم أنه يُعيدنا إلى القرون الوسطى و يربطنا بالدولة ….. ال ع ب ر ي ة …..
لم أفكر يوما أننا سنعيش هذا الشحن الطائفي المدمر الذي نسمعه اليوم .
لم أفكر أبداً أنني سأسمع يوما المنابزات الطائفية بين الأخوة و أبناء العم , أبناء الوطن الواحد , الذين يتهمون و يخوّنون بعضهم بعضاً .
من المستفيد من هذه الجريمة
المستفيد من هذه الجريمة هو العدو الص……..ه. ي و ني وأعوانه القلائل الموجودين في كل المحافظات !
نعم الحرب على سورية جريمة يرتكبها العدو و يشارك بها كل سوري مناط به عمل رسمي لا يقوم به على اكمل وجه , في كافة القطاعات العسكرية و المدنية
و على كافة المستويات الإدارية و الحزبية و خاصة الوزراء المعنيين و المحافظين
لن أدخل في التفاصيل , كلكم تعرفون العوامل المساعدة للعدو على اشعال الفتن في وطننا , من تسيّب و ترهل و فساد و محسوبية , كل هذا أوصلنا إلى ما نحن به اليوم و التاريخ لن يرحمنا .
نعم يعمل العدو جاهدا للايقاع بنا , ولم و لن يتوقف يوما واحدا , و لا شك أنكم سمعتم ما يُحاك ضدنا اليوم في الكونغرس الأمريكي , على يد عضو لجنة العلاقات الخارجية عن الحزب الجمهوري , النائب جو ويلسون الذي قدم مشروع القانون
h r 3202
وينص هذا القانون على محاسبة كل دولة تتعامل مع سورية او تحاول التطبيع معها و يُلغي كلالتسهيلات التي تم السماح بها اثر الزلزال الذي ضرب سورية , وأفاد النائب المجرم جو ويلسون أنه يهدف إلى جعل الشعب السوري يعيش سنوات طويلة تحت الحصار .
وهنا لا بد من التساؤل لماذا عادت أمريكا الى الاهتمام بمنطقتنا بكل هذه القوة بعد أن أعلنت ان الشرق الأوسط لم يعد منطقة مهمة لها و ستركز قوتها في شرق أسيا لمواجهة الخطر الصيني .
ليس من الصعب فهم ذلك لكل مراقب للسياسة الدولية , إذ ان أمريكا تخسر معركتها في أوكرانيا و اصبحت هذه الحرب تشكل نزفا ماليا كبيرا لها و تصدّعا لحلفائها في الدول الاوربية .
كما انها تخسر في مواجهتها مع الصين التي تهدد كيانها وخاصة بعد قيام مجموعة البركس , وشعور القيادة الامريكية أنّها ستكون في خطر خلال الانتخابات القادمة و هي في حالة الضعف هذه , لذلك قررت الدولة العميقة الامريكية العودة الى منطقة الشرق الأوسط وتحقيق انتصارات عسكرية في سورية و الضغط على ايران و قطع طريق الحرير على الصين .
نعم هكذا يفكر و يقرّر صانعو القرار في الحزب الديمقراطي لكي يضمنوا النجاح في الانتخابات القادمة , و للعلم أقول أن معظم الدول الاستعمارية تشن حروبا قبيل الانتخابات , دون الاخذ بعين الاعتبار الجوانب الإنسانية و الأخلاقية .
نعم نحن على صفيح ساخن يهدّد وجودنا و يجعلنا نقول انه التحدي الأخطر للدولة السورية الحديثة , و كل هذا يتطلب منا الحيطة و الحذر و التفكير الوجداني العميق بوطننا و عدم الانشغال عنه بما يعتبره كل منا مكاسب شخصية له .
أطرح رأيي دون أن يكلفني احد بذلك و لا أمثّل إلّا نفسي , وحده انتمائي الوطني يدفعني إلى ذلك , لا الزم أحدا بآرائي هذه و لا أسمح لأحد بتقييمها , لأن المرحلة خطيرة و تهدّد وجودنا كشعب و كدولة , و كل الدول التي تدخلت بها القوى المعادية شاهدة على ما أقول , أي أنها تتعرض للدمار و الحروب الأهلية .
لنضع المصلحة العليا فوق كل الاعتبارات , و نطالب بحكومة قادرة على البدء بإصلاحات فورية تحمي الوطن و تحصّن جبهته الداخلية , ونطالب أنفسنا بالتوقف فوراً عن هدم مؤسسات الدولة و رموزها .
اتابع ما يجري في العالم منذ خمسين عاما و لم أر أيّ تظاهرة تمنع الناس من الوصول إلى أعمالهم .
= لماذا تحاولون أن تُصلحوا ما تعتقدونه خطأ بخطئ أكبر ؟
= لماذا تتصرفون ( بفكر دكتاتوري من خلال جر الناس بالقوة إلى التظاهر ) إذا كنتم فعلا تنشدون الديمقراطية ؟
= لماذا تعيبون على الدولة اختيار حلفاء لها ( ايران و روسيا ) و انتم تعملون مع الأعداء التاريخيين لوجودنا , الذين يحتلون ارضنا و ينهبون بترولنا و يحرقون قمحنا .
هذا رأيي الذي يمثلني لا أفرضه على أحد , لكنني على يقين و دراية أنه سينتصر رغم كل أنواع الهستيريا البروباغندية التي يحاول العدو فرضها علينا .
النصر للجيش العربي السوري
النصر لسورية
عدنان عزام
30-8-2023